وفاة الأمير منصور بن بدر    نائب أمير منطقة جازان يرفع التهنئة للقيادة بما حققته رؤية المملكة 2030 من إنجازات ومستهدفات خلال 8 أعوام    الإعلان عن تفعيل الاستثمارات المباشرة وانطلاق العمل الفعلي في صندوق "جَسور" الاستثماري    شركة TCL توحّد على نحو استباقي شركائها العالميين من أجل تحقيق العظمة في مؤتمر الشركاء العالميين لعام 2024    انخفاض معدلات البطالة لمستويات تاريخية    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 686 مليون ريال    اختتام المرحلة الأولى من دورة المدربين النخبة الشباب    اخجلوا إن بقي خجل!    رؤية الأجيال    وزيرة الدفاع الإسبانية: إسبانيا ستزود أوكرانيا بصواريخ باتريوت    «الدفاع الروسية» تعلن القضاء على ألف وخمسة جنود أوكرانيين في يوم واحد    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    "الشؤون الإسلامية" ترصد عددًا من الاختلاسات لكهرباء ومياه بعض المساجد في جدة    منتخب اليد يتوشح ذهب الألعاب الخليجية    الأهلي المصري يضرب موعدًا مع الترجي التونسي في نهائي دوري أبطال إفريقيا    ريال مدريد يهزم سوسيداد ويقترب من التتويج بالدوري الإسباني    ميشيل: سعيد بمباراتي ال100 مع الهلال    جيسوس يفسر اشارته وسبب رفض استبدال بونو    الاتحاد يخسر بثلاثية أمام الشباب    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    "السينما الصناعة" والفرص الضائعة    المخرج العراقي خيون: المملكة تعيش زمناً ثقافياً ناهضاً    د. عبدالله العمري يستنطق «ذاكرة النص» وفضاءات نقد النقد    وزير الثقافة يرفع التهنئة للقيادة بتحقيق رؤية السعودية 2030 عدة مستهدفات قبل أوانها    محمد بن عبدالرحمن: طموحات وعزيمة صادقة    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يزور قيادة القوة البحرية بجازان    توافق مصري - إسرائيلي على هدنة لمدة عام بقطاع غزة    إغلاق جميع فروع منشأة تجارية بالرياض بعد رصد عدة حالات تسمم    "الأرصاد": لا صحة لتعرض المملكة لأمطار غير مسبوقة    نائب وزير الداخلية يرأس وفد المملكة المشارك في المؤتمر الأول لمكافحة الاتجار بالمخدرات    ترميم قصر الملك فيصل وتحويله إلى متحف    النفط يرتفع.. والذهب يتجه لأول خسارة أسبوعية    «مكافحة المخدرات» تقبض على شخصين بالقصيم لترويجهما مادة الإمفيتامين المخدر    نائب أمير منطقة تبوك يرفع التهنئة للقيادة الرشيدة بمناسبة إنجازات مستهدفات رؤية المملكة ٢٠٣٠    السعودية تحصد ميداليتين عالميتين في «أولمبياد مندليف للكيمياء 2024»    الأحوال المدنية: منح الجنسية السعودية ل4 أشخاص    «الحج والعمرة»: احذروا شركات الحج الوهمية.. لا أداء للفريضة إلا بتأشيرة حج    الأرصاد: لا صحة عن تأثر السعودية بكميات أمطار مشابهة لما تعرضت له بعض الدول المجاورة    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    الشاب عبدالله بن يحيى يعقوب يعقد قرآنه وسط محبيه    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    أعمال نظافة وتجفيف صحن المطاف حفاظًا على سلامة ضيوف الرحمن    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    "المُحليات" تدمِّر "الأمعاء"    مقامة مؤجلة    هوس «الترند واللايك» !    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    افتتاح المعرض التشكيلي "الرحلة 2" في تناغم الفن بجدة    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    تفكيك السياسة الغربية    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    مقال «مقري عليه» !    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الأرض القديمة" : بين المخزون الحكائي وهوامش الاسطورة !
نشر في الحياة يوم 20 - 07 - 1998


الكتاب: الأرض القديمة قصص
المؤلف: ناظم مهنا
الناشر: سلسلة إصدارات كراس - بيروت 1998
في "الأرض القديمة"، العمل القصصي الثاني للقاص والناقد السوري ناظم مهنا، يظهر ذلك الانعطاف الجذري والعميق للسرد عما هو عليه في مجموعته السابقة "حراس العالم" الصادر العام 1997، سواءً من حيث الشكل أو المحتوى وطرق التناول.
