رئيس جمهورية غويانا التعاونية يغادر الرياض    روائع الأوركسترا السعودية تعود إلى الرياض في نوفمبر    ارتفاع الوفيات المرتبطة بالحرارة عالميا 23٪ منذ التسعينيات    الإحصاء: الإيرادات التشغيلية في قطاع الأعمال تنمو بنسبة 3.9% خلال 2024م    بإشراف وزارة الطاقة ..السعودية للكهرباء و إي دي إف باور سلوشنز تفوزان بمشروع صامطة للطاقة الشمسية    125 مشروع بحث علمي لطلبة الأحساء في معرض " إبداع 2026 "    أوكرانيا تستهدف موسكو بمسيرات لليلة الثالثة    الإجنماع الأول للتعريف ببرنامج المُدن الصحية    ترامب: إنجاز اتفاق تجاري مع كوريا الجنوبية "قريب جدا"    ارتفاع اسعار الذهب    الاحتلال يشن غارة جوية على الضفة الغربية    إدانة دولية لقتل المدنيين.. مجلس السيادة السوداني: سقوط الفاشر لا يعني النهاية    أطلقها نائب وزير البيئة لدعم الابتكار.. 10 آلاف مصدر علمي بمنصة «نبراس»    استعرض معهما العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين.. الرئيس السوري يبحث مع وزيري الداخلية والخارجية تعزيز التعاون    تحاكي الواقع وتقيس الكفاءة والدقة.. مسابقات بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ.. إثارة وتشويق    الاتحاد يقصي النصر من كأس خادم الحرمين الشريفين    أكد أن الاتفاق مع باكستان امتداد لترسيخ العلاقات الأخوية.. مجلس الوزراء: مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار يدفع نحو التنمية والازدهار    بدء التقديم على برنامج ابتعاث لتدريس اللغة الصينية    التعلم وأزمة المعايير الجاهزة    استعرض تميز التحول الاقتصادي وثمار الرؤية بقيادة ولي العهد.. الرميان: العالم يأتي إلى المملكة وثروتها تقاس بازدهار الإنسان    تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بما يخدم المصالح المشتركة.. إطلاق تعاون اقتصادي بين السعودية وباكستان    الإعلام السياحي على مجهر «ملتقى المبدعين»    «من أول وجديد» 15 حلقة    سعود بن بندر يطلع على أعمال "آفاق"    نفوذ بلا ضجيج.. القوة الناعمة في الإعلام    تعزيز العلاقات التركية - السعودية وسط الفرص والتحديات    يايسله يؤكد جاهزية جالينو    تبوك تستعد للأمطار بفرضيات لمخاطر السيول    المناطيد تكشف أسرار العلا    "وثيقة تاريخية" تبرز اهتمام المملكة بالإرشاد التعليمي    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضخماً من البنكرياس ويعيد بناء الوريد البابي    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يُجري الفحوصات الطبية للملاكمين المشاركين بنزالات موسم الرياض    منتديات نوعية ترسم ملامح مستقبل الصحة العالمية    قصيدة النثر بين الأمس واليوم    الهلال يكسب الأخدود ويبلغ ربع نهائي كأس الملك    بنزيما: الاتحاد أظهر رغبته في الفوز على النصر منذ البداية    أفراح ابن سلطان والعزام    فيصل المحمدي من بيت امتلأ بالصور إلى قلب يسكنه التصوير    انطلاق منافسات بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ بسباق تسلق البرج بالسلالم    فترة الإنذار يالضمان الاجتماعي    أجور الحدادين والرمل والأسمنت ترفع تكاليف البناء    ولادة توأم من بويضات متجمدة    العلماء يحذرون من الموز في العصائر    54 مليون قاصد للحرمين خلال شهر    أمير منطقة جازان ونائبه يقدمان واجب العزاء للدكتور حسن الحازمي في وفاة نجله    السعودية تدين الانتهاكات الإنسانية الجسيمة لقوات الدعم السريع في الفاشر    تعديل مواد في نظام مقدمي خدمة حجاج الخارج    مفتي عام المملكة يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    أمير تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    نائب أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء بالمنطقة    أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء في المنطقة    كباشي: شكراً صحيفة «البلاد»    القيادة تعزّي ملك مملكة تايلند في وفاة والدته الملكة سيريكيت    نائب أمير الشرقية يطّلع على جهود "انتماء وطني"    رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية يغادر المدينة المنورة    أكثر من 11.7 مليون عمرة خلال ربيع الآخر    أثنى على جهود آل الشيخ.. المفتي: الملك وولي العهد يدعمان جهاز الإفتاء    المعجب: القيادة حريصة على تطوير البيئة التشريعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العدو إثنان وليس واحداً
نشر في الحياة يوم 18 - 12 - 2000

لا يكاد يمضي بعض الوقت حتى يطلع النظام العراقي بمفاجآت أقرب ما تكون الى ألعاب بهلوانية سمجة. وآخر هذه "المفاجآت" صدور الأوامر إلى قادة الجيش والضباط بضرورة استعجال تسليم مذكراتهم أثناء الحرب العراقية - الإيرانية وحرب الخليج الثانية مقابل مكافآت سخية.
وهنا لن نجادل في أي عمل أدبي يمكن كتابته أو مذكرات يمكن روايتها إذا ما جاءت نتيجة لأوامر، خصوصاً حين تكون أوامر بلا خيارات، فإما تنفيذها أو... الإعدام! فعملية التنفيذ في مثل هذه الأحوال ليست اجبارية فحسب، بل هي حال من الارغام للعقل والذهن لاصطناع الذكريات والأحداث أيضاً، فالمهم هو تنفيذ الأوامر.
