فريق تعزيز التطوعي يزور فرع هيئة التراث بجازان لتعزيز الوعي بالتراث المحلي    انتظام الطلاب والطالبات بمدارس السعودية في بداية العام الدراسي الجديد    كوريا الشمالية تختبر صاروخين "جديدين" للدفاع الجوي    تجمع الرياض الصحي الأول يتفاعل مع حملة «اقتداء وعطاء»    بيع أغلى صقر في المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025 ب 1.2 مليون ريال    يهدف لتعزيز شفافية القطاع غير الربحي.. إمهال الجمعيات 30 يوماً للإفصاح عن معلومات المستفيدين    نائب أمير مكة يؤدي صلاة الميت على والدة الأمير فهد بن مقرن بن عبدالعزيز    يستهدف إخلاءها من السكان.. الاحتلال يخطط لهجوم واسع على غزة    الرئيس اللبناني: لم نتبلغ رسمياً بنية إسرائيل إقامة منطقة عازلة    ترمب يلوح بقرارات حاسمة مع تراجع فرص القمة.. تصاعد النزاع بين روسيا وأوكرانيا    بيان عاجل من القادسية بخصوص قرارات السوبر السعودي    برونو فيرنانديز يقترب من الاتحاد    انتخابات الأهلي .. فضلاً أعد المحاولة مرة أخرى    برعاية وزير الداخلية.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 208 متدربين من الدورات التأهيلية    خادم الحرمين وبناء على ما رفعه ولي العهد يوجّه بمنح الدلبحي وسام الملك عبدالعزيز نظير شجاعته في إنقاذ الأرواح    رئيس«الغذاء والدواء»: المبتعثون يعكسون صورة مشرفة للسعودية    أمراء ومسؤولون وأعيان يقدمون التعازي.. أميرا حائل والباحة ونائب أمير مكة المكرمة يواسون الأمير فهد بن مقرن    «فلكية جدة»: سهيل يعلن بداية العد التنازلي للصيف    السجن 333 سنة لتايلاندية احتالت على 166 شخصاً    توصيل التيار بطرق غير نظامية.. الإسلامية: رصد تعد على عداد بمصلى في صناعة الرياض    انطلاق «مهرجان البحر الأحمر» في ديسمبر المقبل    ياسمين عبد العزيز تعود إلى الكوميديا في رمضان    فسح وتصنيف 180 محتوى سينمائياً في أسبوع    استشاري يطرح وصفة سريعة لخسارة الوزن    تعليق الدراسة الحضورية في مدارس تعليم عسير    القبض على رجل في اليابان بعد إصابته 18 شخصا برشه لرذاذ الفلفل    انتخاب المملكة رئيساً مشاركاً لمجموعة عمل حوْكَمة البيانات    بعد الهزيمة في السوبر.. النصر يتحرك للتخلص من محترفه    شرط من بورتو لرحيل جوهرته إلى الاتحاد    «أونروا» جاهزة لتعبئة ستة آلاف شاحنة بالمساعدات الغذائية والدوائية لقطاع غزة    مدينة الخطيئة    ميندي: الأهلي يمتلك عقلية حصد البطولات    محمد أسد بين النسخة الأوروبية والتجديد الإسلامي    عن المقال وتأثيره    وزارة الشؤون الإسلامية واثقة الخطوات    اليوم الوطني السعودي: قصة وطن خالدة    اتحاد الكرة: استئناف الهلال قابل للطعن أمام التحكيم الرياضي    الألعاب النارية تسطع في سماء بريدة تزامناً مع كرنفال التمور    الفائزون في مسابقة الملك عبدالعزيز للقرآن: المنافسة قوية والفرحة عظيمة.. وشكراً لقيادة المملكة    الناقد والمعماري القاسي    وزير الصحة يختتم زيارته إلى نيوزيلندا    مستشفيات تجمع القصيم الصحي تفتح أبوابها للمتبرعين    6808 قضايا نفقة خلال شهرين.. المحاكم تنصف المطلقات وتحمي الأبناء    65 ألف مستفيد من الدورات الصيفية بمكة المكرمة    المفتي: أيها المعلمون عليكم مسؤولية وأمانة في أعناقكم    نائب أمير الشرقية يعزي الشيخ عبدالرحمن الدوسري في وفاة شقيقه    البطيخ والشمام لمرضى السكري    الأسباب الشائعة لتشوه الأظافر    مركز الملك سلمان للإغاثة يواصل توزيع المساعدات الغذائية في قطاع غزة    مؤسسة في قطاع السيارات تسرق الكهرباء من مسجد    الصحة القابضة والتجمعات الصحية تبدأ في استقبال المتبرعين بالدم    وزير الرياضة يكشف خطط السعودية لصناعة جيل جديد من الأبطال    أمير حائل يهنئ الطلاب والطالبات ببدء العام الدراسي ويؤكد دورهم في تحقيق رؤية 2030    البرتغال: 1331 وفاة بسبب موجة الحر    سوق سوداء لبيع بيانات الأفراد الشخصية    أحداث تاريخية في جيزان..انضمام جازان للحكم السعودي    محافظ الخرج يرفع الشكر لسمو ولي العهد على إطلاق الحملة الوطنية السنوية للتبرع بالدم    قصة كلمة خادمنا من الملك سلمان إلى أمير عسير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إقصاء أنور ابراهيم يفتح ملف خلافة مهاتير مجدداً
نشر في الحياة يوم 27 - 09 - 1998

باقصائه المفاجئ لنائبه في رئاسة الحكومة والحزب الحاكم ووزير ماليته انور ابراهيم 51 عاماً في الثاني من ايلول سبتمبر الجاري أثبت رئيس الحكومة الماليزية مهاتير محمد 73 عاماً انه رجل ماليزيا القوي والسياسي المتمكن من فنون الكر والفر.
