أنقرة، طهران، موسكو، فيينا – أ ب، رويترز، أ ف ب – أعلنت تركيا أمس موافقتها على نصب رادار للإنذار المبكر في أراضيها، في إطار «الدرع» الصاروخية التي ينوي حلف شمال الأطلسي نشرها في أوروبا لمواجهة الصواريخ الباليستية الإيرانية، فيما هددت إيران «أي معتدٍ» بردّ يحوّلها «جحيماً لقوات العدو، في البرّ والجو والبحر». في غضون ذلك، أعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن «قلق متزايد» من معلومات استخباراتية تفترض أن إيران تواصل العمل سراً على مكونات لبرنامج تسلح نووي. وأشارت في تقرير الى أن «دولاً أعضاء» في الوكالة، تقدم أدلة تثبت هذا التقويم، مؤكدة امتلاكها معلومات ذات صدقية «واسعة وشاملة». وأفاد التقرير بأن طهران بدأت تركيب أجهزة طرد مركزي تُستخدم في تخصيب اليورانيوم، وذلك في منشأة «فردو» القريبة من مدينة قم، والمحصنة في جبل قرب قاعدة ل «الحرس الثوري»، لحمايتها من أي هجوم جوي. جاء ذلك بعد ساعات على إعلان الخارجية التركية أن المفاوضات بين أنقرة و»الأطلسي» في شأن نشر الرادار «وصلت الى مرحلتها النهائية»، لكنها لم تحدد موقع نصبه وموعده. وأضافت الوزارة في بيان: «من المقرر أن يُنشر في بلادنا نظام رادار للإنذار المبكر، خصصته الولاياتالمتحدة للحلف الأطلسي. واستضافة تركيا هذا العنصر، ستشكّل مساهمة بلادنا في النظام الدفاعي الذي يُطوّر في إطار المفهوم الاستراتيجي الجديد للحلف الأطلسي، ويعزّز القدرة الدفاعية للحلف ونظامنا الدفاعي الوطني». وتشير الوزارة بذلك الى تبني قمة لقادة الدول ال28 الأعضاء في الحلف، عُقدت في لشبونة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، مفهوماً استراتيجياً جديداً ل «الأطلسي» للعقد المقبل، يتمثل في التزامه الدفاع الجماعي عن أعضائه. ووافق أعضاء الحلف على نشر «درع» مضادة للصواريخ، تحمي أوروبا من الصواريخ الباليستية الإيرانية. لكن قادة «الأطلسي» توصلوا الى تسوية مع أنقرة التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع طهران، وهددت بوقف الصفقة إذا ذُكِرت إيران في شكل صريح بوصفها تهديداً. واتخذت أنقرة موقفاً مغايراً لموقف واشنطن من الملف النووي الإيراني، داعية الى تسوية سلمية بدل العقوبات. لكن اتفاق نشر الرادار يأتي في وقت تتباين فيه مقاربتا تركيا وإيران لأحداث سورية. وتعارض روسيا نشر «الدرع»، إذ تخشى أن تهدد صواريخها النووية أو تقوّض قدرتها على الردع. ووافقت موسكو العام الماضي على البحث في اقتراح «الأطلسي» التعاون في شأن «الدرع»، لكنها أصرّت على إدارتها في شكل مشترك، وهذا ما رفضه الحلف. وأكدت وزارة الدفاع الأميركية بدء تشغيل الرادار في تركيا، نهاية العام، مشيرة الى ربطه بسفن الدفاع الصاروخي في البحر المتوسط. وأشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى «إنشاء الدرع الصاروخية الأوروبية، وفقاً للأبعاد التي رسمتها واشنطن، والتي قد تشكل بحلول نهاية العقد خطراً على القوات النووية الاستراتيجية الروسية، علماً أن الأطلسي لا يريد تقديم ضمانات بعدم توجيه درعه ضد روسيا». وشدد على أهمية «ضمان الأمن المتكافئ وغير المنقسم، بالأفعال وليس الأقوال». وأعلن المندوب الروسي لدى «الأطلسي» ديمتري روغوزين نيته زيارة طهران أواخر الشهر، لمناقشة برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية و»الدرع» الأميركية في أوروبا. وقال: «نحن مهتمون بتوضيح من إيران لخططها لتطوير صواريخ، ينبّه غالباً من خطرها شركاؤنا في الولاياتالمتحدة وأوروبا». وأضاف أن «مسألة التوازن والاستقرار الاستراتيجيين، ليست فقط قضية العلاقات الروسية - الأميركية». وحذّر خبراء روس من خطر نشر مكونات «الدرع» في تركيا. وقال نيكولاي سافكين، وهو باحث في «مركز التقويم والبحوث الاستراتيجية» الذي يتخذ موسكو مقراً، ان «المشروع الجديد لنشر الدرع، بما في ذلك نصب رادار في تركيا، يغطي كلياً جنوبروسيا، خصوصاً البحر الأسود والقوقاز حيث (تنتشر) قواعد عسكرية روسية كثيرة، ستصبح تحت سيطرة الأطلسي». أما ألكسندر كراتشيكين، مدير «معهد التحليل السياسي والعسكري» (مقره موسكو)، فعزا نشر الرادار في تركيا الى أحداث سورية، خصوصاً نية طهران مساندة دمشق إذا واجهت تدخلاً عسكرياً غربياً لإطاحة نظام الرئيس بشار الأسد. واعتبر أن «تركيا بلد مثالي لشنّ عمليات عسكرية ضد سورية». في غضون ذلك، حذر قائد مقر «خاتم الأنبياء» للدفاع الجوي في إيران، الجنرال فرزاد إسماعيلي، «أعداءنا إذا فكّروا في مخيلتهم الساذجة، بالتآمر لتوجيه ضربة الى النظام الإيراني المقدس». وقال: «قواتنا ستردّ على أي عدوان بقوة صاعقة وفي أقصر وقت ممكن، وإذا ارتكب الأعداء أي حماقة، ستتحوّل إيران الإسلامية بالنسبة إليهم، جحيماً في البرّ والجو والبحر، وستحرقهم بنيرانها».