صلاة الميت على الأمير منصور بن بدر بن سعود    تخصيص 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية دولية    بيت سعودي لتعريف زوار منتدى الاقتصاد برحلة التحول    تكريم الطلبة الفائزين بجوائز "أولمبياد أذكى"    النفط يستقر مرتفعاً في إغلاق تداولات الأسبوع وسط مخاوف العرض    هندوراس تعفي السعوديين من تأشيرة الدخول    إخلاء مواطن ومواطنة حالتهما حرجة من القاهرة    روسيا تجدد هجماتها على قطاع الطاقة الأوكراني    التعادل الإيجابي يحسم لقاء الرائد مع الاتفاق في دوري روشن    رئيس الوزراء المصري يصل الرياض    أمير الرياض يوجه بسرعة رفع نتائج حالات التسمم    30 يونيو موعد القبول بجامعات الرياض    البنيان: الجامعات تتصدى للتوجهات والأفكار المنحرفة    وفاة الأديب عبدالرحمن بن فيصل بن معمر    حماس تراجع اقتراحا إسرائيليا مع اقتراب الهجوم على رفح    ضبط 19050 مخالفاً للإقامة والعمل وأمن الحدود    رأسية لابورت تمنح النصر نقاط مضيفه الخليج    تزامنًا مع ذكرى الرؤية.. جهود تطويرية للنهوض بقطاع التنمية الاجتماعية في المملكة    ضبط أداء الموروث برخصة رسمية ورقابة دائمة    ملتقى مرض الباركنسون يستكشف أحدث تطورات العلاج    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يُجري جراحة معقدة لعلاج جنف مضاعف بدرجة "120"    حرس الحدود: القبض على (9) إثيوبيين بجازان لتهريبهم (180) كجم "قات"    رئيس الشورى اليمني يشيد بجهود السعودية لإحلال السلام في اليمن    الأعاصير تسوي المنازل بالأرض في نبراسكا وأيوا    برعاية ولي العهد.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتوج الفائزين بكأس العلا للهجن في نسخته الثانية    كلوب يستبعد تعثر أرسنال وسيتي بالجولات الأخيرة    تركي بن طلال يلتقي أهالي عسير ويشيد بالإنجازات التعليمية في المنطقة    القصاص من مواطن أنهى حياة آخر بإطلاق النار عليه بسبب خلاف بينهما    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في غزة إلى 34388    أمير عسير‬⁩ يشكر القيادة على ما توليه من اهتمام بالتعليم ومنسوبيه    مدرب توتنهام: لا يهمني تعطيل آرسنال نحو التتويج    إطلاق برنامج للإرشاد السياحي البيئي بمحميتين ملكيتين    المالية تعدل اللائحة التنفيذية لنظام المنافسات والمشتريات الحكومية    إبداعات 62 طالبًا تتنافس في "أولمبياد البحث العلمي والابتكار"غدا    "911" يتلقى أكثر من 30 مليون مكالمة خلال عام 2023    الحقيل يبدأ زيارة رسمية إلى الصين الأسبوع المقبل    قطاع صحي خميس مشيط يُنفّذ فعالية "النشاط البدني"    ترقية الكميت للمرتبة الحادية عشر في جامعة جازان    المكتب التنفيذي لجمعية الكشافة يعقد اجتماعه الأول الاثنين القادم    زلزال بقوة 6.5 درجة يهز جزر بونين باليابان    ابن البناء المراكشي.. سلطان الرياضيات وامبراطور الحساب في العصر الإسلامي    عهدية السيد تنال جائزة «نساء يصنعن التغيير» من «صوت المرأة»    فرصة مهيأة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    الأهلي والترجي إلى نهائي دوري أبطال أفريقيا    فريق طبي سعودي يتأهل لبرنامج "حضانة هارفرد"    كبار العلماء: من يحج دون تصريح "آثم"    "طفرة" جديدة للوقاية من "السكري"    الصحة: تماثل 6 حالات للتعافي ويتم طبياً متابعة 35 حالة منومة منها 28 حالة في العناية المركزة    نائب أمير منطقة جازان يرفع التهنئة للقيادة بما حققته رؤية المملكة 2030 من إنجازات ومستهدفات خلال 8 أعوام    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    رؤية الأجيال    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    منتخب اليد يتوشح ذهب الألعاب الخليجية    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    مقال «مقري عليه» !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى لا ترتبط شخصية المعلم برائحة الثوم والموضة البائدة . أناقة المعلمين والمعلمات : صداقة للموضة أم عداوة للوقار ؟
نشر في الحياة يوم 02 - 11 - 1998

من المفارقات أن المعلم شخص نظيف وداعية إلى النظافة، لكنه في الغالب غير أنيق أو أن أناقته "دقة قديمة"، بل إن المعلم في نظر الطلاب هو عدو الموضة الأول.
