يبدو الأطباء والعاملون الصحيّون كأنهم لا يملون الحديث عن السكري وأعراضه وطريقة حدوثه والعناصر المؤهلة للاصابة به وسبل العلاج المختلفة، وما الى ذلك من المواضيع التي تكفل جلاء صورة المرض. وعلى رغم تلك الجهود الحثيثة التي باتت مؤيدة باستمرار من سيول الكتابة في الصحف والمجلات، والبرامج المذاعة، مرئية ومسموعة، تشير المسوحات دوماً الى وجود نقص مهم في المعلومات العامة عن السكري. والحال ان مدى توافر المعلومات الصحية يتفاوت بين بلد وآخر، وكذلك بين الشرائح الاجتماعية المختلفة. ومن نافل القول إن ثمة تفاوتات فردية سواء في الحصول على المعلومات أو في مدى التجاوب مع النصح الطبي. نقطة البداية: جوع الوفرة القاتلة تدخل أنواع الأطعمة، وخصوصاً النشويات العادية، الجهاز الهضمي حيث تتم عملية تفكيكها الى مكوّنات أولية أبرزها السكر أو الغلوكوز Glucose الذي يدخل الدم باعتباره مادة قابلة للاستعمال داخل الخلايا. ويعتبر الغلوكوز المصدر الأهم للطاقة اللازمة لكل خلية حية. وفي الحال العادية يعقب دخول السكر من جهاز الهضم الى الدم، ارتفاع في مستوى افراز هورمون الانسولين Insulin الذي تضخه غدّة البنكرياس. ويفتح الأنسولين ممرات محددة في السطح الخارجي للخلية، فيلج السكر الى الداخل و"يحترق" ليعطي الطاقة. وتنجم الحال المرضية إما عن نقص افراز الانسولين أو وجود "عطل ما" في ممرات دخول السكر. وفي كلتا الحالين، لا تأخذ الخلايا السكر اللازم وتعيش حالاً من الجوع ونقص الطاقة. وفي الوقت نفسه، يتراكم السكر في الدم و"يخنق" الأنسجة والأوعية الدموية. وفي الصورة العامة، تجوع الخلايا وتتضور جوعاً في ظل وفرة فائضة ومترفة للسكر في الدم المحيط بها. وهذا الفهم الحديث للسكري اساسي للتعرف الى الملامح الرئيسية للمرض وتطور مساره في الجسم. ومع وفرة السكر في الدم، يزداد إطرحه بواسطة الكلي عن طريق البول. وتعرف الطبيب المشهور "إبن سينا" الى مسألة ظهور السكر في البول، وكان أول من دوّن هذه الظاهرة. كيف نتعرف الى المرض؟ لأنه مرض مزمن وبطيء، يصاب الكثيرون بالسكري طويلاً قبل أن تأتيهم بيّنة قوية على وجوده. ولربما أهمل البعض تلك "الأعراض الخفيفة" التي يستهل بها المرض، مثل: أ - كثرة التبول. ب- الإحساس الدائم بالجوع أو العطش. ج - اضطراب البصر. د - تنميل ووخز في الأطراف. ه - تكرار الالتهابات الجلدية. و - بطء التئام الجروح والرضوض. ويتم التأكد من وجود السكري بواسطة فحصين أساسيين: 1- مستوى السكر الصباحي قبل الأكل. ويعتبر المستوى طبيعياً اذا كان أقل من115ميليغراماً في الليتر صباحاً وعلى الريق. 2- فحص تقبّل السكر بعد الأكل: يعطى المريض كمية من السكر المذاب في الماء، أو يطلب منه تناول وجبة فطور مثقلة بالسكريات، ويفحص مستوى السكر بعد ساعتين من الأكل. ويعتبر المستوى طبيعياً تماماً اذا كان أقل من 140 ميليغرام في الليتر.