تنفجر الأسئلة.. وتتكاثر اللاءات.. وتنجب الاعتراضات علامات تعجب واستفهام.. بمجرد أن يدخل النقاش في نفق انتخابات المجالس البلدية، التي تخطو خطواتها الأولى منذ السبت الماضي. ويبدو أن الحملات الإعلانية التي سبقت بأسابيع «الخطوة البكر» لاختيار أعضاء المجالس البلدية للدورة الثانية لم تحقق ما يصبو إليه القائمون عليها، فكثيرون هم من لا يعلمون أنها بدأت! أثناء جولة مسائية في شوارع العاصمة الرياض، انطلقت «اللاءات» من حناجر شبان مغمسة بالتشاؤم. سألتهم «الحياة» عن موعد الانتخابات، وعمّا إذا كانوا يعلمون أنها بدأت. الشاب يزيد «لا يعلم عن موعد قيد الناخبين شيئاً»، فيما لا يعرف محمد الشهري عن وجود انتخابات في المملكة، ولا فرق عند فيصل العيسى بين معرفة موعدها من عدمه، فهو «لا يصوت»، لأن المجلس البلدي السابق بحسب رأيه «أثبت فشله»، لتستمر الأسئلة الاستفهامية تجيب الأسئلة الاستعلامية. وبينما تتناثر الاعتراضات على المجالس البلدية السابقة في مختلف المدن والمحافظات، تنبلج التساؤلات حول ما يمكن أن يقدمه المجلس الجديد، حتى ولو اختلفت الوجوه، في حين يرى مواطنون أقرب إلى التفاؤل أن القيود التي وضعت في النسخة الثانية من الانتخابات ربما توصل أشخاصاً «أكثر جدارة»، وإن كان عدد المتحمسين للانتخابات قليلاً. حالة من فقدان الثقة وعلامات الخيبة توزعت بين تنهدات أصحاب التجربة الأولى ووجوههم، فمن كان يوماً متحمساً، قتل رنين الهاتف ذي السماعة التي لا ترتفع حماسته... لكن يبقى منهم من ينتظر. لا يملك المواطن يزيد أي معلومة بخصوص موعد قيد الناخبين، ولم يسمع من قبل عن وجود انتخابات ستحدث في المملكة في الفترة المقبلة، مؤكداً أنه فوجئ عند ذهابه مساء أمس إلى أحد المحال التجارية عندما رأى لوحة تتحدث عن الانتخابات، لكنه مع ذلك لم يمعن النظر في محتواها. يقول: «التقصير يعود على المؤسسات الإعلامية التي لم تكثف إخبارها لإبلاغنا عن موعد إقامة قيد الناخبين». فيما فجر المواطن محمد الشهري مفاجأة، عندما أكد أن لم يكن يعلم بوجود انتخابات مقبلة ستقام في المملكة، قبل أن يؤكد أنها «معلومة جديدة» تناهت إلى مسامعه عند سؤاله عنها، عازياً عدم إلمامه بالحدث إلى ظروفه الخاصة التي منعته من متابعة مجريات الأوضاع في البلاد. فيصل العيسى كذلك لم يعلم عن موعد بدء مرحلة قيد الناخبين، لكنه رجح أنها ستبدأ خلال الشهر المقبل، فهو لم يطلع خلال الفترة الماضية على الصحف على حد قوله. ولا فرق أن يعلم العيسى موعدها أو يجهله، فهو لن يصوت لأحد في المستقبل «لأن المجلس السابق أثبت فشله. لم نشاهد لهم دوراً إطلاقاً طوال مدة تكليفهم»، مضيفاً: «الحي الذي أقطن فيه يعاني من حفريات عدة، ما جعلنا نخاطب أعضاء المجلس البلدي في الحي، لكن لم نجد منهم سوى التسويف والتجاهل». أما علي النجيمي فقرأ في أكثر من موقع عن الانتخابات البلدية التي ستحدث في المملكة، لكنه لا يعلم موعد انطلاقها، مرجحاً أن تشارك المرأة في الانتخابات المقبلة. وحمل النجيمي جهله بمواعيد التسجيل والانتخاب للجهات المسؤولة عن الانتخابات «اكتفت بنشر أخبار عن الانتخابات من دون تحديد الوقت لبداية الانتخاب والترشيح». ولم يبد حارس