المملكة ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان والهند    باكستان تعيد فتح مجالها الجوي    أرتيتا : ألم صنع ممر شرفي لليفربول سيكون دافعا لأرسنال    فيصل بن فرحان ووزير خارجية إيران يبحثان التطورات الإقليمية    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس الملك    ضبط شخصين بالشرقية لترويجهما (10) كجم "حشيش"    20 ألف غرامة لكل من يدخل مكة من حاملي تأشيرات الزيارة    الدكتورة إيناس العيسى ترفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينها نائبًا لوزير التعليم    الداود يشكر القيادة لتعيينه نائب وزير الحرس الوطني بمرتبة وزير        إمير تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة التاسعة عشرة لطلاب وطالبات    "تايكوندو الشباب يتألق ويعتلي صدارة الأوزان الأولمبية"    الاتحاد للاقتراب خطوة أكثر من لقب دوري روشن    الشلهوب لمواصلة الانتصارات في الهلال    الأمير فهد بن سعد يرفع شكره للقيادة على الثقة الملكية بتعيينه نائبًا لأمير منطقة القصيم    "ياقوت" من "زين السعودية" أول مشغل يتيح لزوار المملكة توثيق شرائح الجوال من خلال منصة "أبشر"    الهلال الاحمر بمنطقة نجران ينظم فعالية اليوم العالمي للهلال الاحمر    ورش عمل تثري زوار مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية بصبيا في يومه الثالث    الفرق بين «ولد» و«ابن» في الشريعة    مدير مركز التنمية الاجتماعية بجازان ورئيس التعاونيات يتفقدان ركن جمعية المانجو في مهرجان صبيا    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يتنافس مع 1700 طالب من 70 دولة    الأرصاد: رياح نشطة على الرياض والقصيم    غرفة حائل تناقش تحسين بيئة الأعمال في المرافق التعليمية    هيئة تنمية الصادرات السعودية تختتم أعمال البعثة التجارية إلى الولايات المتحدة الأمريكية    الأفواج الأمنية تشارك في مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية بمنطقة جازان    الرياض تُصدّر العمارة النجدية للعالم عبر "مدرسة أم سليم" في بينالي البندقية 2025    استشهاد ستة فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي خيمة للنازحين بمدينة غزة    برعاية اتحاد الغرف السعودية.. اتفاقيات محلية ودولية في اختتام المعرض الدولي الأول العائم للامتياز التجاري    بث مباشر من مدينة الملك عبدالله الطبية لعملية قسطرة قلبية معقدة    الخريف يبحث تعزيز التعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO)    باكستان: الهند أطلقت صواريخ باليستية سقطت في أراضيها    الخليج يجدد عقد "بيدرو" حتى عام 2027    'التعليم' تعتمد الزي المدرسي والرياضي الجديد لطلاب المدارس    بعد تعيينها نائبًا لوزير التعليم بالمرتبة الممتازة .. من هي "إيناس بنت سليمان العيسى"    الهلال يعلن انتهاء موسم لاعبه"الشهراني" للإصابة    نادي القادسية يحصد ذهب ترانسفورم الشرق الأوسط وأفريقيا 2025    إيران والردع النووي: هل القنبلة نهاية طريق أم بداية مأزق    النادي الأدبي بجازان يقيم برنامج ما بين العيدين الثقافي    جازان تودّع ربع قرن من البناء.. وتستقبل أفقًا جديدًا من الطموح    إمام المسجد الحرام: الأمن ركيزة الإيمان ودرع الأوطان في زمن الفتن    سقوط مسبار فضائي على الأرض غدا السبت 10 مايو    هلال جازان يحتفي باليوم العالمي للهلال الأحمر في "الراشد مول"    الرواية والسينما وتشكيل الهوية البصرية    الحج لله.. والسلامة للجميع    أوامر ملكية: تغييرات في إمارات المناطق وتعيينات قيادية رفيعة    اضطرابات نفسية.. خطر صادم    مرضى الكلى.. والحج    تطوير قطاع الرعاية الجلدية وتوفير أنظمة دعم للمرضى    رئاسة الشؤون الدينية تدشن أكثر من 20 مبادرة إثرائية    جائزة البابطين للإبداع في خدمة اللغة العربية لمجمع الملك سلمان العالمي    جامعة نايف للعلوم الأمنية تنال اعتمادا دوليا لكافة برامجها    15 مليون دولار مكافأة لتفكيك شبكات المليشيا.. ضربات إسرائيل الجوية تعمق أزمة الحوثيين    إحالة مواطن إلى النيابة العامة لترويجه "الحشيش"    تصاعد وتيرة التصعيد العسكري.. الجيش السوداني يحبط هجوماً على أكبر قاعدة بحرية    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. فصل التوأم الطفيلي المصري محمد عبدالرحمن    الرُّؤى والمتشهُّون    الرياض تستضيف النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية    رشيد حميد راعي هلا وألفين تحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الفن البكر» في معرض بانورامي
نشر في الحياة يوم 26 - 12 - 2017

يعانق متحف رواق سان بيير في العاصمة الفرنسية باريس معرضاً عن الفن البكر، وهو التيار العريق منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، متمثلاً في تعددية تجارب ثلاثمئة عمل فني بالغة التفرّد والإثارة ومنجزة من جانب 26 فناناً من البلقان تحت عنوان: «قيامة حرب البلقان». أغلب هذه الأسماء عرفت بعد وفاتها أو قتلها ضمن «هرج ومرج» الحرب الأهلية في كوسوفو وسواها.
