الصين تحذر اليابان من هزيمة عسكرية «ساحقة»    المملكة توزّع (1,514) سلة غذائية بولاية شمال كردفان في السودان    ارتفاع أسعار النفط وخام برنت يصعد إلى 64.39 دولار للبرميل    مجمع هروب الطبي يفعّل مبادرتين صحيتين بالتزامن مع اليوم العالمي للسكري    القبض على إثيوبي في جازان لتهريبه (108) كجم "قات"    الأخضر يكسب تجريبية ساحل العاج    صحفيو مكة يشيدون بمضامين مؤتمر ومعرض الحج    قتلى وجرحى إثر هجوم روسي كبير على كييف    بلدية الدلم تضبط 13 مخالفة جسيمة وتغلق منشآة تجارية    «الأرصاد» يراقب تطورات الحالة المطرية من خلال تقنيات أرصادية تغطي أكثر من 90% من مساحة المملكة    اختتام دورة "فن احتراف الديكور الداخلي" ضمن "انطلاقة نماء" بجازان    استبعاد جيهي من المنتخب الإنجليزي بسبب الإصابة    مبابي يعرب عن سعادته لتأهل فرنسا للمونديال ووصوله إلى 400 هدف    شاهين شرورة ب 351 ألف ريال    اختتام فعالية التطوع الاحترافي بمشاركة 24 خبيراً و250 مستفيد في جدة    حرم ولي العهد تتبرع لصندوق دعم الأطفال المصابين بداء السكري من النوع الأول ب10 ملايين ريال    من النص إلى النشر".. نادي مداد وبيت الثقافة بجيزان يناقشان تجربة الكاتب وقارئه الأول    جمعية عين لطب العيون تنظم فعالية توعوية بمناسبة اليوم العالمي للسكري في جازان تحت شعار "فحصك اليوم    الأسهم العالمية تتراجع بشدة مع تبدد آمال خفض أسعار الفائدة    ديوان المظالم يفوز بجائزتين دوليّتَين في تجربة العميل 2025    البعيجان: الإخلاص أصل القبول وميزان صلاح الأعمال    الدوسري: برّ الوالدين من أعظم القربات إلى الله    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تعزز الوعي بداء السكري في سكرك بأمان    152 توأماً من 28 دولة.. والمملكة تحتفل بالإنجاز الجراحي رقم 67    جامعة محمد بن فهد تستذكر مؤسسها في احتفالية تخريج أبنائها وبناتها    موسم الدرعية 25/26 يستعد لإطلاق مهرجان الدرعية للرواية الأحد المقبل    تراجع أسعار الذهب من أعلى مستوى لها في أكثر من ثلاثة أسابيع    الفن يُعالج... معارض تشكيلية في المستشفيات تعيد للمرضى الأمل    %48 من القوى العاملة في المنشآت العائلية    أفضل خمس خدمات بث فيديو    رحلة الحج عبر قرن    شبكة عنكبوتية عملاقة    غدٌ مُشرق    عدسة نانوية لاكتشاف الأورام    انطلاق "موسم شتاء درب زبيدة 2025" في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    الأمير خالد الفيصل يكتب التاريخ ويفوز بلقب الروّاد في البطولة العربية للجولف بالرياض    المدير الرياضي في الأهلي: غياب توني لأسباب فنية    وزير "البيئة" يلتقي قطاع الأعمال والمستثمرين بغرفة الشرقية    مفتي عام المملكة يستقبل وزير العدل    غرفة القصيم توقع تفاهمًا مع الحياة الفطرية    الدفاع المدني يهيب بأخذ الحيطة والالتزام بالتعليمات مع توقع هطول أمطار رعدية على معظم المناطق    منسوبو وطلاب مدارس تعليم جازان يؤدّون صلاة الاستسقاء    "محافظ محايل" يؤدي صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين    محافظ صبيا يؤدي صلاة الاستسقاء تأسياً بسنة النبي واستجابة لتوجيه خادم الحرمين الشريفين    أول اجتماع لمكتب المتقاعدين بقوز الجعافرة    مصرية حامل ب9 أجنة    الثقوب الزرقاء ورأس حاطبة.. محميتان بحريّتان تجسّدان وعي المملكة البيئي وريادتها العالمية    محافظ محايل يزور مستشفى المداواة ويطّلع على مشاريع التطوير والتوسعة الجديدة    ذاكرة الحرمين    في أولى ودياته استعداداً لكأس العرب.. الأخضر السعودي يلتقي ساحل العاج في جدة    ترمب يواجه ردة فعل مشابهة لبايدن    القيادة تعزي رئيس تركيا في ضحايا تحطم طائرة عسكرية    وفد رفيع المستوى يزور نيودلهي.. السعودية والهند تعززان الشراكة الاستثمارية    آل الشيخ ورئيسا «النواب» و«الشورى» يبحثون التعاون.. ولي عهد البحرين يستقبل رئيس مجلس الشورى    وسط مجاعة وألغام على الطرق.. مأساة إنسانية على طريق الفارين من الفاشر    طهران تؤكد جديتها في المفاوضات النووية.. إيران بين أزمتي الجفاف والعقوبات    استعرض مع ولي عهد الكويت التعاون.. وزير الداخلية: مواجهة الجريمة والإرهاب بمنظومة أمنية خليجية متكاملة    تصفيات مونديال 2026.. فرنسا وإسبانيا والبرتغال لحسم التأهل.. ومهمة صعبة لإيطاليا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاثة محاور للاستراتيجية الفلسطينية خلال العام 1999
نشر في الحياة يوم 31 - 12 - 1998

يشعل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مساء اليوم شعلة في ساحة الجندي المجهول في غزة، ايذاناً ببدء الاحتفالات لمناسبة الذكرى السنوية لانطلاق حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح كبرى فصائل منظمة التحرير والتي قادت النضال الفلسطيني على مدى الاعوام الأربعة والثلاثين الماضية. وهو اذ يودع العام 1998 ربما يكون أكثر ثقة بأن حلمه الذي لن يهدأ له بال الى ان يحققه، كما هو مكتوب على الملصق الكبير الذي يحمل صورته، بات أقرب منالاً.
