عاد ملف الكهرباء، مع اقتراب فصل الصيف، إلى الصدارة في جلسة مجلس الوزراء اللبناني أمس، من خلال مداخلة لرئيس الجمهورية ميشال عون شدد فيها على أن اللبنانيين يريدون الكهرباء «ومن لا يريد فليقل لهم هذا الكلام، لأن الوعود لن تحل مشكلة وتؤمن التغذية بالتيار في ظل النقص في التغذية، ومن مسؤوليتنا أن نؤمن حاجات اللبنانيين، ومن لديه اعتراض على الحلول المطروحة فليبادر إلى تأمين البدائل، وأنا لا أملك شركات وكل ما في الأمر أن نتوصل إلى الحل الموقت على الأقل، ريثما يصار إلى بناء المعامل لتوليد الطاقة». وقال نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسان حاصباني إن «لا خلاف على ضرورة تأمين الكهرباء والعمل على سد النقص الحاصل في التغذية، لكننا نريد تأمينها بأسعار معقولة وبأسرع وقت ممكن وهناك حلول بديلة». وتدخل عدد من الوزراء وسألوه عن الحلول البديلة ليكون في وسعهم البحث فيها. وهنا اقترح أكثر من وزير الاستعانة بالمولدات لتوليد الطاقة على أن توضع في المحطات الموجودة حالياً، ورد وزير الطاقة سيزار أبي خليل بقوله: «نحن في الوزارة أعددنا دراسة عن الاستعانة بالمولدات وتبين أن كلفتها عالية، إضافة إلى الحاجة إلى أكثر من مئتي شاحنة لنقل الفيول إليها». ولفت إلى أن الدول الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية تستعين عادة بالمولدات بصورة استثنائية في حال انقطاع التيار الكهربائي لتأمين البديل. ورأى رئيس الحكومة سعد الحريري أن من غير الجائز عدم الوصول إلى تفاهم على تأمين التيار الكهربائي، وقال: «نحن نريد اليوم قبل الغد حلاً يؤمن لنا 1400 ميغاواط للتعويض عن النقص الموجود حالياً والذي يضطرنا إلى التقنين في تأمين الكهرباء». وعاد أبي خليل إلى القول: «لدينا اقتراحات جديدة سنودعها مجلس الوزراء لدراستها». ورد الحريري: «علينا أن نتريث ريثما نبحث في هذه الاقتراحات». وما أن انتهى الحريري من الكلام في ملف الكهرباء، انتقل مجلس الوزراء للبحث في البنود المدرجة على جدول أعماله، خصوصاً أن معظم الوزراء لم يشاركوا في النقاش في الملف (إشارة إلى موقفهم الاعتراضي على استقدام البواخر)، ما لم يدرس بشفافية لأن هناك إمكاناً لخفض كلفة استئجار هذه البواخر، خصوصاً أن أبي خليل استبعد جر الكهرباء من مصر لأن كلفتها ستكون أعلى من استئجار البواخر، مع أن الوزير جان أوغسبيان كان شدد على أن من لديه بدائل عليه أن يتقدم بدراسة لمناقشتها في مجلس الوزراء. وبحث مجلس الوزراء في إصدار مرسوم قبل السادس من نيسان (أبريل) المقبل، يتعلق بتنظيم عملية الاقتراع للبنانيين المقيمين في الخارج في السفارات والقنصليات اللبنانية، شرط أن يقتصر على الذين بادروا إلى تسجيل أسمائهم، إضافة إلى تحديد مراكز الاقتراع. وسأل وزير الإعلام ملحم رياشي كيف سيتم شحن صناديق الاقتراع من هذه المراكز إلى بيروت، فقيل له إن شحنها سيتم بواسطة البريد السريع على أن تكون مختومة وتسلم إلى وزارة الداخلية التي تشرف على فرزها من دون أي تدخل من السفارات أو القنصليات، وفي الوقت ذاته الذي يتم فيه فرز الأصوات مع انتهاء الانتخابات ليل السادس من أيار (مايو) المقبل، وهذا ما نص عليه قانون الانتخاب. وطرح وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة مجموعة من الاقتراحات التربوية وسأل إذا ما تقرر اعتمادها مع جدولة كلفتها في موازنة العام الحالي التي يبدأ البرلمان بمناقشتها اليوم أو سيصار إلى ربط نزاع حولها ما يدفع المستفيدين منها الاحتكام إلى القضاء. الجلسة وبعد انتهاء الجلسة، تلا وزير الشؤون الاجتماعية بيار أبو عاصي البيان وفيه: «قال رئيس الجمهورية نحن على مسافة 40 يوما من الانتخابات، نأمل من الجميع الالتزام بالتنافس الانتخابي الهادئ، وإنجاز التحضيرات الممهدة للعملية الانتخابية تنظيميا وإدارياً ولوجيستياً، وأمنياً وتكثيف حملات التوعية حول العملية الانتخابية وكيفية الاقتراع استدراكاً لعدم حصول أخطاء، والتشديد على إعلام المواطنين كيف يقترعون وفق النظام الجديد للوائح المطبوعة سلفاً». ولفت إلى أنه «اعتباراً من 20/5/2018 تاريخ انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي وبدء ولاية المجلس الجديد، تعتبر الحكومة مستقيلة وتبدأ مرحلة تصريف الاعمال. وبناء عليه، واعتباراً من اليوم وحتى هذا التاريخ، أتمنى على الوزراء بت الأمور العالقة في وزاراتهم، لا سيما تلك المتعلقة بالقضايا الملحة لجميع المواطنين والمناطق من دون استثناء، وذلك من دون أي اعتبار سياسي أو انتخابي». بعد ذلك، تحدث عون عن وضع الكهرباء فقال: «في جلسة سابقة قدمت لمجلس الوزراء دراسة مفصلة عن عجز مؤسسة كهرباء لبنان وما يسببه من انعكاسات سلبية على المالية العامة والاقتصاد، ويزيد من معاناة الشعب. وطلبت تقديم اقتراحات وحلول لتأمين الطاقة الكهربائية موقتا ريثما تتم عملية بناء معامل الانتاج التي تستهلك وقتاً، إلا أنه ويا للأسف لم يردني أي جواب ولم تقدم إلي أي اقتراحات. وبما أني التزمت مصارحة اللبنانيين بالواقع، فاني أسأل: هل من احد من الموجودين معنا الآن لا يريد تأمين الكهرباء للناس؟ اعتقد أن الكل يريد ذلك. كذلك أسأل: هل من احد لديه فكرة كيف نوفر الكهرباء للمواطنين؟ ليس عندي انا اي شركة ولست وكيلاً عن أحد. أنا أريد الكهرباء أينما وجدت. فهل لديكم أي مصدر نشتري منه كهرباء لسد الحاجة التي تتزايد يوماً بعد يوم؟ إذا كان لدى أحدكم مصدر نشتري منه الكهرباء فليدلنا عليه ويحدد شروطه ومدة تنفيذ انتاج الكهرباء وغرامة التأخير في حال نكث بالتزاماته». وأضاف: «في المرة الماضية عندما أشرت إلى مسألة البواخر كأحد الحلول المقترحة ودعوت إلى تقديم حلول أخرى إذا كانت متوافرة ولم أجبر أحداً على قبولها، تعالت أصوات ترفض البواخر، لكنها لم تقدم حلولاً بديلة. انا لا أسوق لأي خيار، كل ما أريده هو تأمين الكهرباء. لقد وعدت بمصارحة اللبنانيين وانا أفعل ذلك بكل وضوح وشفافية. لقد نوقش موضوع الكهرباء مرارا وفي كل مرة لا نخرج بنتيجة. أنا وجميع اللبنانيين نريد كهرباء مش فارقة معي كيف بتجيبوها. أحضروا اقتراحات عملية لندرسها ونبت الموضوع». وزاد: «واضح ماذا نريد. الحل الأمثل والمستدام هو إنشاء معامل كبيرة للإنتاج وكلنا متفقون على ذلك. لكن إلى حين الانتهاء من بناء هذه المعامل وبدء تشغيلها هناك مهلة زمنية يجب أن توفر خلالها الطاقة. كيف نؤمن ذلك؟ نريد حلولاً موقتة ريثما تنتهي المعامل، وكفى تأجيلاً ومماطلة يدفع ثمنها اللبنانيون والخزينة ويزداد عجز الكهرباء الأمر لم يعد مقبولاً». مداخلة الحريري بدوره قال الرئيس الحريري: «من المؤسف أننا في الحكومة لم نحقق حتى الآن اي انجاز في موضوع الكهرباء واقتراحات الحلول التي وضعت لا تزال موضع اخذ ورد وما زلنا نستجر الطاقة من سورية وإنتاجنا محدود ولا يؤمن الحاجة الكاملة». أضاف: «تمت مقاربة موضوع الكهرباء من منطق سياسي، فيما المصلحة تقتضي بمقاربته تقنياً ومادياً وتحديد المصدر الذي نأتي بالكهرباء منه وفق خطة واضحة المعالم. إن مسألة تأمين كمية من الكهرباء من البواخر طرحت في السابق وهي توفر طاقة ومالا، لكن تم رفض هذا الطرح من دون تقديم أي بديل يرفع إنتاج الطاقة ويحد من الخسارة التي تصيب الدولة ومؤسسات الكهرباء وتؤمن طاقة كهربائية للناس». وتابع: «تم وضع خطة لتفعيل عمل مقدمي الخدمات حتى يخف العجز، لكنها نجحت في أماكن وفشلت في أخرى. علينا أن نبذل المزيد من الجهد لإيجاد حلول سريعة تخفف من معاناة اللبنانيين إلى حين إنجاز معامل الكهرباء ووضع حد لأصحاب المولدات الذين لا يدفعون لا الضرائب ولا الرسوم ويحققون أرباحاً تفوق بليون دولار كان يمكن ان تستفيد منها الدولة لو أمّنا الكهرباء بنسبة أكبر مما هي عليه الآن. لذلك يجب علينا النظر إلى الموضوع بعيداً من السياسة ونضع مصلحة اللبنانيين والخزينة في الأساس». وطلب من وزير الطاقة رفع التقرير الذي اعده عن واقع الكهرباء والحلول المقترحة والبدائل إلى مجلس الوزراء لتوزيعه على الوزراء تمهيداً لتحديد جلسة تناقش مسألة الكهرباء وتتخذ فيها القرارات المناسبة». وقال: «إذا كان لدى الوزراء اقتراحات عملية اخرى تلبي الحاجة الموقتة لإنتاج الطاقة ريثما ينتهي تركيب المعامل فليقدموها لتدرس أيضاً في الجلسة».