أرييل شارون شخص بلا مبادئ. هذا هو المعطى الأول. في السبعينات حين اختار دخول العمل السياسي، بحث عن حلفاء من اليسار كيوسي ساريد والكاتب اموس كنعان. وحين سُدّ في وجهه باب اليسار، انتقل الى اليمين آملاً ان يصبح ملكه المتوّج. كان دور موشي دايان كوزير للدفاع في 1967 غاية "اريك". سعى الى الوزارة ولم يوفّق. مجده الصغير في 1973 لم يكفه، فضم اليه مجداً اكبر في حرب لبنان عام 1982. أُجبر على الاستقالة في 1983 لأنه غطى مجزرة صبرا وشاتيلا. المحكمة ما لبثت ان حكمت عليه بالكذب على رئيس الحكومة مناحيم بيغن ابان حرب لبنان. كاتب سيرته، الصحافي الليبرالي عوزي بنيامين، كان اتهمه بالكذب وكسب الدعوى. تاريخه الشخصي يوحي ان المبدأ يقع في المرتبة العاشرة. اما المرتبة الأولى فللطموح الشخصي بأي طريقة كانت. يتطرف حين يوصله التطرف، ويعتدل حين يوصله الاعتدال. ابان كمب ديفيد كان يُستعان به لتليين بيغن. وحين تولى المفاوضة مع الأردن حول المياه لم يكن شارون شارونياً. قبل اسبوع ظهر "اريك" على التلفزيون ليتباهى بأنه الاكثر شعبية: الاكثر شعبية لأن اليمين وأقصى اليمين معه. لكنه تباهى ايضاً بأن ابو مازن وأبو علاء يحبان التحدث اليه ويمكنهما التفاهم معه. و"اريك" لا يحب بيبي. يعتبره طارئاً على المؤسسة الليكودية التاريخية، وقد سبق ان وصفه بأنه لا يعرف يمينه من يساره. نتانياهو، بدوره، لا يحب شارون، الثقيل الجسم والطموح. كان ينوي عدم توزيره لولا تضامن ديفيد ليفي معه آنذاك. وقبل اسابيع فقط سرّبت صحف اسرائيلية رغبة رئيس الحكومة في ابعاده عن وزارة البنية التحتية. واحدهما يكره الآخر. اذن هي تركيبة ساخرة وسينيكية يحكمها مبدأ: لنفعلها معاً. نتانياهو يفكر، ربما، في استخدام وزنه لدى اليمين المتطرف لتمرير انسحاب آخر. وفي غضون ذلك يعطي وزارة البنية التحتية، الغنية والمهمة، لأحد انصاره المباشرين. يراهن على ان طموحه وتعريضه للعالم وللديبلوماسية وللولايات المتحدة يجعلانه يعتدل ويصافح عرفات. لهذا مهّد نتانياهو لتسليمه الخارجية بتغييره موقع "الاحتياط الطبيعي" 3 في المئة من أراضي الضفة الغربية: بدل ان يكون قرب الحدود الشرقية لاسرائيل، وهو ما اعتبره شارون "خطراً امنياً"، فليكن عند سفح مرتفعات الخليل قريباً من المستوطنات. شارون، في المقابل، ارتاح الى هذا التمهيد. لأشهر، وكوزير للبنية التحتية، عارض اعادة توزيع القوات الاسرائيلية بما يتجاوز نسبة الپ9 في المئة من الضفة. اعتبر ذلك "كارثة وطنية". الآن قد يجد من الصعب عليه كوزير للخارجية ان يعارض قرار رئيس الحكومة والولايات المتحدة بالانسحاب من 13 في المئة. عسى تتغلب، اذن، داخلية شارون الانتهازية على خارجيته. فالتسوية اليوم ربما كانت في مأزق لا تخرجها منه الا السينيكية. هل تخرجها؟