الجزائر، باريس، "الحياة"، أ ف ب، رويترز - تحتفل الجزائر اليوم بالذكرى ال 36 للاستقلال فيما استمر التوتر في منطقة القبائل التي شهدت امس تظاهرات كبيرة احتجاجاً على اغتيال المغني القبائلي معطوب الوناس في 25 من الشهر الماضي وبدء تطبيق التعريب. ومع بدء سريان العمل بقانون تعميم استخدام اللغة العربية اليوم برزت ردود فعل متباينة ازاء هذا القانون فالرافضون له يعتبرون انه يحدّ من استخدام اللغة الفرنسية في مؤسسات الدولة، بينما يرى المؤيدون انه يعيد الاعتبار الى اللغة العربية التي عانت من التهميش 36 سنة. وتعتبر الاحزاب اللائكية البربرية من أهم القوى السياسية المعارضة للقانون، وترى انه يحدّ من انتشار اللغة الامازيغية التي تكتب بالحروف اللاتينية. وانتقد القانون ايضاً زعيم جبهة القوى الاشتراكية الجزائرية حسين آيت احمد بشدة امس وقال انه سيؤدي الى مشاكل على نطاق واسع. وتظاهر آلاف الاشخاص امس في تيزي وزو كبرى مدن منطقة القبائل استجابة لنداء طلبة جامعتها دعوا فيه الى "استئناف كفاح معطوب" الذي تبنى مقتله احد الزعماء المنشقين عن الجماعة الاسلامية المسلحة حسن حطاب. واجتمع المتظاهرون اولاً امام الجامعة التي تحمل اسم الكاتب مولود معمري 1917-1989 وهو رمز آخر للثقافة الامازيغية الذي تسبب منعه من القاء محاضرة في 1980 في اندلاع اكبر اضطرابات عرفتها المنطقة البربرية منذ الاستقلال. وكتب بالفرنسية على اللافتات التي حملها المتظاهرون "الجامعة في حداد" و"وفاء الى معطوب" و"لا للتعريب الاعتباطي" وكان المغني القتيل يقيم علاقات واسعة مع الاوساط الجامعية التي تعتبر مهد المطالبة بالهوية البربرية. وردد بعض المتظاهرين اغنيات معطوب وينادي آخرون بشعارات مناهضة لرئيس الوزراء احمد أويحيى. ومن اللافتات التي ظهرت ايضاً "التامازيغت لغة وطنية ورسمية" و"لا للتمييز اللغوي" و"لا لقانون التعريب". و منذ اغتيال معطوب اندلعت اعمال عنف في اكبر مدن المنطقة ومقر الولاية تيزي وزو ثم انتشرت في عدد من المدن والقرى في منطقة القبائل. وذكرت الصحف الجزائرية امس ان اعمال شغب وقعت الخميس في بلدة بوغني 100 كلم جنوب شرق الجزائر الصغيرة الواقعة في منطقة القبائل حيث ما زال التوتر سائداً ويتوقع قيام مسيرات عدة اليوم. وكانت حركة مسلحة غير معروفة من البربر هددت اول من امس بقتل جميع الجزائريين المتورطين في اغتيال الوناس. وقال بيان أُرسل الى صحيفتي "الوطن" و"لوماتان": "الى جميع مقاتلي قضية البربر … لقد ولدت حركة البربر المسلحة … وتقسم الحركة انها ستأخذ بثأر معطوب الوناس وتقتل جميع الذين ساهموا بشكل مباشر او غير مباشر في قتل زعيمنا الروحي معطوب الوناس". آيت احمد ينتقد الى ذلك، قال آيت احمد لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية في تصريح نُشر امس عن قانون الزامية استخدام العربية ان "هذا القانون … واسف للتعبير … تخبّط حقيقي … وهذا يظهر كيف توجه الحكومة المجتمع ليصبح غير متعلّم ومفككاً وفي فوضى خطيرة ويرزح تحت ادارة تتسم بالفساد وعدم الكفاءة". والقى آيت احمد ظلالاً من الشك على هوية قتلة الوناس وقال في سياق النزاع الجزائري المعقد فإن "القتل والمذابح تبدو وكأنها عمليات خاصة … قد لا نعرف ابداً هوية من ارتكب هذه الجريمة الشنعاء … والسؤال الذي يطرح اليوم هو من المنتفع من وقوع هذه الجريمة".