لقد حمل عام 1998، للفلسطينيين بعض الأحداث الطيبة والسارة، وبعض الأحداث الأليمة والمحزنة. ولكن إذا وضعت هذه الاحداث جميعها في كفة الميزان، فلعل كفة الاحداث الأولى، هي التي ترجح. اذ ان هذا العام الذي صادف خمسين سنة على نكبة الفلسطينيين، شهد ايضاً قيام رئيس الدولة الأعظم في العالم بزيارة الى الفلسطينيين الذين يقيمون على أرض فلسطينية يحكمونها، كما قال الرئيس الاميركي بيل كلينتون، ليستمع الى شكواهم وأحزانهم ويعلن، وهو بينهم، ان الولايات المتحدة باتت تقدر قوة روحهم وهويتهم.
وكان 1998 العام الذي شهد عند ذروته، تحطيم صلابة عريكة خصمهم رئيس الحكومة الاسرائيلية الأكثر تطرفاً، وأمكن في مفاوضات واي ريفر جعل حكومة ليكود تسلم بحقيقة أوسلو، مما أدى الى نزع الغطاء الايديولوجي عن النواة الأكثر صلابة لما يسمى بالمعسكر الوطني داخل اسرائيل. وأخيراً، بدلاً من اضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية، وسحب البساط من تحت أقدامها، فإن هذا البساط سحب من تحت أقدام حكومة نتانياهو التي انتهت أخيراً الى السقوط بعد ان تخلت مكرهة عن مساحات من الأرض الفلسطينية مما تعتبره "أرض اسرائيل الكبرى" أوسع مما تخلت عنه حكومة حزب العمل التي أبرمت اتفاق اوسلو مع الفلسطينيين.
ولهذه الانجازات التي أمكن لعرفات تحقيقها في العام المنصرم، لعله وهو يستهل العام الجديد 1999، كما في كل مرة، بالاحتفالات بانطلاق الحركة التي أطلق رصاصتها الأولى في 1 كانون الثاني يناير 1965، يحدوه الأمل بأن تكون السنة الجديدة 1999، هي خاتمة الوصول بحركته الى تحقيق انجازها التاريخي الأكبر، الذي حدده الفلسطينيون، ألا وهو اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وذلك بعد مضي خمس سنوات على التوقيع على اتفاق اعلان المبادئ في اوسلو، وهي سنوات وقع خلالها الفلسطينيون والاسرائيليون على أربعة اتفاقات اخرى، لتنفيذ مبادئها هي: اتفاق القاهرة أو ما يسمى اتفاق غزة وأريحا واتفاق طابا، واتفاق الخليل، ثم اتفاق واي ريفر.
لقد شهد تحقيق السلام، حتى وصوله الى منتصف الطريق، اندحار حكومتين اسرائيليتين هما حكومة حزب العمل في ايار مايو 1996، وحكومة ليكود في نهاية عام 1998. وينتظر الفلسطينيون الآن شهر أيار مايو المقبل، الشهر الحاسم، في الاتجاهين لكي يعرفوا هوية الحكومة الجديدة، الثالثة التي ستمضي معهم بقية الشوط بعد ان أمكن للاتفاقات التي ثابر عرفات على عقدها بالتوازي والتتالي مع الحكومتين، إزالة الهوة التي تباعد بين موقفي الحزبين الاسرائيليين الكبيرين، إزاء التسليم بحقيقة المعادلة الوحيدة التي تطرحها العلاقة بين الاسرائيليين والفلسطينيين، أي القبول بالهوية الفلسطينية.