ولنا أن نتخيل كم هي بعيدة شخصيات المعلمين عن الشخصيات التي يتقمصها الطلاب لنجوم الرياضة والفن وغيرهم، وكم أن الهوة بين المعلم وطالبه تتسع لنفور متبادل بين ذائقتيهما الجماليتين.
كانت هذه هي صورة المعلم التي ولدت وظلت تكبر في مخيلة الطلاب والطالبات منذ دخولهم المدرسة، لكن، مع اتجاه أعداد كبيرة من الشباب الجامعيين في السنوات الأخيرة إلى مهنة التعليم، بدأت الصورة تتغير، حيث المعلم الشاب والمعلمة الشابة أكثر حرصاً على مواكبة لباسهما للذوق الحديث، وهو ما يعرضهما لانتقادات مديري المدارس والمشرفين التربويين وغيرهم ممن يدافعون عن وجهات نظرهم بالاستقواء بالمفاهيم المحنطة للتربية بل المزايدة عليها بأساليب شتى.
هل الأناقة نقيض للرزانة والوقار؟ وهل إلغاء الشكل هدف رسالتنا التربوية/ المضمون؟ "طبعاً لا" يجيب المعلم الشاب محمد الصعب ثم يستدرك ان "المبالغة في الأناقة تحول الرجل من معلم إلى عارض أزياء". لهذا يناقش الصعب مفهوم الأناقة من ناحية ارتباطها بالموضة، نافياً أن تكون "محاكاة الموضات المتغيرة دائما واتباع صرعاتها وتقليعاتها من غير انتقاء ووعي علامة على الأناقة، لأن الأناقة لا تقتصر على ملبس المعلم ومظهره فقط، بل تشمل أناقة المبنى المدرسي والفصول والملاعب وغيرها من مرافق المدرسة، فإذا كان مظهر المعلم نظيفاً وجميلاً في مدرسة غير نظيفة فإن الأناقة تظل ناقصة ومضحكة".
والأناقة بمفهومها الشامل تؤثر إيجاباً في الطالب كما يؤكد الصعب، ويشاطره الرأي زميله علي الياسين معلم المواد الدينية في مدرسة ابن فضلان الابتدائية في الرياض إذ يقول: "يتفاعل الطالب مع معلمه الأنيق بصورة أفضل من تفاعله مع معلم عادي، لأن الطالب من طبيعته الانجذاب للجميل والجديد واكتشافهما، لذلك ينظر إلى المعلم الأنيق بإعجاب يدفعه إلى تعلم أساليب الأناقة واكتساب الذوق الرفيع في جمال المظهر منه من دون أن يشعر كلاهما بعملية التعلم".
هل للأناقة حد أقصى لا يتجاوزه المعلم؟
يجيب الياسين: "لا، ولكن يجب أن تكون الأناقة متوازية مع أو معبرة عن الرجولة التي تعني امتزاج الجمال الشكلي كما يراه الطالب بالقوة والصلابة والارادة، بحيث لا يفهم من مبالغة معلمه في التأنق أنها هدف وغاية على حساب القيم الأخرى".
