استشهاد 22 فلسطينيًا    1.89 مليون وفاة سنويًا بسبب الملح    ألمانيا تقدم 10 ملايين يورو إضافية لدعم منظمة الصحة بعد انسحاب أمريكا    34 صفقة استثمارية 53.5 مليار ريال مليار ريال في ختام منتدى حائل للاستثمار    لمسة وفاء.. الشيخ محمد بن عبدالله آل علي    الشؤون الإسلامية تُكمل استعداداتها في منافذ الشرقية لاستقبال الحجاج    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج الدفعة السادسة من برنامج القيادة والأركان والدفعة الأولى من برنامج الدراسات العسكرية المتقدمة ويدشّن برنامج الحرب    استقرار أسعار النفط    ترقية محافظ الفرشة إلى المرتبة الثانية عشر    المملكة 2050.. حين أصبح الحلم واقعاً    ترامب يقول إنه "حزين" إزاء الإعلان عن تشخيص إصابة بايدن بالسرطان    بالميراس يوضح حقيقة ضم رونالدو في كأس العالم للأندية    الهلال يُعلن نقل تمبكتي إلى المستشفي    عاصمة المستقبل    غرامة 16 ألف ريال لكل متر.. ضبط مواطن لتخزينه حطبًا محليًا    الأمير سعود بن مشعل يستقبل مجلس إدارة ولاعبي الأهلي    ترأسا اجتماع "مجلس التنسيق" وناقشا أوضاع المنطقة.. وزير الخارجية ونظيره التركي يبحثان تعزيز التعاون    الفيفا يحدد موعد المباراة الفاصلة بين لوس أنجلوس وأمريكا.. من يحجز المقعد الأخير لمونديال الأندية؟    محمد.. هل أنت تنام ليلاً ؟    آل بابكر وخضر يحتفلون بزواج علي    إعلاميون ومثقفون يعزون أسرة السباعي في فقيدهم أسامة    الهند.. رفض شراء السجائر لرجل غريب فقتله    " الموارد": تجربة" أنورت" لتعزيز تجربة ضيوف الرحمن    هيئة الموسيقى توثق الإبداعات السعودية    مبادرات "عام الحرف" ترسو في مشروع سولتير بالرياض    مجلس إدارة مؤسسة «البلاد» يقر الميزانية العمومية    وجبة مجانية تنهي حياة عصابة بأكملها    الحرب على الفلورايد تحرز تقدما    أسهمت في خدمة ضيوف الرحمن.. الداخلية: مليون حاج عدد مستفيدي مبادرة طريق مكة    تصعيد في قصف معسكرات النازحين.. الجيش السوداني يسيطر على منطقة «عطرون»    143 مليون متر لمشاريع الاستثمار في حائل    عبدالجواد يدشن كتابه "جودة الرعاية الصحية"    صيام الماء .. تجربة مذهلة ولكن ليست للجميع    أطباء يعيدون كتابة الحمض النووي لإنقاذ رضيع    سعود بن نايف يهنئ الفائزين في «آيسف 2025»    أمير الجوف يُعزي أسرة الجلال    نائب أمير الشرقية يطّلع على برامج «المسؤولية الاجتماعية»    جوازات منفذ جديدة عرعر تستقبل حجاج العراق    الشؤون الإسلامية تختتم الدورة التأصيلية الأولى في سريلانكا    6000 حاج يتلقون الرعاية الصحية بالجوف    تحالف متجدد    «البيضاء».. تنوّع بيولوجي يعزّز السياحة    نائب أمير عسير يستقبل القنصل الجزائري    اختتام بطولة غرب المملكة للملاكمة والركل بمشاركة 197 لاعباً ولاعبة وحضور آسيوي بارز    حفل جائزة فهد بن سلطان للتفوق العلمي والتميز.. الأربعاء    الحجي متحدثاً رسمياً للنادي الأهلي    قصائد فيصل بن تركي المغناة تتصدر الأكثر مشاهدة    نجوم الرياض وهوكي جدة يتوجان في بطولتي الهوكي للنساء والرجال بالمنطقة الغربية    تتويج الأخدود ببطولة المملكة تحت 15 عاماً "الدرجة الأولى"    رئيس جمعية «مرفأ» الصفحي يهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    مشائخ وأعيان وأهالي «الجرابية الكنانية» يهنئون أمير جازان ونائبه بالثقة الملكية    مراقبة التنوع الأحيائي بساحل البحر الأحمر    تعليم الطائف يستعرض خطة التحول في منظومة إدارات التعليم مع أكثر من 1700 مدرسة    بوتين: هدفنا من حرب أوكرانيا هو السلام    أمير منطقة تبوك يرعى حفل جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز في عامها ال 38 الاربعاء المقبل القادم    اعتدال: أكثر من 1.2 مليون رابطٍ للتحايل على آليات رصد المحتوى المتطرّف    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    تاسي يغلق مرتفعا للأسبوع الثالث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تداعيات حول الانشقاق الجديد في "حزب التحرير" الأردني
نشر في الحياة يوم 24 - 05 - 1998

اخيراً، انشق حزب التحرير ، وتمرد عدد من رجاله على قيادة الشيخ عبدالقديم زلوم، وعزلوه وأعلنوا قيادة موقتة، وساقوا جملة من المبررات لقرار العزل، فيما رد عليهم الشيخ وأنصاره، وتكفلت صحيفة "اللواء" الأردنية نشر المساجلات الحامية بين الفريقين، التي وصلت الى حد الاتهام بالعمل لصالح اجهزة امنية.
