أكدت الأخصائية في الإرشاد الشخصي والمهني، وسُمية سليمان الحميدي، في تصريح ل«الرياض»، أن مفهوم «هندسة الحياة» أو «تصميم الحياة» يعد من المفاهيم الحديثة التي تهدف إلى تمكين الأفراد من رسم معالم مستقبلهم من خلال أدوات تخطيطية واضحة ومحددة. وأوضحت الحميدي أن غياب «خريطة الطريق» في حياة الإنسان قد يؤدي إلى تضييع الوقت والجهد والمال، وربما التأثير سلباً في جودة الحياة، مشيرة إلى أن امتلاك تصور واضح للمسار المطلوب، مع وجود بدائل مرنة، من شأنه أن يعزز فرص الوصول إلى الأهداف. وأضافت أن الفكرة الرئيسة في «تصميم الحياة» تتمثل في بناء خطة قائمة على التجربة، والنمو الشخصي، وتحليل الخبرات السابقة، إلى جانب الاستفادة من أدوات عالمية تقيس السمات الشخصية مثل: ديسك، بيركمان، مابس، وجالوب للموهبة، والتي تساعد في اكتشاف القدرات والمواهب وتوجيهها بشكل أمثل. وشددت الحميدي على أهمية معرفة نقاط القوة والضعف، باعتبارها المدخل الأساس للاستثمار الأمثل للذات، مؤكدة أن القيم والمبادئ الشخصية تمثل البوصلة التي توجه الفرد وتمنحه القدرة على الثبات في مسيرته نحو أهدافه. وحذّرت من أن امتلاك الموارد وحده لا يكفي لتحقيق الأهداف ما لم تكن هناك صورة ذهنية واضحة ومحدثة عن الذات، لافتة إلى أن هذه الصورة تُعد «القطعة المفقودة» في رحلة تحقيق الطموحات، وتشبه ما يُفتقد في تركيب أحجية البازل. وأضافت أن الكثيرين يرسمون خططاً شخصية ويحددون أهدافهم، إلا أن الصور الذهنية القديمة عن ذواتهم تعوقهم عن التقدّم، مشيرة إلى أن الشاب المقبل على الزواج، على سبيل المثال، بحاجة إلى تحديث هويته الفكرية لتتلاءم مع دوره الجديد، كما هو الحال مع من يسعى إلى الثروة دون أن يُحدث عقليته بما يناسب طموحه المالي. وبيّنت أن تحديث الهوية الشخصية ينبغي أن يستند إلى بيانات داخلية دقيقة تشمل الرسالة والأهداف والقيم، ما يتيح بناء حياة أسرية أو مهنية ناجحة على أسس متينة. وختمت الحميدي بالإجابة عن سؤال: «لماذا نحتاج إلى تصميم حياتنا؟» موضحة أن أولى الدوافع تتمثل في تحقيق الرضا لله عز وجل، امتثالاً لقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162-163]، مؤكدة أن وضوح الرؤية يمنح الحياة معنى، ويحصّن الأفراد من محاولات الآخرين لرسم مساراتهم بالنيابة عنهم. وأضافت: «الحياة المصممة وفق رؤية وقيم ورسالة واضحة تختلف جذرياً عن حياة الفوضى والتخبط».