لم أصدق عيني حينما أطلق الحكم السعودي ظافر ابو زنده صفارته في الدقيقة 30 من مباراة الهلال والاهلي في الرياض ضمن المربع الذهبي السعودي معلناً ركلة جزاء بسبب مخالفة الدفع من مدافع الاهلي لمهاجم الهلال داخل منطقة الجزاء. القرار كان صحيحاً بنسبة 100 في المئة، لكنه كان مفاجئاً بنسبة أعلى لأن تلك الالعاب تمر في كل ملاعب العالم بلا عقوبة، ويتفادى ابرز الحكام الكبار احتسابها بسبب تفاهة الخطأ مقارنة بفداحة العقوبة ويتجاهلون تطبيق القانون معها. لم يكن لاعب الهلال متجهاً الى المرمى ولا يشكل اي خطورة ولا يحاول التسديد، كما ان المخالفة تمت داخل منطقة الجزاء مباشرة ومن السهل أن ينقل الحكم مكان الخطأ الى خارجها كما يفعل الآلاف من الحكام. لكن الحكم ابو زنده كان قريباً من اللعبة ولم يتردد في اطلاق صفارته واحتساب ركلة الجزاء الصحيحة وسط ذهول الملايين، وأعتقد ان هذا الحكم الشجاع سيجد نفسه قريباً جداً وسط حكام الصفوة في المنطقة العربية ثم على الصعيد العالمي إذا ظل محتفظاً بشجاعته ولياقته. وأكد الحكم معدنه الجيد عندما طرد حسين عبدالغني مدافع الاهلي، ولم يتأثر بتقدم الهلال 1- صفر، او باحتسابه ركلة جزاء، وظل على عدالته حتى نهاية اللقاء. ونترك التحكيم الممتاز ونتجه الى ظاهرة فريدة قدمها لاعبو الاهلي عندما نجحوا في تحويل هزيمتهم من صفر-1 الى الفوز 3-1 والتأهل الى نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين وهم يلعبون بعشرة افراد وعلى أرض منافسهم الكبير ووسط جمهور هلالي ضخم. أهلي جدة خسر اولاً على ملعبه صفر-1 من الهلال، وتلقى صدمة ركلة الجزاء الصعبة وهدفاً لبشاردو في الدقيقة 30، وبعدها كانت صدمة طرد حسين عبدالغني المدافع الدولي الكبير. الاهلي لم يفقد حماسته ولا جديته ولا رغبته في التعويض والفوز في ظل تلك الظروف المعاكسة، وتمكن خالد قهوجي وابراهيم السويد من قلب النتيجة الى 2-1 في الوقت بدل الضائع من الشوط الاول، وحافظ الفائز على نتيجته طوال الشوط الثاني في مواجهة ضغط هائل للهلاليين. وكان طبيعياً أن تتعاطف العارضة والظروف مع الاهلي لأن الحظ لا يأتي الا لمن يستحقه، وظل المدرب الذكي امين دابو على هدوئه وتركيزه حتى امتدت المباراة الى وقت اضافي، ودفع بورقته الرابحة وهو المهاجم السنغالي عبدول انداي صاحب السرعة الفائقة والاندفاع المتميز، وتحقق له ما أراد من اللمسة الاولى لعبدول وسجل الهدف الذهبي المرتقب لأهلي جدة. ما قدمه لاعبو الاهلي حمل درساً مهماً في الإرادة، وأكد انه لا يوجد مستحيل في كرة القدم، وأن احترام لاعبي الاهلي لقرارات الحكم بركلة الجزاء ثم الطرد كان وراء احتفاظهم بتركيزهم وإصرارهم وتحويل الهزيمة الى فوز كبير. ولو أهدر لاعبو الاهلي جهدهم وهدوءهم في الاعتراض لزاد عدد الاهداف في شباكهم. شكراً للحكم السعودي الرائع. وشكراً لفريق أهلي جدة الرائع. هذه هي كرة القدم الحقيقية.