أمير جازان يلتقي مدير فرع "العدل"    أمير الرياض يطّلع على جهود وأعمال الدفاع المدني    عبدالعزيز بن سعود يدشن عددًا من المشروعات التابعة لوزارة الداخلية بالمدينة    8683 قضية تعديات واستحكام الأراضي    المملكة تتقدم 28 مرتبة بتقرير مخزون البيانات المفتوحة    الفيدرالي يقود المشهد الاقتصادي العالمي في أسبوع مفصلي    "سدايا" تدرب أكثر من (779) ألف مواطن ومواطنة وتؤهل (260) خبيرًا و(80) قائدًا حكوميًا    منتدى سعودي يناقش تطور سلاسل الإمداد العقاري بمشاركة دولية    الخرطوم: "الدعم" ترتكب مجزرة غرب كردفان    غزة: 3,500 طفل يواجهون خطر الموت جوعاً    ختام بطولة المنطقة الوسطى المفتوحة للملاكمة    صحف عالمية: الأهلي حقق لقبًا تاريخيًا.. وجماهيره صنعت الحدث    عبدالعزيز بن سعود يلتقي أمير المدينة ويتفقد مركز عمليات أمن المسجد النبوي    "المنافذ الجمركية" تسجل 3212 حالة ضبط    100,000 ريال غرامة إسكان حاملي تأشيرات الزيارة    قسم الاعلام بجامعة الملك سعود ينظم فعالية "طل البدر"    «بوابة نجد».. نافذة الزوار لقلب المملكة    «عبدالحليم رضوي».. سيرة تكتب بلغة الصورة    بوتن يستبعد الحاجة للأسلحة النووية في أوكرانيا    أول انتخابات محلية لبنانية منذ عقد    ضبط مقيم لقيامه بمحاولة إيصال 4 وافدات مخالفات لأنظمة وتعليمات الحج    رئيس إندونيسيا يشيد بجهود المملكة في "مبادرة طريق مكة"    إستراتيجيات المرجفين بالوطن والمواطنين 2/2    جمعية "عطاء" للأيتام بخميس مشيط تشارك في مشروع "رخصة مشرف برنامج عناية"    ختام موسم ربيع عرعر    خادم الحرمين يتلقى دعوة من رئيس العراق لحضور القمة العربية    وصول أولى رحلات حجاج أيران إلى المدينة المنورة    تقنيات حديثة لمراقبة الطرق المؤدية للمشاعر المقدسة    "الصين الجديدة في القرن الجديد" أحدث ترجمات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة    نائب وزير "البيئة": المملكة أنجزت (93%) من مؤشرات رؤية 2030 وحققت قفزات نوعية في بيئات العمل الآمنة والمستدامة    قسم الاعلام بجامعة الملك سعود ينظم فعالية "طل البدر"    المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي يعتمد تشكيل مجلس إدارة جمعية مراكز الأحياء    ناصر العطية يتوّج بلقب رالي السعودية.. والسعودي راكان الراشد يحصد المركز الثالث    بيئة المملكة خضراء متطورة    "سعود الطبية" توثق في بحثٍ طبي نجاح إزالة ورم نادر من مولودة    إطلاق عمارة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة ضمن خريطة العمارة السعودية    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور أحمد بن علي علوش    «صون الإسكانية» بجازان تعقد إجتماع الجمعية العمومية السنوي الثالث    مختص: متلازمة التأجيل تهدد الصحة النفسية والإنتاجية وتنتشر بين طلاب الجامعات    محاضرات ومشاريع تطويرية تعزز ثقافة الرعاية في مستشفى الملك سلمان    جمعية الأمناء العامين للبرلمانات العربية تعقد اجتماعها السادس والأربعين في الجزائر    الأهلي السعودي بطلاً لدوري أبطال آسيا.. للمرة الأولى في تاريخه 03 مايو 2025    باكستان تختبر "باليستيا" على وقع التصعيد مع الهند    رئيس مجلس القيادة اليمني يصدر مرسومًا بتعيين سالم بن بريك رئيساً للوزراء    تخريج 331 طالبًا وطالبة من جامعة الأمير مقرن    شاهد.. وزير الدفاع يشهد تمرين القوات الخاصة "النخبة"    الأمير عبدالعزيز بن سعود يلتقي القيادات الأمنية في منطقة القصيم    خطة تشغيلية تضمن التزام الشركات بمعايير السلامة والجودة.. «الطيران المدني» توفر 3 ملايين مقعد للحجاج    26 % نسبة الارتفاع..