شنّت السلطة الفلسطينية أخيرا حملة اعتقالات واسعة في صفوف حركة «حماس» في الضفة الغربية وصفها مراقبون بأنها محاولة لتقديم ورقة اعتماد سياسي عبر المبادرة الى تطبيق التزاماتها بموجب المرحلة الاولى من «خريطة الطريق». ومن بين عشرات المعتقلين الذين شملتهم الحملة الاخيرة شخصيات اجتماعية واعلامية واكاديمية واقتصادية محسوبة على «حماس» مثل استاذ الإعلام الدكتور فريد أبو ظهير، واستاذ القانون الدكتور حسن السفاريني، وكلاهما يعمل في جامعة النجاح في نابلس، ورجل الاعمال احمد الشنار من نابلس، وغسان داود من الشخصيات الاجتماعية للحركة في المدينة، وعضو مجلس بلدية بيت لحم خالد سعادة وغيرهم. ويوم امس، سلم القيادي البارز للحركة في الضفة فازع صوافطة نفسه الى جهاز المخابرات العامة بعد ملاحقة استمرت فترة طويلة. وحسب «حماس»، فإن السلطة اعتقلت في اليومين الماضيين ما يزيد عن 50 من اعضاء الحركة وانصارها، وان أيا منهم ليس محسوباً او قريباً من الجهاز العسكري للحركة. وقالت «حماس» إن من بين المعتقلين 17 طالباً في معهد المعلمين في رام الله جرى اعتقالهم في دهم ليلي لمساكن الطلاب. وقالت إن الحملة الاخيرة التي جرت في الاسبوعين الاخيرين رفعت عدد المعتقلين من ابناء الحركة لدى السلطة الى اكثر من 700 معتقل. اما السلطة، فقالت إن «حماس تبالغ في الارقام»، وإن عدد المعتقلين لديها لا يزيد عن 300 معتقل. وقال الناطق باسم الاجهزة الامنية العميد عدنان الضميري إن الاعتقالات تجري على خلفية «مخالفة القانون». واوضح ل «الحياة» ان «الاعتقالات كافة تجري بسبب خرق القانون في واحدة من ثلاث مسائل هي حيازة السلاح، وتبيض الاموال، والتحريض على اجهزة ومؤسسات السلطة». وقال إن السلطة «عثرت في حملتها الاخيرة على وثائق لحماس تحرض اعضاء الحركة على مهاجمة مؤسسات السلطة وعدم تسليم انفسهم لها في حال الاعتقال، وهو الامر الذي لم نجد مثله في ما يتعلق بالرد على سلطات الاحتلال»، مضيفا: «لم نعثر على وثيقة واحدة تحرض ابناء الحركة على مقاومة الاحتلال او عدم تسليم انفسهم لها». وفي شأن تركز الاعتقالات في نابلس وشملها شخصيات اقتصادية واكاديمية واجتماعية، قال الضميري: «ليس سرا ان لدينا قصة كبيرة في نابلس تتعلق بالتمويل»، ملمحاً الى ان هذه الاعتقالات تستهدف الجهاز المالي ل «حماس». وكانت السلطة اعلنت الاسبوع الماضي عن توقيف شخص في نابلس بحوزته مليون يورو قالت إنه اعترف انها ل «حماس». كما شملت عمليات الاعتقال والتوقيف عددا من النساء، وهذه المرة الاولى التي تلجأ فيها السلطة الفلسطينية الى اعتقال نساء. ويرى مراقبون ان السلطة الفلسطينية تظهر تشددا في تطبيق الامن في هذه المرحلة كورقة اعتماد سياسي. وقال الكاتب هاني المصري ل «الحياة»: «الآن هناك واقع سياسي جديد، لدينا ادارة اميركية جديدة تطالب بوقف الاسيتطان وتطبيق حل الدولتين، وترى السلطة ان اثبات قدرتها على تطبيق المرحلة الاولى من خريطة الطريق يشكل ورقة اعتماد لها في المساعي السياسية الاميركية الجديدة». واضاف: «السلطة ترى انه يمكنها الحصول على انجازات سياسية عبر الامن». وتتهم «حماس» مراكز قوى في السلطة بالوقوف وراء الحملة الامنية على الحركة بهدف احباط مساعي مصر الرامية الى تحقيق مصالحة وطنية. وقال النائب عن الحركة في الضفة عبدالرحمن زيدان ل «الحياة»: «رغم التشاؤم السائد الا ان التطورات الاخيرة في الحوار الوطني اشاعت بعض اجواء التفاؤل، لكن هناك في السلطة من يريد ان يخرب جهود المصالحة ليبقى الانقسام قائما». وتقول مصادر مطلعة إن الرئيس محمود عباس تعهد للرئيس باراك اوباما تطبيق جميع التزامات السلطة بموجب «خريطة الطريق» حتى لا يترك لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو اي ذريعة للتهرب من تطبيق التزاماته، خصوصا تجميد الاستيطان.