الأمن يحيى هادي أي اهتمام في الانتخابات البلدية، ولا يعلم عن أي انتخابات في المستقبل، «عملي لمدة 16 ساعة يومياً، ولا أجد وقتاً كافياً للاطلاع على الأخبار لمعرفة ما يجري، لهذا أنتظر انتهاء فترة عملي للذهاب إلى النوم والاستعداد إلى يوم جديد». في جدةومكةالمكرمة كانت الأجوبة على سؤال «الحياة» مشابهة لنظيراتها في العاصمة الرياض. مستشهداً بالآية القرآنية «لاعلم لنا إلا ماعلمتنا»، أجاب الموظف وزارة الصحة في مكةالمكرمة محمد جابر (48 عاماً) عند سؤاله عن موعد تسجيل الناخبين في الانتخابات المجالس البلدية. وقال: «لدي ما هو أهم مما تقوله، لدي بعض التجهيزات التي أعملها في منزلي، وأعمل حالياً على إنهائها». ولفت جابر إلى أنه سمع من بعض أصدقائه داخل الحي عن انتخابات أو ما يشبه ذلك، لكنه لا يعرف أي تفاصيل أخرى عنها، ولا يهتم بالحديث عنها، مؤكداً أن شغله الشاغل يتمثل حالياً في إنهاء بعض التجهيزات الخاصة بمنزله. بدوره، أكد الموظف داخل قسم التشغيل الذاتي التابع لجامعة أم القرى عبدالله إسماعيل أنه سمع فعلاً عن الانتخابات والأخبار التي تحكي وتدور عنها خلال الفترة الأخيرة، لكنه لا يعرف مواعيدها بالتفصيل، لأنه أصلاً لن يشارك فيها، كونه غير مؤمن أصلاً بالمجالس البلدية ودورها في تنمية المجتمع. وقال: «لاتهمني في شيء، ولن أشارك فيها، ماذا ستقدم لي أو تؤخر، إن قضاء أعمالي أهم منها بكثير. سمعت عنها لكنني صراحة لست مقتنعاً بها، وبما يدور حولها، ولا أتصور نفسي أن أذهب يوماً إلى مركز اقتراع أو تصويت لأرشح أناساً لا أعلمهم، ولا أعرف من هم». في حين رفض الموظف في حراسات الأمن محمد الدعدي فكرة الخوض أساساً في الانتخابات إلا في حالة أن يكون هناك مقابل مادي للمشاركة فيها، وقال: «أتقاضى راتباً شهرياً لا يزيد عن 1500 ريال، وأظل مديوناً طوال الشهر، وبالكاد أوفر مصروف أبنائي وزوجتي لا أستطيع الخروج أو التنزه بأسرتي لأنني لا أملك المال الكافي، فبالله عليك كيف تريد مني أن أشارك أو أذهب أصلاً لمقر الانتخاب، لست مجبراً على فعل ذلك أبداً». وأضاف: «عملي يبدأ عند الرابعة عصراً، فهل ستعطيني مالاً حتى أذهب وأشارك وأترك موقع عملي»، متسائلاً باستهجان: «ولم أذهب أصلاً لكي أرشح أو أنتخب أناساً لست أعرفهم ولم أسمع عنهم أبداً؟». بدوره، أكد أحد سائقي سيارات الليموزين المواطن سالم شبيب أنه رأى بعض الإعلانات والدعايات المعلقة على الشوارع والأماكن العامة، التي تهيب بالمواطنين وتدعوهم إلى المشاركة في الانتخابات، «لكنني صراحة أرى إقبال الناس عليها قليل». وأوضح انه أوصل أناساً بالقرب من أحد المواقع التي كانت تستقبل الناخبين، «لكنني حقيقةً لا اعلم أي تفاصيل عن الانتخابات، خصوصاً ما تتحدث عنه من موعد قيد الناخبين ونحوه». وأشار إلى أنه فاقد الثقة تماماً بخصوص المجالس البلدية ولا يؤمن بها ولا بالعمل الذي تقدمه، وتساءل: «على مدار ست سنوات؛ ماذا قدمت أو حققت لنا كمواطنين؟»، مضيفاً: «أنا يومياً أجوب الشوارع، وأراها مهترئة، وغير صالحة، بل إنها بعضها يستمر لأشهر تالفاً من دون أن يحرك المجلس أي ساكن، فأين هو، وماذا قدم؟ أسئلة أعتقد أن الإجابة عليها محرجة جداً».