أقول بصدق انني كنت أتمنى ان يكون مسار "الانشقاق" في الحزب حقيقياً، وقائماً على اعادة النظر في برنامج حزب ثبت بالوجه القطعي انه حزب حالم لا يمت الى الواقع بصلة، وانه يعتمد على فكرة لشخص واحد يعتقد اتباعه انه "مجتهد مطلق" يمكنه ان يفتي في كل شيء بدءاً بمسائل الحيض والنفاس و"تقبيل المرأة الاجنبية"، وصولاً الى وسيلة التغيير الوحيدة القادرة على اقامة دولة الخلافة. غير ان الصدمة كانت في ان المنشقين يعتقدون ان القيادة "المترهلة" للشيخ عبدالقديم زلوم لم تعد قادرة على حمل الحزب باتجاه اهدافه وبرامجه كما رسمها الشيخ المؤسس تقي الدين النبهاني. في حزب التحرير جمع من الشبان المخلصين الذين يستحقون كل الاحترام لما يملكون من قابلية للتضحية من اجل دينهم وأفكارهم ومبادئهم، غير ان المؤسف ان يكون مجموع التضحيات المذكورة انجازاً واحداً يرددونه ولا يجدون سواه، هو ان هدف اعادة الخلافة الاسلامية قد بات حديث الناس جميعاً، بينما الواقع يقول ان الناس تتحدث عن الشريعة وإعادتها كمرجعية للأمة وليس عن حرفية مصطلح الخلافة. وكل ذلك ليس من انجازات حزب التحرير الذي لم يقدم خلال سنوات طويلة سوى بيان تقليدي يقرأه بضعة مئات من الناس، يمتلئ بالسباب على اكثر الخلق، اسلاميين وعلمانيين، من اولئك الذين لم يؤمنوا بأن الانتظام في الحزب هو المسار الوحيد المؤدي الى عزة الامة وكرامتها!
حالة الحراك السياسي الجديدة في حزب التحرير لم تكن الأولى. ولعل اكثر اعضاء الحزب يجهلون انه في منتصف الستينات حصل خلاف في مجلس شورى الحزب حول الشورى، وما اذا كانت معلمة ام ملزمة، فكان ان ذهب اغلبية الاعضاء الى انها ملزمة، فيما ذهب الشيخ النبهاني ومعه آخرون الى انها معلمة، فما كان من الشيخ الا ان تخلص من المخالفين، وثبّت رأيه في ان الشورى معلمة للخليفة وبالتالي للأمير وليست ملزمة!
اما التحرك الثاني فقد كان تحرك عمر بكري في لندن، حيث انشق وأسس حزب المهاجرين ببرنامج اكثر غرابة بكثير من برنامج الحزب نفسه، حيث سيستخدم بكري المهاجرين الباكستانيين في بريطانيا لإقامة دولة الخلافة في باكستان!
