الإنترنت في السعودية.. 99% نسبة الانتشار.. والهواتف المتنقلة الأكثر استخدامًا ب98.9%    مراكز حقوقية تحذر من مخطط للاحتلال لتهجير النازحين عن مدينة رفح    تكليف محمد علي زيلعي مديرًا لإدارة التطوير ودعم الأداء في بلدية الشقيق    الشرطة تفرق اعتصاما مؤيدا للفلسطينيين في معهد الدراسات السياسية بباريس    أرتيتا يلمح لإمكانية مشاركة تيمبر مع أرسنال أمام بورنموث    المعرض السعودي للإضاءة والصوت SLS Expo 2024 يقود التحول في مستقبل الضوء الاحترافي والصوت    الأمن العام يعلن بدء تنفيذ التعليمات المنظمة للحج بحصول المقيمين الراغبين في دخول العاصمة المقدسة على تصريح    التايكوندو السعودي يحقق أفضل اتحاد عربي    يايلسه غاضب بسبب موعد كلاسيكو الأهلي والهلال    موعد مباراة الاتحاد وأبها اليوم في الدوري السعودي    تعديلات على اللائحة التنفيذية لضريبة التصرفات العقارية    «البيئة»: 30 يومًا على انتهاء مهلة ترقيم الإبل.. العقوبات والغرامات تنتظر غير الملتزمين    الفوزان: : الحوار الزوجي يعزز التواصل الإيجابي والتقارب الأسري    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء    جامعة الإمام عبدالرحمن تستضيف المؤتمر الوطني لكليات الحاسب بالجامعات السعودية.. الأربعاء    اختبار جاهزية الاستجابة لأسلحة التدمير الشامل.. في التمرين السعودي - الأمريكي المشترك    الصحة العالمية: الربو يتسبب في وفاة 455 ألف إنسان    سحب لقب "معالي" من "الخونة" و"الفاسدين"    إشعار المراسم الملكية بحالات سحب الأوسمة    تحويل حليب الإبل إلى لبن وإنتاج زبد يستوقف زوار مهرجان الألبان والأغذية بالخرج    الذهب يتجه للانخفاض للأسبوع الثاني    أمطار متوسطة إلى غزيرة على معظم مناطق المملكة    "ريمونتادا" مثيرة تمنح الرياض التعادل مع الفتح    الأهلي يقسو على ضمك برباعية في دوري روشن    "جوجل" تدعم منتجاتها بمفاتيح المرور    شراكة بين "البحر الأحمر" ونيوم لتسهيل حركة السياح    " عرب نيوز" تحصد 3 جوائز للتميز    "تقويم التعليم"تعتمد 45 مؤسسة وبرنامجًا أكاديمياً    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية    المملكة: صعدنا هموم الدول الإسلامية للأمم المتحدة    وزير الطاقة: 14 مليار دولار حجم الاستثمارات بين السعودية وأوزبكستان    «الاحتفال الاستفزازي»    فصول ما فيها أحد!    أحدهما انضم للقاعدة والآخر ارتكب أفعالاً مجرمة.. القتل لإرهابيين خانا الوطن    وفيات وجلطات وتلف أدمغة.. لعنة لقاح «أسترازينيكا» تهزّ العالم !    ب 3 خطوات تقضي على النمل في المنزل    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    الخريجي يشارك في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية للدورة 15 لمؤتمر القمة الإسلامي    لجنة شورية تجتمع مع عضو و رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الألماني    الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    136 محطة تسجل هطول الأمطار في 11 منطقة بالمملكة    شَرَف المتسترين في خطر !    تشيلسي يهزم توتنهام ليقلص آماله بالتأهل لدوري الأبطال    كيف تصبح مفكراً في سبع دقائق؟    كيفية «حلب» الحبيب !    يهود لا يعترفون بإسرائيل !    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية ويشهد تخريج الدفعة (103)    قصة القضاء والقدر    تعددت الأوساط والرقص واحد    من المريض إلى المراجع    أمير جازان يطلق إشارة صيد سمك الحريد بجزيرة فرسان    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    مركز «911» يتلقى (2.635.361) اتصالاً خلال شهر أبريل من عام 2024    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ    مباحثات سعودية فرنسية لتوطين التقنيات الدفاعية    ما أصبر هؤلاء    هكذا تكون التربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«بنات إيران» سيرة روائية لناهيد رشلان ... عائلة في طهران
