في القاهرة، وعلى ارتفاع يناهز 75 متراً تنتصب "القلعة" التي باتت أحد المعالم البارزة ومزاراً مشهوراً يستقطب السياح والزوار من جميع أنحاء العالم، ليشاهدوا عن كثب جانباً من التاريخ المصري، ويتلخص في مجموعة من المساجد والقصور والمتاحف يحويها مكان واحد هو "القلعة". وبدأ بناء القلعة في عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي، الذي كان شاغله الأول حماية مصر من الغزو الصليبي، لذا قرر البحث عن مكان يصلح كحصن منيع ووقع اختياره على هضبة المقطم لموقعها العسكري المتميز. وبوشر العمل في الموقع عام 1176 مع استخدام أحدث تقنيات البناء والمعمار حينئذ. وبعد وفاة صلاح الدين الأيوبي، قسمت الأراضي التابعة للحكم الأيوبي بين أبنائه. وكانت "مصر"، أكثر الولايات الأيوبية أهمية وثراء، من نصيب الملك الكامل عام 1207، لتدخل القلعة بذلك مرحلة جديدة باعتبارها المقر الرئيسي للحكم، وليست مجرد حصن ضد الاعداء. وعلى رغم تغير العصور والحكام، ظلت القلعة شاهدة على كل تغير وكل عملية تطوير، الى ان بدأ عهد اسرة محمد علي باشا 1805 - 1949، الذي يعد أزهى عصور القلعة تاريخاً، اذ تم تطويرها وترميم مبانيها. وكان من أهم انجازات تلك الفترة بناء مسجد محمد علي الذي يعتبر احد أهم معالم القلعة. مسجد محمد علي يتميز المسجد بطرازه المعماري الرائع والنقوش الرائعة في جنباته. وأول ما يشاهده الزائر لدى ولوجه المسجد الميضأة في الفناء الخارجي، وهو الموضع الذي كان يتوضأ فيه المصلون استعداداً لإقامة شعائر صلاة الجمعة. وفي آخر الفناء ساعة رائعة من النحاس الخالص والمزخرف أهداها الملك لويس فيليب لمصر في مقابل المسلة المصرية القائمة حالياً في باريس. قبر محمد علي والى اليمين قبر محمد علي باشا، الذي بناه سعيد باشا عام 1857 بعد اكتمال بناء المسجد، وصنع من الرخام المطعم بالزخارف والنقوش. ومن أشهر معالم القلعة، والتي لا يستطيع المرء تجاهلها "المتحف العربي"، وهو أول ما يطالعه الزائر بعد دخول بوابة المتحف المعروفة باسم "باب العلم" أو السجن الحربي الذي بني في عهد الخديو اسماعيل، وهو عبارة عن مجموعة من الغرف الضيقة الموزعة على طريقين، وتحوي تماثيل مصنوعة من الشمع لنماذج من السجناء في العصور المملوكية والعثمانية. وخلف السجن الحربي هناك المتحف الحربي، الذي بناه محمد علي عام 1830، والذي يعتبر بمثابة عرض لتاريخ مصر العسكري منذ عهد الفراعنة الى القرن التاسع عشر، ويحوي الكثير من الغرف أهمها غرفة الأسلحة، حيث تعرض نماذج من الأسلحة المستخدمة منذ العصر الفرعوني وتطورها الى عصر المماليك. وتعرض أيضاً في احدى الغرف مجموعة من الأزياء العسكرية من العصور المختلفة وأزياء الحكام والوزراء، بالإضافة الى الغرفة التي تحوي صوراً لأشهر وأهم الجرائم في التاريخ المصري. قصر الجوهرة بناه محمد علي باشا عام 1817، واتخذه مقراً لحكمه، وشيده على الطراز العثماني الخالص. وأول ما يصافح عين الزائر في قصر الجوهرة قاعة الاستقبال الرسمية، حيث كان يجتمع محمد علي وأعضاء حكومته لمناقشة أمور الدولة، بالإضافة الى غرفة أخرى تحوي مقتنيات نادرة من الأثاث النادر الخاص بالعائلة الملكية ولوحة زيتية لمحمد علي باشا نفسه. كما يحوي قصر الجوهرة غرفة فيها ستة أجزاء من كسوة الكعبة المشرفة يرجع تاريخها الى عصر المماليك، حين كانت صناعة الكسوة تتم يدوياً في مصر، وذلك الى عام 1962. ويعد مسجد الناصر محمد المبنى الوحيد في القلعة الذي بني على الطراز المصري الخالص. وبناه السلطان الناصر محمد عام 1318، ومن أهم قاعات المسجد قاعة الصلاة التي كانت تتسع لما يزيد على خمسة آلاف مصلٍ، بالإضافة الى قاعة اخرى كان يطلق عليها "دار العدل" حيث كان السلطان يستقبل سفراء وممثلي الدول الأخرى. وكانت تقام فيها الاحتفالات الرسمية، وتميزها نقوشها الرائعة وأعمدة الغرانيت الحمراء المطعمة بالنقوش الفرعونية.