لكن عرفات، الذي استقبل العام 1999 بالاعلان عن تجريد حملة ديبلوماسية مكثفة ومتواصلة واعادة تنظيم الأوراق الداخلية الفلسطينية استعداداً للتفاعل مع الموضوعين الأهم، على محور السنة الجديدة - تبلور الخارطة السياسية الجديدة في اسرائيل في ايار مايو، واعلان اقامة الدولة، في الموعد ذاته - أوضح استراتيجيته المقبلة، خلال الاجتماع الأخير الذي عقدته القيادة الفلسطينية. عرفات بحسب ما نقل عنه قال: "لن ندع ضفتي النهر تحددان مجرى النهر"، وهذه الاستعارة وجيزة، بقدر ما هي معبرة عن إطار الرؤية، أي ان الفلسطينيين لن يقفوا منتظرين تبلور الأمور والاتجاهات من حولهم، ولكنهم سيعملون على بلورة الاتجاه الذي ستأخذه هذه التحولات.
والحديث يدور في العام 1999 عن علامتين اخريين الى جانب علامة الانتخابات الاسرائيلية على الطريق المقبلة: انتهاء أجل الاتفاقات الموقعة بانتهاء المرحلة الانتقالية في ايار مايو، والمضاعفات التي يمكن ان تنشأ جراء التفاعلات المنبثقة من تداعيات الأزمة العراقية في الاقليم، وربما على مستوى العالم، وعلاقة كل ذلك بالنقطة التي قطعتها عملية السلام، عند منتصف الطريق.
لم ينتظر الفلسطينيون تبديد الوقت، وذهب عرفات الى القاهرة لرسم اطار خطة التحرك. ويجري الحديث عن اعادة إحياء الإطار الثلاثي الفلسطيني - المصري - الأردني الذي بدأ في قمة العقبة الثلاثية، قبل انتخابات حزيران يونيو 1992، التي جاءت بحزب العمل، وانعقدت في عمان عشية الانتخابات الاسرائيلية في ايار مايو 1996، التي جاءت بحزب ليكود وثمة تنسيق ثلاثي، بين الدول الثلاث الموقعة على اتفاقات سلام مع اسرائيل لاعادة توجيه الرسالة المشتركة.
ومن المحور العربي، الى المسرح الدولي، سيعمل الفلسطينيون على تثبيت الانجازات الطيبة التي حقوقها على مستوى علاقتهم الديبلوماسية النامية، مع كلتا القوتين الكبريين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، من دون ان يغفلوا عن التحولات التي تشهدها السياسة الدولية لموسكو في عهد صديقهم القديم يفغيني بريماكوف الذي يبلور اتجاهاً واضحاً في اعادة احياء دور القطب الروسي سابقاً على خلفية الانفراد الاميركي في العراق، وفي مفاوضات السلام بين الفلسطينيين واسرائيل.
لكن الاختبار الذي قد يواجهه الفلسطينيون أولاً، في النصف الأول من العام الجديد، يتعلق بكيفية الموازنة بين الموعدين الكبيرين، بعد ان أبعد الاسرائيليون باتفاق الحزبين الرئيسيين، موعد اجراء الانتخابات الاسرائيلية، الى اسبوعين من موعد الرابع من أيار مايو الذي تنتهي فيه المرحلة الانتقالية. ويبدو ان هذه المعادلة، هي التي تعجل في المدى القريب من اعادة طرح ترتيب وضع الأوراق الداخلية، وهو المحور الثالث في استراتيجية التحرك الفلسطينية على اعتاب الاستحقاقات التي يحملها معه العام 1999.
ولا يخفي الفلسطينيون اعتقادهم في نقاشاتهم الداخلية، بأن تأجيل موعد الانتخابات الاسرائيلية الى ما بعد 4 ايار مايو قد وضع اشكالات أمام كيفية بلورة هذه الموازنة، بطريقة لا تؤدي الى افقادهم زمام المبادرة. ويقال في هذا الصدد ان بنيامين نتانياهو كان يفضل موعد الانتخابات في 27 نيسان ابريل لكي يقول انه القادر على منع إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس بعد ان اصبح يشير الى الاسرائيليين في دعايته الى الربط بين الدولة والقدس. لكن أحمد قريع أبو علاء رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، أكد في حديث الى صحيفة "الأيام" أمس ان الانتخابات الاسرائيلية لن تؤثر في برنامج الفلسطينيين لإعلان اقامة الدولة في التاريخ المحدد. يوم 4 أيار مايو الذي عاد وكرر انه موعد تاريخي لم يتغير القرار الفلسطيني إزاءه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.