نلحظ في "الأرض القديمة" عملاً متواتراً ذا نفس سريع وحاد، إضافة إلى ذلك انسجاماً وترابطاً منطقيين، لأن الأحداث تجري في مكان وزمان افقيين: ففي الشكل اقتضت المغامرة القصصية ان تبتكر لها شكلاً حكائياً جديداً، من هنا اعتمد ناظم مهنا القصة القصيرة، الموجزة، المكثفة، والحيوية، واستخدامه للغة اخبارية سهلة وقديمة تشبه لغة الاساطير التي وصلت إلينا، ولأسماء قديمة أيضاً بعضها تاريخي، وبعضها الآخر مختلق. أما في ما يخص المحتوى - وهو جزء لا يتجزأ عن الشكل - فقد تم العمل على مستويات عدة: من ناحية الاشارة إلى المخزون الحكائي المتوارث وانتهاكه وتحويله إلى مشاع من خلال اللعب به وفق متطلبات القص، وخطط السرد والتخييل. وكذلك التقاط البعد التراجيدي المأسوي للإنسان الذي عاش على هذه الأرض من خلال الأحداث والايقاعات الدرامية.
ومن المستويات أيضاً تهميش مركزية الاسطورة بتحويلها إلى أحداث يومية، مسقطة على الحدث المعاصر، وبالتالي التقاط هوامشها والتقاط ما لم تقله أيضاً. وكذلك الرغبة في خلق فضاء قصصي جديد ومحرك يخرجنا من دائرة المنجز ورتابة التكرار: "حدثت محادثة في مقهى "عشتاروت" عن الخلود بين كاهن مطرود من المعبد ورجل أبيقوري. وكان النقاش يحتد حيناً ويهدأ حيناً. فقال رجل في المقهى محتجاً: إننا لا نفهم شيئاً يا حضرات. فردّ عليه الكاهن: هذا سر الخلود". جدل: ص 15
في هذه القصة سننتبه إلى شعرية الخبر القصصي المشغول بعناية فائقة والذي تخلص من شعرية الجملة التي هي إحدى أهم سمات وملامح "حراس العالم" على رغم الخيوط المتشابكة مع "الأرض القديمة" من حيث الاشارات والرموز إلى الأرض والشعوب التي عبرت هذه الأرض. لتبدو المجموعة هنا سياقاً قصصياً نافراً في المشهد القصصي السوري على رغم التقاطعات التي قد تكون حاصلة مع بعض أعمال زكريا تامر، وتأثيرات بورخيس التي قد تكون واضحة باشاراتها المكشوفة والمستترة، واستخدام الحكاية وتحويلها إلى طبقات حكائية متوالدة ومنطقية...، إضافة إلى ذلك غناها بالمرجعيات التاريخية والاسطورية والاحالة والاستناد والرمز، وهي تشتبك مع الحدث والشخوص والعوالم وفق آليات تخييلية يصنعها الراوي المفترض، أو الصانع السردي للقصة، المتمدد في بهو التاريخ وحفريات العالم القديم محاولاً الاختفاء ك راوٍ، جاعلاً الزمن هو الذي يروي، والراوي يقرأ مع الآخرين: "قام كريزنثيوس" بجولة في مدن عدة، وزار قرى نائية في انطاكيا وأفاميا وحمص وتدمر... ليجمع الحكايات القديمة، وكان يحمل معه في أسفاره رواية "الحبشيات" للروائي الفذ "هيلودور الحمصي" الذي أهداه كتابه هذا حين التقاه في مدينة حمص قبل سنوات. وحدثه الأخير عن فن جديد لا يخضع للأوزان والقوافي ويخرج عن رتابة الانشاد وما يستلزمه من بلاغية ومبالغات... وعن كلام اخباري تحتشد فيه التفاصيل، وسمى هذا الفن "فن السرد"، وقد جعل "كريزنثيوس" هذا الفن قضية حياته ووجد له فلسفة، حتى اقترن باسمه وصار اسمه المتداول بين الناس: الفيلسوف "كريزنثيوس السردي". الروائي: ص 88
إن حركية القص تتنامى وتتصاعد بشكل منطقي وعقلاني، حتى يختلط اليوم بالأمس، ويتم اختراق التاريخ دوماً بالبعد الوقائعي أو الدرامي المختلق.
القصة هنا مكتملة العناصر على رغم صغرها واقتصادها اللغوي من شخصيات وحدث يجري فوق مكان محدد. وبالتالي يتوالد عن هذه الشخصيات صراع وحركية، ويتم اختراق الزمن السردي، وضرب تتابعية الحكاية بتدمير الحكاية من الداخل بناء الحكاية ثم تقويضها، ومن هنا فقد حافظت على الشكل العام للقصة، ومن التنازع بين التاريخ والواقع وبين الاسطورة واللااسطورة، نشأت مستويات من الرمز والتوريات ساهمت أيضاً في تكوين التواشج الحار بين ما مضى والحاضر، ليتماهى أو يكشف عبر التهكم الهادئ أحياناً والعاصف أحياناً أخرى عن تلك العلاقة الأزلية بمأسويتها وعنفها بين السلطة والإنسان النائم في صرخته المكتومة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.