هو المتحف الرحب الذي تأسس عام 1986 على أنقاض سوق قديم، أصبح نشاطه متعدداً وأقرب إلى المركز الثقافي المرصّع بعدة مسارح، كما يملك متحفه مجموعة ثرية ونادرة خصبة من أعمال هذا التيار، تشتمل على مجموعة دوبوفي ويلحق به مركز بحوث الفن البكر. ابتدأ العرض منذ السابع من شهر أيلول(سبتمبر) مستمراً حتى صيف 2018.
من المعروف أن الفن البكر ابتدأ عام 1949عندما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، وذلك مع فنان مجهول في وقته لكنه بعد سنوات أصبح مشهوراً. جان دوبوفي عصامي علّم نفسه بنفسه الفن، لم يكن يوماً خريجاً لمعهد أو تدريب أو تلقين فنّي، أغلق مخزن النبيذ الذي كان يتعيّش منه مستبدلاً إياه بمحترف رحب يعانق لوحاته التي تكشف موهبة مشتعلة، ثم أصبح المختص الوحيد وأكبر جامع للأعمال الفنية المختصة بهذا التيار.
يقارن في حينها باكتشاف بابلو بيكاسو للكمون السحري الذي تتضمنه الديناميكية التخيلية الأفريقية بخاصّة الأقنعة الطقوسية بثرائها الحرفي وتنوع موادها وملصقاتها ذات الملامس والأنسجة المتعددة هي التي استلهمها بيكاسو، وطبق موادها الخصبة الشطحية في ملصقاته، ثم أصبح من أكبر مسوقيها وجامعيها. جان دوبوفي حذا حذوه عندما اكتشف الفن العصامي الذي ينبثق مباشرة من عمق التجربة العمودية الإنسانية وبصيغة حدسية متفرّدة متوحدة لا علاقة لها بجهالات العقل وديكارتيته التي تنتج العلوم، بينما ينتج الحدس أو القلب حكمة المبدعات الفنية وجنونها، وهكذا ظل يحتك ثلاثين عاماً بمنتجات مرضى الأمراض العقليّة في مستشفى سان آن ويجمع ما يتيح له إقامة المعارض والتظاهرات إلى جانب لوحته النخبوية. من الأمثلة المثيرة في هذه المجموعة دراجة مزينة بطريقة هذيانية همودية صاحبها انتحر لفرط عشقه لإحدى الفتيات.
ماذا حصل منذ الخمسينات وصولاً حتى المعرض الراهن؟ بالاختصار هو القدرة البحثية على التفريق بينه وبين بقية الفنون الرديفة أو الموازية مثل الفن الشعبي أو الساذج والعصابي أو الطفولي والسوريالية أو الدادائية أو البدائية أو البوب آرت وهكذا.
لنتذكر المتحف الأبرز في العاصمة «الفنون الأولى» الذي أسسه الرئيس جاك شيراك قبل وفاته وتبرّع له بمجموعته الأكبر في العالم عن فنون الهنود الحمر، مما اضطر الولايات المتحدة لأن تؤسس متحفاً لحفظ تراث هؤلاء في بوسطن، منذ تأسس المتحف الباريسي حتى منع التعبير العنصري: الفنون البدائية واستبدل بتعبير الفنون الأولى في الدراسات والبحوث في جامعة السوربون وسواها. ثم تعدل اسمه بعد وفاة الرئيس فأصبح (برونلي-شيراك) مشتملاً في مجموعته على الميراث الشعبي للحضارات الأولى (السابقة على الأوروبية) مثل الآنكا وبقية فنون شعوب أميركا الشمالية والجنوبية والأسترالية والأفريقية وجزر المحيط الهادي والأطلسي (مثل هاييتي وكاليدونية الجديدة حيث تاهيتي)، ثم الفن الإسلامي وهكذا.
ثم استقل الفن الشعبي عن البكر كما هي حركته في عصر تأسيس حداثة فنون المغرب العربي ما بين الجزائرية باية محي الدين والمغربيات فاطمة وشعيبية وسواهما. وكذلك التفريق بين الفن الإسلامي الثقافي- النخبوي مثل منمنمات الواسطي وبهزاد وابن زاده وابن جنيد والمحمدي، وبين خطوط ابن مقله وابن البواب والمستعصمي وعثمان من جهة وبين الفن الشعبي مثل رسوم الجدران حول الحج أو رسوم سيرة بني هلال وعنتر وعبلة لأبي صبحي التيناوي الدمشقي، من جهة أُخرى كل هذا الميراث أصبح خارج الفن البكر، وأضيفت إليه بالمقابل ديناميكية أُخرى متفرعة من موسيقى الروك آندرول والبوب آرت وبخاصة مادة المعرض الأساسية المرتبط بهواجس فترات الحرب الأهلية في البلقان وشخبرات جدرانها القاحطة التراجيدية والتي لا تخضع إلى قاعدة، هو فن مضاد للثقافة السائدة وللمألوف، فن احتدامي انطوائي مغرق في الذاتية متفرّد متوحّد خارج عن قياس أي فن نخبوي في تاريخ الفن مشروط بالعزلة وهمودية التجربة الباطنة. أشبه بالسموم الثقافية اللااجتماعية، ولكنّها في نماذج المعرض ديناميكية متحولة ومتجددة وأحياناً تتفوق أشكالها إثارة على الأعمال الشائعة في صالات العرض البرجوازية، لذلك دعي بشتى أنواعه بالمهمّش.
لعله من الضرورة استدراك أن المعرض الراهن هو جزء من مهرجان تكريمي للفن البكر يعرض في نقاط في العاصمة الفرنسية من أبرزها معرض غاليري «آرت أبسوليمان»، إضافة الى معرض استعادي شخصي خصب للفنان أنسيليم وفي متحف سان بيير أيضاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.