الأناقة وسيلة تعليمية
معلم آخر في المرحلة الابتدائية هو محمد إبراهيم البلي يدعو أيضا إلى اعتناء أكبر من المعلم بجمال مظهره لأن الطالب لا يتعلم من مدرسه المضمون العلمي فقط بل هو في حاجة لتعلم أمور كثيرة خارج المناهج، مستشهداً بأن طلابه الصغار في الصفوف الأولى "يفرحون برائحة العطر في ثيابي عند دخولي الفصل، وهو ما يدل على أن الصغار يتمتعون بذائقة جمالية عالية. فقد لاحظت انتباههم العفوي حينما أصلح من هيئتي أثناء الحصة، كأنهم يحاولون معرفة طريقة وضع العقال على الشماغ وطريقة كفكفة أطراف الشماغ بعد لبسه على الرأس فوق بعضها، وغيرها من الأمور التي يجدونها صعبة لأنهم صغار". لكن البلي يشكو من مواقف بعض المديرين والمفتشين والمعلمين الزملاء من أناقة المعلم "حيث التشدد والتزمت والعشوائية سمات تفرغ النصائح والأوامر والنواهي التي توجه للزميل المعلم والطلاب المعجبين به من مضامينها التربوية، بل تحيلها خصومات شخصية تتخذ طابع التحدي والعناد والمكابرة من المعلمين والمديرين والطلاب".
لكن أولياء أمور الطلاب ليسوا بغافلين عن غرائب المدارس ومعلميها، إذ يعود إليهم أولادهم كل يوم بأحدث قرارات المنع والحظر، تلك التي تجعلهم مستعدين طيلة العام لنقل أولادهم إلى مدرسة أخرى، وهم لتقليل ضرر المفاجآت يعتمدون سياسة جمع المعلومات، فيعرفون شخصيات المعلمين والعوامل المؤثرة في أمزجتهم من الطرف التي تروى عن هيئاتهم وعيوبهم.
تقول بدرية السماري معلمة مادة الجغرافيا أن ابنها الذي يدرس في المرحلة المتوسطة كان يشكو دائما من إهمال معلمه لنظافته الشخصية، حيث لا تفارقه رائحة الثوم والعرق: "أحبس الهواء في صدري وأوقف تنفسي أمام المعلم حتى ينتهي من التصحيح". أما ابنها الصغير في الصف الثاني في المرحلة الابتدائية فأخبر المعلم ذات يوم بأن "رائحته كريهة" لكن هذا الأخير رد على عفويته وصراحته البريئة بالتوعد والتهديد قائلا له: "أوريك!".
وفي السياق نفسه يقول راشد الفهد أن بعض المعلمين يحيد عن المبادىء التربوية البدهية في تعامله مع الطلاب حيث "يعترض أحدهم على طول شعر رأس أحد الطلاب مع أنه ليس بالطول الفاحش الذي يخشى معه اتساخ الشعر الذي هو السبب الوحيد لقص الشعر، وقد كان سبباً منطقياً ووجيهاً في الماضي قبل أن تعم المدنية والتطور، وإلا فإن تربية الشعر مباحة في الأصل، بل هي سنة الرسول عليه السلام حيث كان يضفر شعره الطويل جدائل. أما حلق الشعر بصورة كاملة فليس إلا تقليدا لتقاليد المدارس العسكرية في العصر الحديث". ولا يطالب الفهد المدارس بالسماح لأولاده بترك شعرهم تطول وإنما باتباع الأصول التربوية في التعامل الكريم وعدم الإساءة بالتشهير بالطالب الذي لا يُشك في نظافته وتحضر أسرته، بأن "القمل يملأ رأسه". ويستعرض الفهد أساليب المعلمين وقراراتهم المرتجلة التي تمحو شخصية الطالب: "كل معلم كوكب مستقل يسبح في فلك خاص لا علاقة له بغيره: هذا معلم يرتجل قراراته على الطلاب، ضارباً عرض الحائط بكل ما سبقه من أنظمة سنها زملاؤه الآخرون. وهذا معلم يحتج على طالب يرتدي قميصاً كتبت عليه عبارة باللغة الإنكليزية، في حين يتباهى هو في مواقع أخرى بما يحفظه من كلمات وجمل انكليزية، كذلك بماركة سيارته الأجنبية وساعته وكل ما يقتني من الأجهزة وقطع الأثاث، من دون أن نستثني الأسماء الانكليزية المطبوعة على الشماغ الذي يرتديه ذلك المعلم نفسه كما هي على الثياب كذلك. وهذا معلم آخر يعاقب طالباً يرتدي بنطالاً رياضياً لأنه يتشبه بالغرب، في مقابل معلم يعاقب الطالب نفسه في يوم آخر على عدم ارتدائه البنطال الرياضي في حصة الرياضة". ويضيف الفهد إن "كل هذه الصياغات المتناقضة لشخصية الطالب وفق أمزجة بعض المعلمين تتم في مكان واحد وزمن واحد، وكلها أيضا تتزامن مع صياغات أخرى نقيضة تتم خارج المدرسة: فالعم يأمر وينهى والخال ينسف كل أمر ونهي سابقين والأخ الكبير والجد والجدة إلى ما لانهاية، فماذا يتبقى للطالب بعدها من مقومات الشخصية المستقلة المبتكرة".
