أكد مسؤول رفيع المستوى في ادارة الرئيس بيل كلينتون ان وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت أبلغت وفد المعارضة العراقية ان ما تريده واشنطن هو قيام حكومة جديدة في العراق تمثل شعبه وتتجاوب مع حاجات كل فئاته، وأشارت الى ان الادارة ستواصل العمل من أجل التزام العراق قرارات مجلس الأمن بما فيها القرار 688. وكرر ان واشنطن "لن تفرض على الشعب العراقي قيادة من الخارج"، وقال ان الرئيس صدام حسين "سيذهب عاجلاً أسرع مما يظن الناس". ونوه مسؤول اميركي آخر بتوحد المعارضة، فيما أكد الوفد ان محادثاته لم تشمل أي مواضيع عسكرية، وانه لا يخطط لحملة تمرد. أكد مسؤول اميركي رفيع المستوى ان اولبرايت رحبت بوفد المعارضة كونه يشكل موزاييك العراق نتيجة تضامنه ووحدته من أجل تحقيق التغيير هناك، وقالت: "سنعمل لدعمهم والسعي الى مستقبل أفضل للشعب العراقي، تقوم فيه حكومة تمثل طموحات هذا الشعب بوجود طبيعي وحكومة يمكن العمل معها بنشاط وبسرعة من أجل عودة العراقيين الى المجموعة الدولية، بعدما تنفذ واجباتها بموجب قرارات مجلس الأمن. حكومة نستطيع العمل معها من أجل تخفيف اعباء الديون الكبيرة المترتبة على العراق، ولإعادة تأهيل البلد وتمكين شعبه من الوقوف على قدميه". واعتبر المسؤول ان الرئيس صدام حسين بات منذ تشرين الثاني نوفمبر الماضي اضعف مما كان عليه، وان المعارضة زادت قوة وتوحداً، مشيراً الى ان صدام "في موقع الدفاع وأكثر عزلة، والعقوبات الاقتصادية مستمرة. لدينا سياسة نشطة في تنفيذ خطوطنا الحمر، وسيذهب صدام عاجلاً أم آجلاً، ونعتقد ان ذهابه سيكون عاجلاً أكثر مما يظن الناس". وشرح المسؤول السياسة المعدلة للادارة المرتكزة الآن الى احتواء صدام " تغيير نظامه، لكنه أوضح ان هذه السياسة ترتكز الى مبدأين، هما المحافظة على سلامة أراضي العراق ودعم شعبه من أجل تغيير النظام "من داخل البلد، ولا يمكننا ولا نعتزم ان نفرض على الشعب العراقي قيادة من الخارج". وزاد ان الولاياتالمتحدة مستمرة في الضغط على النظام عسكرياً بفرض الحظر الجوي والخطوط الأخرى الحمر "وإذا قطعها سنرد عليه بالقوة". وحدد هذه الخطوط بمعاودة بناء اسلحة الدمار الشامل "أو نشرها أو استعمالها ضد جيرانه، وكذلك تحريك قواته الى الجنوب خرقاً للقرار 949 أو تحريكها ضد الاكراد في الشمال". وتحدث مسؤول اميركي آخر معني مباشرة بالمعارضة العراقية، في المؤتمر الصحافي ذاته، عن زيارة وفدها لواشنطن، وقال إن سبب الزيارة هو التحضير لمرحلة ما بعد سقوط صدام، موضحاً ان أعضاء الوفد لا يستطيعون الإجابة عن سؤال ماذا بعد صدام ولا يدّعون أنهم سيشكلون الحكومة المقبلة أو سيكونون وزراءها أو أعضاء في مجلس قيادة الثورة و"كل ما يقومون به هو العمل ليكونوا صوت الشعب وهم يخططون لعودة العراق" الى المجتمع الدولي. ولفت الى ان المعارضة "كانت حتى الأشهر الخمسة الماضية منقسمة فاقدة صدقيتها، لكنها سوت خلافاتها الآن وتوحدت وهي مستعدة لتوسيع نشاطاتها والتحضير للمؤتمر العام في تموز يوليو المقبل". وبرر انشاء المركز الرئيسي لنشاطات المعارضة في لندن بكون العاصمة البريطانية "عاصمة العالم