في مناقشتنا لسطحية الفكرة والبرنامج الذي يطرحه الحزب نبدأ من قصة طريقة التغيير، التي تشكل الفكرة الأساسية التي يقوم عليها البرنامج. فبينما يذهب الفكر النظري للحزب الى ان طريقة التغيير اجتهادية وليست توقيفية، نجد ان معظم ادبيات الحزب وبياناته تؤكد على انها توقيفية. اي ان الطريقة التي يراها الحزب في الوصول الى دولة الخلافة هي الطريقة الوحيدة الممكنة نظراً لكونها - من وجهة نظر الحزب - الطريقة التي أقام بها النبي عليه الصلاة والسلام دولته.
وتقوم تلك الطريقة على طلب الحزب النصرة من فئة متنفذة في الجيش او السلطة، كما طلب النبي عليه الصلاة والسلام النصرة من اهل يثرب، والواقع العملي يقول ان الشيخ النبهاني حين صاغ هذه النظرية لم يكن متأثراً بمسلك النبي فقط، وإنما كان متأثراً بأجواء الانقلابات السياسية السائدة في الخمسينات والستينات، وكان يعتقد ان بالامكان النجاح في ترتيب انقلاب ما مع جمع من الضباط، ولذلك وعد اتباعه بخلافة في غضون 13 عاماً كما حصل مع النبي. في مناقشة فكرة النصرة، ثمة اكثر من جانب يمكن الحديث عنه، ولعل اول ذلك ان النبي لم يقل ان هذا هو سبيل الوصول الى الدولة الاسلامية، بل ان معظم القضايا السياسية التي وردت في السنة والسيرة تؤكد انه تحرك وفق ظروف الزمان والمكان، ومارس معظم اشكال التكتيك السياسي وصولاً الى هدفه. م هنا، فإن من العبث الحديث عن طريقة واحدة في الوصول الى الهدف تصلح لكل زمان ومكان، كأن تكون الطريقة في العصر القديم هي ذاتها في عصر الانترنت. فخلال عقود تطورت الدولة الحديثة وباتت تملك من الاجهزة الامنية وأجهزة المراقبة والتجسس ما يجعل من العبث محاولة الانقلاب عليها، بدليل ان معظم اسماء اعضاء الحزب في بلد كالأردن معروفون للاجهزة الأمنية، وبدون كثير عناء.
والأمر الآخر ان قصة "النصرة" تتجاهل الأبعاد الاقليمية والدولة في اوضاع الدول الحديثة، وخاصة الدول العربية، كما لا تأخذ في الاعتبار امكانات الدول المعنية، وما اذا كان بامكانها العيش منفردة ام لا. فبمجرد اعلان دولة اسلامية في مكان ما، سينزل الله عليها اللبن والعسل، وهذا غير صحيح على الاطلاق، وإلا لما كان عام الرمادة في عهد اعدل الحكام في التاريخ.
وإذا كان انجاز اي حزب ينظر اليه قياساً الى الهدف الموضوع، فإن بالامكان القول ان حزب التحرير وطوال ما يقرب من خمسين عاماً لم ينجز شيئاً. ذلك انه حدد لنفسه هدفاً واحداً ووحيداً هو الخلافة، بينما تواضعت الحركات الاسلامية الاخرى الى تقسيم الانجاز والعمل في مختلف مناحي حياة المسلمين لاعادة الحالة الاسلامية للشارع، وهو ما كان حزب التحرير ينظر اليه بازدراء لأنه محض "ترقيع" واعتداء على مهمات الخليفة القادم!
وعلى رغم ذلك لم يجد قادة الحزب حاجة الى اجراء مراجعة للفكرة والبرنامج وظلوا يرددون بشكل غريب مقولات الشيخ المؤسس في كل شيء، بما فيها اقواله حول جواز تقبيل الاجنبية، والنظر الى الصور العارية رغم ان جواز هذين الامرين او عدمهما لا يقدم الخلافة يوماً واحداً ولا يؤخرها.
ولعل من ابرز معالم التكلس المزمن في عقل الحزب ترديد كلام الشيخ المؤسس حتى في قضايا السياسة، وبالذات قصة بريطانيا وأميركا. فقادة الحزب لا يريدون ان يقتنعوا بأن الدنيا تتغير وأن بريطانيا لم تعد امبراطورية، وأن احداث المنطقة لم تعد نتاج صراع بين النفوذ البريطاني والاميركي كما تقول بيانات الحزب، فيما العالم اجمع يقر بأن بريطانيا ليست اليوم سوى ذيل للسياسة الاميركية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.