معلمات أنيقات لا عارضات أزياء
من جانب آخر تفوق المعلمات المعلمين في الأناقة وما يتفرع منها ويتقاطع من قضايا التربية، نظراً لأن التجمل غريزة متأصلة في المرأة تخالف النظام التعليمي والتربوي الصارم الذي يطبق في مدارس البنات، بحيث تلزم المعلمات والطالبات بارتداء زي موحد. فكيف توفق المعلمة بين متطلبات الأناقة التي تراقبها الطالبات بدقة وبين أوامر وأنظمة تعتبر الأناقة نقيضا للرزانة الزي الموحد وعدم استخدام الزينة؟ ما الذي تراه حسناً من الأناقة وما الذي تراه شائناً فيها؟
"الأناقة جزء من الرزانة والوقار" هكذا تجيب بدرية السماري التي تعتبر أن الأناقة أيضا "تعزز التواصل والتفاعل بين الطالبات والمعلمة، فكلما زاد إعجابهن وقبولهن للمعلمة زاد تأثرهن بما تقوله وتشرحه لهن". وتضيف السماري أن المعلمة الناجحة هي التي"تختار من الأناقة ما يتلاءم مع الرزانة بحيث تبدو ملابسها منسجمة مع دينها وكونها مربية، ومنسجمة كذلك مع مكان العمل وأجوائه".
وتوضح فاطمة محمد معلمة مادة العلوم في المرحلة الابتدائية عملية التأثر تلك: "عندما نذهب إلى السوق تختار الطالبة والطالب شراء الملابس والحاجات التي شاهداها على أو مع المعلم والمعلمة اللذين يحبانهما: هذه مثل حقيبة أستاذي. أريد حذاء مثل حذاء معلمي فلان". ولا ترى فاطمة بأساً في اتباع المعلمة في لباسها الموضة السائدة لكن "بحدود" بحيث يتفق زيها مع الاحتشام ويناسب العمل، لكنها تعتبر الألوان المزركشة والصارخة وكذلك المبالغة في لبس الحلي واستخدام المساحيق والأصباغ أموراً شائنة في أناقة المعلمة.
وتذهب لطيفة سعد معلمة مادة التاريخ إلى ما ذهبت إليه زميلتاها، لكنها ترفض "تحويل مدراس البنات إلى صالات عروض للأزياء أو للمناسبات والسهرات كما يتجلى ذلك من خلال المبالغة في تسريحات الشعر وارتداء الملابس الشفافة وذات الألوان الصارخة كالفضي والذهبي والفوسفوري وكذلك الأحذية ذات الكعوب العالية والتباهي بلبس الحلى الكثيرة". أما الأناقة المقبولة فهي تكمن كما تقول لطيفة في "النظافة الدائمة والمظهر المرتب وفي البساطة والهدوء وتناسق الألوان".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.