العربي"، خصوصاً بوجود حوالى ربع مليون عراقي يعيشون في بريطانيا. واضاف ان المعارضة "ستفتح مراكز اخرى في نيويورك مثلاً حيث الاممالمتحدة لإسماع صوتها الى المجموعة الدولية". ولم يستبعد ان تفتح لاحقاً فروعاً في شمال العراق. واعترف المسؤول بأن المعارضة العراقية كانت فقدت صدقيتها في العالم العربي، لكنه توقع ان تتبدل الأمور مع اعادة توحيدها. ورفض اعتبار عدم مشاركة ممثل "المجلس الأعلى للثورة الاسلامية" الدكتور حامد البياتي في الوفد بمثابة نكسة، وقال ان غيابه لا يعني عدم موافقة "المجلس" على عمل المعارضة، مشيراً الى ان الاتصالات قائمة بينه وبين الجانب الاميركي، فيما لمح المسؤول الاميركي الآخر الى ان من أسباب عدم مشاركة المجلس "وجود مركزه الرئيسي في ايران". واعتبر المسؤول ان "المؤتمر الوطني العراقي" يمكن ان يشكل نواة لحركة معارضة أوسع وأشمل، ولم يظهر اعتراضاً على امكان تغيير اسم المعارضة "فربما نكون بحاجة الى اسم جديد". ونبه الى ان الجميع متفق على برنامج المؤتمر وأهدافه. وتابع: "على الشعب العراقي ان يعي ان الديون المترتبة على بلاده وهي بالبلايين لن تؤدي في حال تغيير النظام الى إفقار الشعب الى الأبد أو الى المستقبل المنظور بسبب أعمال صدام". الى ذلك صرح الناطق باسم الوفد الدكتور صلاح الشيخلي بعد اللقاء مع اولبرايت ومسؤولين آخرين اميركيين ليل أول من امس بأن المحادثات تناولت عدداً من المواضيع و"أبلغنا الوزيرة الجهود التي حققناها منذ اجتماعات وندسور قرب لندن في 7 و8 نيسان ابريل، لتوحيد المعارضة من اجل اسقاط النظام". وتابع ان الوفد كان متشجعاً بكلام الوزيرة، منوهاً بتشكيل الوفد الذي ضم ممثلي المؤتمر وشخصيتين معارضتين مستقلتين هما الدكتور عدنان الباجوجي والشريف علي بن الحسين الحركة الملكية الدستورية. وزاد ان "البحث لم يشمل اي مواضيع عسكرية، ونحن هنا كوفد سياسي". وأوضح ان النقاشات تناولت "قانون تحرير العراق"، لافتاً الى ان "الجوانب العسكرية هي الآن خارج جدول أعمالنا". واكد ان المعارضة لا تعمل الآن من اجل شن حملة تمرد "ونعتقد ان قوى التغيير هي الآن داخل العراق". وأوضح ان "المؤتمر الوطني" وغيره من المنظمات "سيعملون لتدعيم المعارضة داخل العراق وخارجه". وتحدث عن الجهود المبذولة لعقد الاجتماع العام في تموز وعن انشاء لجنة للاتصال بالمجموعات المعارضة المستقلة، واعتبر ان المساعدات العينية التي قررت الادارة الاميركية البدء بصرفها في تموز كافية في هذه المرحلة. ورأى الشيخلي ان عملية التغيير تعتمد على المعارضين العراقيين "والشعب كله معارض لنظام صدام، والانتفاضات الصغيرة التي تحدث الآن في الكوت والعمارة والناصرية والحلة وكربلاء والنجف، وحتى بعض المدن الصغيرة في ضواحي بغداد، كالثورة والكاظمية، كلها يعبر عن سخط الشعب. نحن واثقون ان هناك في المؤسسة العسكرية والمدنية الحاكمة من يتعاطف مع هذه الانتفاضة، ويعمل لتغيير هذا النظام قريباً". وختم قائلاً ان "المؤتمر الوطني وفصائل المعارضة المستقلة التي نتحاور معها لا تريد مساعدة النظام في كشف الخطط، لكنني أؤكد انه لا يزال هناك رجال في الداخل يعملون لتغيير النظام".