ولعل الشرط الأساسي غير المعلن في هذا الصدد أن المذكرات يجب أن تسرد "بطولات" القيادة العراقية. وكما قلنا، فلسنا بصدد مناقشة الجانب الأدبي أو المعلوماتي، ولكن ثمة جانباً مهماً ومثيراً في هذا الموضوع، وهو أن صدور هذه الأوامر له دلالات ومعانٍ معينة، أبرزها أن مفهوم الحرب ونزعتها لا تزالان موجودتين لدى النظام العراقي، وان هذا النظام اختار عدم الاستفادة من دروس الأعوام العشرة الماضية.
لا شك ان المتابع للأحداث في بغداد منذ حرب تحرير الكويت من براثن الاحتلال العراقي في عام 1991 يجد نفسه أمام مسرحية نسجتها مخيلة مريضة ورؤية مضطربة.
فالجزء الأول من المسرحية خلال الأعوام العشرة الماضية بدأ مع الأيام الأولى للغزو العراقي للكويت، حين أعلن صدام حسين أنه في صدد تحرير فلسطين مروراً بالكويت! فيما انطلق الجزء الثاني من المسرحية في تسمية هزيمة الجيش العراقي وانسحابه من الكويت عام 1991 ب "أم المعارك"!
اليوم تتكرر المسرحية من خلال إعلان عدم التعامل مع الدولار الأميركي والمطالبة بمقاطعة عربية لأميركا وتعبئة الشعب العراقي المغلوب على أمره بمجد الجهاد وتحرير فلسطين، وتلبية نداء الواجب والشهادة والتبرع من خلال برنامج النفط مقابل الغذاء بمبلغ 900 مليون دولار أميركي للانتفاضة الفلسطينية، في الوقت الذي يفترض أن تكون المعاناة في العراق بلغت ذروتها، إضافة إلى الإدراك المفاجئ والادعاء بوجود أسرى عراقيين لدى الكويت على رغم مرور عشرة أعوام على الغزو وحرب التحرير.
لا شك ان نموذج النظام العراقي يشكل حالة شاذة في تاريخ البشرية، ولا شك أيضاً أن شعب العراق في الداخل لا يملك سوى مجاراة هذا النظام الدموي على رغم انه يعرف الغايات من المزايدة في ما يتعلق بانتفاضة القدس معروفة، فزمن دغدغة المشاعر العربية ولّى وراح. ولكن ثمة ما هو غير مفهوم، وهو الضجة التي يثيرها بعض الأنظمة والجهات والأفراد أيضاً في ما يتعلق بمعاناة الشعب العراقي والمطالبة بفك الحصار عن العراق.
من المؤكد أن النظام العراقي وحده الذي يمانع مساعدة شعب العراق ورفع معاناته وليس سواه، والشواهد والبراهين على ذلك كثيرة... ما هو غير مفهوم فعلاً، وغريب أيضاً، أن تثار هذه الضجة في وقت لا نزال نجهل ما اذا كان الشعب العراقي في الداخل سيستفيد فعلاً من رفع الحصار؟ وما إاذا كان ملايين من الشعب العراقي في الخارج سيتمكنون أيضاً من العودة إلى بغداد مكرمين معززين أحراراً؟ وهل عودة الأسرى والمفقودين الكويتيين وغيرهم باتت وشيكة؟! وما هي الضمانات بعدم تكرار ممارسات الغدر والتآمر للنظام العراقي على أمن واستقرار منطقة الخليج والمنطقة العربية ككل؟!
تساؤلات مشروعة عدة لا تزال قائمة، وهي تستند إلى جملة من العوامل والشواهد أيضاً، فملف النظام العراقي مليء بالمفاجآت والمؤامرات، وربما أحدث خطة تآمرية للنظام العراقي، ما كشفته إحدى الصحف البريطانية أخيراً، نقلاً عن أحد عناصر المخابرات العراقية بمخطط تكثيف العمليات التآمرية ضد الجارة المسلمة إيران.
جملة من الظروف والأسباب تستدعي عدم اغلاق ملف النظام العراقي بهذه البساطة والتساهل، فهذا الملف ملطخ بدماء شهداء العراق الذين زجّ به بحروب وهمية، وملطخ أيضاً بدماء شهداء إيران الجارة المسلمة، وهو الملف نفسه الذي لا تزال تفوح منه رائحة دم شهداء الكويت وهم العرب المسلمون.
أسباب وبراهين عدة تستدعي التعامل بحذر شديد مع الدعاية الغوغائية والدعوات الممجوجة للنظام العراقي، وتستدعي أيضاً التمعن والانتباه إلى من يسعى إلى التكسب والتنفع باسم معاناة الشعب العراقي، وفيّ من فعلاً يسعى إلى تهيئة حياة كريمة مفعمة بالحرية والامان للشعب العراقي في الداخل والخارج وشعوب دول المنطقة ككل.
هناك دوافع وغايات عدة وراء استجابة بعض الدول والجهات لدعوات النظام العراقي، وهناك أيضاً دول تبحث عن دور ما في خضم ما يجري بشأن العراق، وربما ذلك مشروع في المعترك السياسي، ولكن كل هذا يفقد المشروعية إذا ما كانت النتائج بعكس مصالح الشعب العراقي وشعوب ودول منطقة الخليج وعلى حساب أمن واستقرار منطقة الخليج.
إغلاق ملف النظام العراقي لا ينبغي أن يكون نتيجة مكاسب وغايات ذاتية أو أدوار معينة، فثمة أجيال عربية لا زالت تجهل التفسير لما حدث في الثاني من آب اغسطس 1990، فالعدو قبل هذا التاريخ كان بالنسبة اليهم دوماً إسرائيل، وبعده أصبح العدو اثنين إسرائيل والنظام العراقي.
* كاتب وصحافي كويتي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.