يمكن أن تكون للكتابة موضات، بحسب الظواهر والأحداث الاجتماعية التي يستجيب لها الكاتب بحثاً عما يمكن أن يكون متقاطعاً مع اهتمامات القراء، ولأن الأحداث العربية شوشت كثيراً على أفكاري ولم أعد أعرف أين تتجه «بوصلة» الأحداث، وكذلك تبعات تلك البوصلة على ما أكتب، فقد وجدت أن الاهتمام بقضية غارقة في المحلية، أهم من الحديث عن قضايا «عربية ومحلية»، ربما تكون «مورطة» وليست ضمن موضة هذا العام، لذلك فإن الكتابة عن استراحات الطرق تبدو أسلم من غيرها، لما لها من أهمية في حياة المسافرين جيئةً وذهاباً. وقد قيل في ما سبق سافر ففي السفر سبع فوائد، والسفر في الطرق السريعة في المملكة شائع ويتزايد، ولعل المسافرين يرتفع صوتهم بشكل دائم بحثاً عن حلول حقيقية للاستراحات المتناثرة على جنبات الطرق. ويلاحظ كثيراً أن حال تلك الاستراحات متردية جداً، بل إن ما فيها من خدمات لا يرقى إلى المأمول منها ولا إلى الخدمات المنتظرة التي يطلبها القاصي والداني. كما أن تلك الاستراحات، مقارنة بالاستراحات في دول خارجية كثيرة، نجدها تختلف عنها تماماً من حيث النظافة والشكل، ومن حيث الخدمة أيضاً، ومن حيث البيئة المحيطة، الأمر الذي يعطي انطباعاً كبيراً عن أهميتها، ودورها الفعال. ومن جهة أخرى يعرف الجميع أن المدن السعودية متباعدة والمملكة مترامية الأطراف، ولا يوجد وسائل مواصلات مفضلة غير السيارات لأنها تجمع الأسرة، وكذلك لأنها تساعد في نقل كل متطلبات الأفراد. و«يزيد الطين بلة» أن تلك الاستراحات التي يقضي فيها المسافرون بعض وقتهم تستخدم في الصلاة، ولعل من جربها يجد أن تلك المصليات أو المساجد للأسف غير نظيفة، ولا يتم العناية بها، إضافة إلى أن دورات المياه فيها لا تليق بالمظهر الحضاري الذي نسعى إليه. ففي منطقة مكةالمكرمة، التي نسعى أن تكون في العالم الأول، تسيء تلك الاستراحات إلى سمعة خدمات الحج والعمرة، بل إن عدد مستخدميها يزيدون على الملايين، ولذلك يجب وضع مقاييس لا يمكن التنازل عنها. كما أن التحديات المقبلة مع زيادة أعداد الحجاج والمعتمرين، إضافة إلى زيادة عدد مستخدمي الطرق السريعة، يجعل من اللازم على وزارة المواصلات إعادة النظر في تلك الاستراحات وتحديثها بالشكل اللائق. إن المأمول حالياً من تلك الاستراحات هو أن تلبي حاجة المستخدمين، وتعينهم على قضاء دقائق في استراحة واستجمام معقول من دون أي تعب، وأن تأخذ من اسمها نصيباً. إن تعديل وضع تلك الاستراحات وتطويرها سيعود بالنفع على المستثمرين فيها، بل هي في الأساس جزء من محطات الوقود، وهي بالتالي يمكن أن تتحول إلى مراكز متقدمة للحياة والترفيه عن الأسر وعن المستخدمين العاديين. كما يمكن أن تتحول إلى مراكز ترفيه من خلال تزويدها بالألعاب والمقاعد والجلسات وحتى فنادق صغيرة تخدم المستخدمين الذين يقضون ليلة أو أقل في تلك الاستراحات. ولعل نظرة فاحصة على الاستراحات الموجودة حالياً على طرقات المملكة، نجد أنها تفتقر للحد الأدنى المقبول إنسانياً، كما أن تلك الاستراحات الكبرى حتى التي تتبع شركات معروفة، نجدها لا تختلف عن تلك المتردية الموجودة على خطوط وطرق نائية، بل قد تكون أسوأ نتيجة كثافة الاستخدام. وهنا أطالب بتحسين خدمات استراحات الطرق وما فيها من خدمات، خصوصاً دورات المياه والمصليات والمطاعم الملحقة بها، التي يمكن أن تتحول إلى بؤر للأمراض، خصوصاً مع افتقارها لأي رقابة وعدم خضوعها لمعايير صحة البيئة. [email protected]