نشر في الحياة يوم 23 - 06 - 2009

لا شيء يمكن أن يقال عن الأسلوب الروائي غير النمو والسلاسة والملاحظة الجيدة التي لا تنسى المرجعية السياسية والدينية للأحداث، تلك هي سمات السرد الرئيسة في رواية ناهيد رشلان الايرانية الأولى والمكتوبة بالإنكليزية (دار الكتاب العربي، نشرت بالإنكليزية في 2006، وترجمها عمر الأيوبي في 2008) التي تروي فيها سيرتها الذاتية حريصة على رصد الذكريات في قالب روائي يعنى بالمصائر والثنائيات (إيران أميركا، الماضي الحاضر، الحداثة - التراث). وقد يظن القارئ انه مقبل على حكاية ميلودرامية ترويها ناهيد منذ أن وعت على نفسها بنتاً صغيرة ضحت بها أمها لأختها مريم، الأرملة المتوحدة المحرومة من الإنجاب والمقيمة في العاصمة طهران بعيداً من الأهواز مسقط رأس المؤلفة، لكن ما إن تبلغ التاسعة حتى ينتزعها أبوها من حضن خالتها مريم غير آبه بدموعها ليعود بها مكرهة إلى الأهواز حيث رائحة النفط والزحام العائلي والمدارس العمومية وفقدان حنان الخالة لتعيش حزينة بين أختين غيورين، هما الكبرى باري والوسطى ياينجة، وأخوين هما سياروس وبرويز وخادم أعمى اسمه «علي» تعطف عليه المؤلفة وتقرأ له قصص «ألف ليلة وليلة» فتقوي بذلك حبها للرواية والحكي. سيشكو الأب كثيراً من بناته إذ يجلبن عليه المشاكل بعلاقاتهن العاطفية ومواهبهن الفنية والأدبية التي تفتح باباً على السياسة المحظورة.
لن تخاطب أمها أبداً بنداء الأم الغارقة في هموم الدار والأب الذي يعمل قاضياً حتى في الدار، فأحكامه لا تقبل النقض، لكن عند بلوغ ناهيد ستتحسن علاقتها بأختها باري التي ستمحضها أسرارها العاطفية مع مجيد الذي يشاركها حب المسرح والأفلام الأميركية والحياة العصرية الغربية ويتقدم منها خاطباً فيرفض الأب الصارم ويجبرها على الزواج من تاجر سجاد غني اسمه طاهري الذي سيتعهد لها بأنه سيحترم هوايتها في التمثيل، وسيسجل لها مؤخراً كبيراً قدره نصف مليون تومان. لكن ما إن يتزوجها حتى يتكشف عن منافق يحول حياتها إلى جحيم، فتضحي بطفلها وبمؤخرها... وباكتشافها انه سجين سابق بسبب قتله امرأة عابرة بحادثة سير، ستجد ذريعة لطلب الطلاق، وستتفاقم مأساتها بزواجها من منصوري وتقضي عمرها في المحاكم وهي تسعى للحصول على رعاية ابنها إلى أن تسقط ميتة من على الأدراج في شبهة انتحار يائسة من الحياة التي لم تمنحها السعادة بعد زواجين بائسين، وستكون الرواية هذه هدية الى روحها.
الأخت الثانية ياينجة تحظى برعاية أفضل من أمها وتتزوج مرتين من غير أن تظفر بالسعادة في مجتمع ذكوري أبوي منافق. تروي الكاتبة بأسلوب المتكلم قصصها العاطفية الأولى، والقبلة الأولى مع الشاب الأميركي جيمس، وولعها بالقراءة والقصص الممنوعة التي يؤمّنها لها صاحب مكتبة طبطبائي «جلال» سراً، والذي سيغيب في سجون السافاك مع كثر، وما إن يكتشف الأب أنها تقرأ «غوركي» و«موباسان» الممنوعين حتى يصاب بالذعر ويخشى عليها من السافاك ومن تأثير معلمتها «سليماني» المتنورة، فيقرر الأب أن يرسلها إلى أميركا لتلحق بأخويها سياروس وبرويز في منحة دراسية، فهو على الأقل سيكون مطمئناً عليها من «طيشها» وشهوات الشباب ورقابة المجتمع الصارمة وبطش المخابرات التي تنكل بالمعارضين اعتقالاً وتعذيباً أو تقتلهم في حوادث سيارات «عارضة» كما حدث مع المعلمة سليماني أو بالسم كما حدث مع نجل الخميني مصطفى الذي قضى في النجف انتقاماً.
