تستعد الحكومة اليمنية لاتخاذ تدابير لخفض دعم المشتقات النفطية والقمح والكهرباء والمياه في اطار تطبيق سياسة تحرير الأسعار المتفق عليها مع صندوق النقد والبنك الدوليين. وتوقعت مصادر في صنعاء ان ترتفع أسعار هذه المواد بنسبة تراوح بين 20 و30 في المئة اعتباراً من مطلع تموز يوليو المقبل أو نهايته، غير أنه لم تظهر اشارات رسمية قاطعة في هذا الاتجاه. وتحفظ مسؤولون في وزارتي النفط والتموين والتجارة اتصلت بهم "الحياة" عن نفي المعلومات أو تأكيدها وموعد تنفيذها مع الدعم أو خفضه الأمر الذي تطلق عليه الصحافة المعارضة اسم "الجرعة الرابعة". وكان برنامج الحكومة اليمنية الذي نالت بموجبه ثقة مجلس النواب أول من أمس ألمح الى ضرورة الاسراع في خطة الاصلاحات السعرية التي تأخر تنفيذ بعض بنودها كواحدة من الأدوات المهمة لمواجهة تفاقم عجز الموازنة بسبب انهيار أسعار النفط في الأسواق الدولية. وتبدي الحكومة اليمنية اهتماماً بدرس آثار رفع الدعم ومعالجة نتائجه عبر برامج اجتماعية تخفف الأضرار عن الشرائح الفقيرة وتحقق العدالة والتدرج والمرونة منها شبكة الأمان الاجتماعي. وحذرت دراسات اقتصادية من "التحرير الفوري والكامل" لأسعار المواد المدعومة من دون تقديم برامج عملية وكفوءة. ووفقاً لبرنامج الاصلاح الاقتصادي ينبغي أن يلغى الدعم نهائياً سنة 2001. وتشير احصاءات صندوق النقد الدولي الى أن حجم واردات اليمن من القمح والطحين بلغ مليوني طن عام 1996 بقيمة 600 مليون دولار وقدمت الحكومة لهما دعماً بقيمة 54.6 بليون ريال. وبلغ الاستهلاك المحلي من المشتقات النفطية 26 مليون برميل قيمتها 467 مليون دولار وتدعمها الحكومة بمبلغ 37 بليون ريال سنوياً. ورصد مستشار المجلس الأعلى للشؤون الاقتصادية والنفطية والاستثمار خالد راجح شيخ ما أسماه ب "مترتبات ايجابية" لتحرير أسعار القمح والطحين والمحروقات وقال: "ان ابرزها التخلص من الاختلال السعري وعبء الدعم ورفد الموازنة بموارد كبيرة وتحرير تجارة السلع والاستفادة من مبلغ الدعم في أغراض التنمية وزيادة الاحتياط وسداد الديون وانهاء ظواهر التهريب ومنع استخدام القمح كعلف للحيوانات". وأضاف: "ان الآثار السلبية لتحرير أسعار القمح تتركز في زيادة الضغط على موازنة الأسرة بنحو 1200 ريال شهرياً وفقاً لتقديرات البنك الدولي و1950 ريالاً حسب صندوق النقد الدولي. وينعكس تحرير المشتقات النفطية في زيادة تراوح بين 700 و1841 ريالاً شهرياً. وقدرت وزارة النفط أن يؤثر تحرير الأسعار على الكهرباء بنسبة 90 في المئة والزراعة 20 في المئة والنقل الخفيف 50 في المئة والنقل الثقيل 20 في المئة والمياه 36 في المئة. وذكر ان قائمة الدعم تشمل أيضاً امدادات الكهرباء بقيمة بليوني ريال سنوياً. وأوضح السيد نجيب عبدالله شحرة من الدائرة الاقتصادية في رئاسة الجمهورية أنه على رغم وصول جزء يسير من الدعم الى الفقراء سيؤدي رفعه الى أن تفقد أفقر 10 في المئة من الأسر ما يعادل 18 في المئة من دخلها بين 1995 و1999 في حين تفقد أغنى 10 في المئة من الأسر 23 في المئة من دخلها. وفي مقابل ذلك لن يرتفع معدل الدخل بأكثر من 6 في المئة خلال الفترة ذاتها. وقال شحرة: "ان أسعار القمح ترتفع بين عامي 95 و99 بنسبة 74 في المئة والمشتقات النفطية بنسبة 207 في المئة والكهرباء بنسبة 405 في المئة". وأكد ان التحرير النهائي للأسعار يحقق نتائج ايجابية من الناحية الاقتصادية لكنه يضيف أعباء اجتماعية تتضرر منها الفئات ذات الدخل المحدود