عبدالله المدني يتناول الحدث لماليزي:
سواء كانت الحيثيات التي استند اليها مهاتير في اقصاء خليفته الضلوع في قضايا جنسية وارتكاب مخالفات مالية وتهديد الأمن الوطني عبر الترويج لأفكار وسياسات اجنبية في اشارة الى مقاومته برامج رئيس الحكومة الاقتصادية ووقوفه في خندق صندوق النقد الدولي صحيحة او مبالغاً فيها، فإن المؤكد ان صورة انور ابراهيم قد تضررت، وبدأ نجمه بالأفول. صحيح ان للرجل انصاراً وشبكة من العلاقات الداخلية والخارجية التي حرص على اقامتها منذ سنوات، والتي يمكن تحريكها الآن لنجدته، الا ان الصحيح ايضاً هو محدودية ما يمكن ان يفعله في ظل افتقاره الى تنظيم سياسي مستقل يستطيع الاطلالة من خلاله وطرح ما يؤمن به من سياسات وبرامج، ناهيك عن صعوبة استغلاله وسائل الاعلام المحلية في بث ما يريد بفضل هيمنة الحزب الحاكم حزب منظمة الملايو الوطني المتحد. بل ان تحركاته ومهرجاناته الخطابية صارت هي الاخرى مستحيلة بعدما صدر الأمر باعتقاله في العشرين من الشهر الجاري تمهيداً لمحاكمته بتهمة ممارسة اللواط. والأمر المؤكد الآخر ان مهاتير سوف يبقى على رأس السلطة لفترة مقبلة غير محدودة، ممسكاً ليس برئاسة الحكومة وحدها وانما ايضاً بوزارتي الداخلية والمالية فضلاً عن الهيمنة على مصرف البلاد المركزي الذي اسند رئاسته الى اشخاص تابعين له. ويعني هذا في نظر البعض، ان ماليزيا مقبلة على عهد جديد يتسم اكثر من اي وقت مضى بالمضي نحو حكم الفرد، خلافاً لما كان يتمناه ابراهيم وأنصاره من ضرورة اخذ ما حدث في اندونيسيا من تطورات بعين الاعتبار وبالتالي القيام بخطوات اكبر نحو الانفتاح السياسي والاقتصادي والاعلامي.
والقرائن هنا كثيرة، فصحافة ماليزيا باتت خاضعة لرقابة اشد من ذي قبل مما افضى الى رواج ما يسمى بالرسائل الطائرة التي عادة ما تحمل صوراً وحكايات عن فساد الساسة وممارساتهم اللاأخلاقية خلف الابواب، ومنتقدو النظام باتوا يعاملون بقسوة غير مسبوقة بدليل ما حدث مؤخراً للزعيم المعارض ليم غوانغ اينغ الذي تجرأ وفضح اغتصاب احد رموز الحزب الحاكم لفتاة ماليزية قاصرة دون ان تطبق عليه العقوبة التي طبقت على شركائه في العملية، فكان نصيبه 18 شهراً في المعتقل وخسارته لمقعده البرلماني. اما الشؤون الاقتصادية فقد صار مقودها بالكامل في يد رئيس الحكومة ولم تعد السياسات المتبعة في علاجها تحظى بالشفافية المطلوبة.
ومن ناحية اخرى يبدو ان اقصاء انور ابراهيم قد فتح الباب واسعاً امام تداول الاسماء التي يحتمل ان تخلفه في نيابة رئاسة الحكومة والحزب لا يتحدث الدستور الماليزي عن منصب نائب رئيس الحكومة، لكنه جرى العرف ان يكون هذا المنصب من نصيب من يختاره الحزب الحاكم نائباً لرئيسه، وذلك بالرغم من ظهور مهاتير محمد بمظهر من ليس في عجلة من امره ولا يريد حسم الأمر قبل المؤتمر المقبل لحزبه في حزيران يونيو 1999. وهكذا فبعد ان كانت خلافة رئيس الوزراء محسومة لابراهيم الى ما قبل اشهر قليلة، وكان الحديث يتركز حول من سيخلف الأخير بعد توليه السلطة، صارت التكهنات تدور حول من سيخلف مهاتير اذا ما قرر مستقبلاً التنحي والاعتزال.
لكن من هو انور ابراهيم؟
ولد زعيم الأمس وأسير اليوم في آب اغسطس 1947 في بوكيت ميرتاجام، ودخل جامعة الملايو كطالب في نهاية الستينات في الوقت الذي كانت فيه موجة التمسك بالقيم الاسلامية تجتاح اوساط الطلبة وتؤثر على مختلف مناحي الحياة. وسارع انور ابتداء من 1972 الى تأسيس حركة شباب ماليزيا المسلم، آخذاً على عاتقه الضغط على الحكومة من اجل اصلاح الاوضاع في المجتمع نحو مزيد من الحريات المدنية. لكنه بعد عامين تعرض للاعتقال وأدخل الى السجن لمدة 22 شهراً بموجب قوانين الأمن الداخلي التي كانت تتيح الاعتقال دون محاكمة او توجيه اتهامات محددة، وذلك في اعقاب قيامه باعداد مظاهرات للاحتجاج على ما وصف بسياسات الحكومة الزراعية الظالمة. وفي 1979 تدخلت احدى قريبات مهاتير في حياته الخاصة حينما جمعته بمن اصبحت لاحقاً شريكة حياته وأم بناته الخمس وابنه الوحيد، طبيبة العيون وان عزيزه وان اسماعيل.
وقد ساهمت هذه العلاقة العائلية في التقاء انور بمهاتير وقيام الاخير باقناعه بالانضمام الى الحزب الحاكم لشحذ تأييد من يمثلهم من اسلاميين ملتزمين لا سيما في قطاع الشباب. وهكذا فاجأ أنور الجميع بأن اصبح في 1982 عضواً في حزب كان يعاديه. ومن خلال عضويته هذه نال مقعداً في البرلمان كما اختير زعيماً لجناح الشبيبة في الحزب الحاكم. وشهدت الفترة ما بين 1991 - 1993 تبوءه لمناصب وزارية عديدة قيل انها جاءت كمكافأة له من مهاتير على وقوفه الى جانبه في صراعه على السلطة مع تنكو رضا حمزة في 1987، والذي افضى الى هزيمة الاخير وانشقاقه عن الحزب الحاكم ليؤسس حزباً خاصاً به.
وحينما جرت انتخابات حزبية لتعيين نائب لرئيس الوزراء في 1993 ترشح انور وفاز بالمنصب على منافسه غفار بابا بأغلبية ساحقة، محتفظاً بوزارة المالية، وصار يُشار اليه كخليفة مؤكد لمهاتير.
وبدا الرجل في طروحاته براغماتياً لا سيما في ما يتعلق بالقضايا الدينية، حيث اكد، بالرغم من المنابع الاسلامية التي جاءت به وانطلق منها، انه يعارض اقامة دولة اسلامية في ماليزيا بحجة انه من غير الممكن تطبيق الشريعة في بلاد تسكنها نسبة يعتد بها من غير المسلمين.
ومع تعرض ماليزيا لأزمتها النقدية العنيفة تدهورت علاقات انور سريعاً برئيسه وبرزت خلافات عميقة بينهما حول كيفية معالجة الأمور في ظل تمسك الأول بشد الاحزمة مثلما يقترح صندوق النقد الدولي والتزام الثاني بسياسة الانعاش عبر تخفيض الفوائد والتوسع في الاقراض. ويبدو ان ما أزم هذه العلاقة اكثر، ليس توسيع انور لنفوذه الداخلي او انتشار الفساد في صفوف انصاره، وانما استغلاله تدهور مكانة مهاتير في ظل ازمة البلاد النقدية، وشن حملات غير مباشرة للمطالبة برحيله واتهامه بالبقاء في السلطة اكثر مما ينبغي، مع التلميح المتعمد الى فساده وفساد انصاره وأفراد عائلته، وذلك استعجالاً للوصول الى القمة.
فما الذي يختبئ في الافق الماليزي بعد هذا الحدث الكبير الذي يطول السياسة بقدر ما يطول الاقتصاد والعلاقة بالعالم الخارجي؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.