تنتقل الرواية في قسمها الثاني إلى أميركا (جامعات ليندنغروف في سانت لويس)، وهناك تروي وحشتها في مجتمع أميركي ينظر بريبة إلى زيها ودينها وسيفتح تغير المكان عينيها على المقارنة بين ثقافتين مختلفتين، وستشير إلى قهر اجتماعي وسلوكي في كليتها التي ترغمها على حضور موعظة الأحد والمشاركة في حفلات الشباب الراقصة التي ستهرب منها إلى عالمها الداخلي وتحصل بصعوبة على صداقة إحدى الزميلات، ويحاول شابان إقامة علاقة جنسية سريعة بعد قبلتين فترفض تسليم نفسها بتلك السرعة وتقارن بين صبر الشاب الإيراني واستعجال الشاب الأميركي على اللذة الجنسية، لكنها في التجربة الثالثة تستسلم لحب الأميركي اليهودي «هاوي» وتتزوجه غير مبالية بأبيها الذي لن تطولها سطوته وستنجب ولداً تسميه «ليلي» سيعاني من الغربة والنظرة العنصرية بعد أحداث الثورة الإسلامية واحتجاز الرهائن في السفارة الأميركية. فالأحداث السياسية هي القماشة التي تنسج عليها الوقائع الاجتماعية بأهم المحطات السياسية مثل ثورة مصدق عام 1953 والتي تآمرت عليها أميركا وأحبطتها، وواقعة اعتقال الخميني وسجنه ونفيه وغضبة الشعب الإيراني بسبب شتائم وجهتها إليه الصحافة الشاهانية، ثم «الثورة البيضاء» الفاشلة عام 1962 التي أطلقها الشاه محاولاً تعديل بعض الأوضاع «الدينية السوداء» بحزمة قوانين زراعية وصناعية وقانونية. ومن الأحداث المهمة الاحتفال العملاق الباذخ والمسرف الذي أقامه الشاه عام 1971 بمناسبة مرور 2500 عام على مملكة داريوس ببناء بيرسيوبوليس من جديد... في هذه الأثناء ستتطور موهبتها في الكتابة وتشرح لنا بأمثلة قصصية كيف تعيد ترتيب الأحداث بالحذف أو التبديل أو التطوير في وقائعها، وستعود إلى إيران عشية الثورة الإسلامية، ثم تعود بعد عشر سنوات أخرى لتراقب دراما التاريخ، ولتكتشف أن إيران استبدلت استبداد السفّاك باستبداد حرس الثورة، ثم تعود مرة ثالثة في عهد خاتمي لتغطي سيرتها أكثر من خمسين سنة من عمر إيران السياسي والاجتماعي في عهدين من خلال سيرة عائلة من الطبقة الوسطى.
تتوافر الرواية على حس اجتماعي جيد يعي أهمية الدين والتقاليد وتشبك عناصره سردياً في الرواية. على سبيل المثال: تقتضي تقاليد حفلة العرس الإيرانية (عرس باري) وجود مائدة عليها مرآة للحظ وشمعتان تمثلان الضوء وطبق يحوي أعشاباً ملونة والتوابل المتعددة الألوان لكسر السحر وشر التعاويذ وسلة للبيض المزين الذي يرمز الى الخصوبة وطبق من الرمان يمثل فاكهة الجنة وكاسة ذهبية فيها نقود ترمز الى الازدهار والثروة والسكر ينثر فوق العروسين. إنّ رواية ناهيد رشلان تقدم صورة ل «بنات إيران» – عنوانها الحرفي - وأولادها وأمهاتها وساستها وتقاليدها الأسرية والدينية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.