الإحصاء: 22 مليار ريال استثمار أجنبي في الربع الرابع    ضبط 5 مقيمين نشروا حملات حج وهمية    في معرض جسور ب"جاكرتا".. "ركن المساجد" يبرز اهتمام المملكة ب"التاريخية"    "رفيقا درب" جمعتهما المبادرة: «طريق مكة» تسهل على ضيوف الرحمن أداء الفريضة    تعاون مشترك بين "التحالف" و"مكافحة الإرهاب" لتدريب ممارسي القانون بالدول الأعضاء    رئيس الاتحاد الآسيوي يُهنئ الأهلي ويشيد بنجاح المملكة في استضافة الحدث القاري    ريال مدريد الجريح يستضيف سلتا فيغو قبل الكلاسيكو    المناعة مرتبطة باضطرابات العقل    شجر الأراك في جازان.. فوائد طبية ومنافع اقتصادية جمة    جامعة جازان تحتفي بخريجاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان المسلمون ... الرقم الصعب في المعادلة المصرية
نشر في الحياة يوم 25 - 03 - 2011

عبر عقود طوال، تحولت جماعة الإخوان المسلمين في مصر الى رقم صعب في المعادلة المصرية، فعلى رغم ان قواعدها التنظيمية موجودة على الأرض في كافة أنحاء مصر، فإنها كانت دائما توصف ب «الجماعة المحظورة»، ما يجافي حقائق الأوضاع على الأرض.
على ان ما جرى منذ 15 كانون الثاني (يناير) المنصرم، قُدِّر له ان يُطلق جماعة الإخوان من حالة الأسر التي عاشتها، وكانت مشاركتها في ميدان التحرير واضحة وفاعلة، ويحسب لها أنها لم تحاول سرقة الأضواء، سواء برفع شعاراتها الدينية المعتادة أو الإشارة الى حضورها بنوع خاص. ومع الحديث الدائر حول تجهيزات الإخوان في مصر لإطلاق حزب سياسي يعبر عنها تحت عنوان «الحرية والعدالة»، تجد الجماعة ذاتها أمام تحديات جسام، سيما في ضوء موروث ثقافي وإعلامي رَسُخَ في الأذهان عبر عشرات السنين.
كانت جماعة الإخوان فزّاعة، وربما لا تزال عند البعض. ويقول الإخوان ان الحكومات المستبدة في الشرق الأوسط استخدمتها في رفضها لضغوطات الغرب لجهة الدمقرطة، كما ان غالبية تلك الحكومات كانت تخير شعوبها بين نارها وبين جحيم الإخوان القادم، كما أرادوا تصويره. ومع بدء سريان نهر الحياة السياسية من جديد، أعلنت جماعة الإخوان مواقف أولية لتوجهاتها السياسية، من بينها أنها لن تنافس على مقعد الرئاسة المصرية في الانتخابات القريبة، كما لن تسعى للحصول على الأغلبية في البرلمان المصري القادم.
والشاهد أن المراقبين والمحللين لشان الجماعة رأوا في هذا التوجه ذكاء شديداً لتهدئة المخاوف الآنية، من دون ان يقطعوا الطريق على المشاركات القادمة، سواء للرئاسة أو البرلمان ما بعد القادمين.
والثابت يقيناً، أن جماعة الإخوان لم توضع من قبل في اختبار حقيقي لأفكارها المعلَنة، وهي المتهمة دوماً وأبداً بأنها تظهر خلاف ما تبطن. وربما كانت هذه تجربتها الأولى للمشاركة في إصلاح أحوال البلاد، وهو المصطلح الأثير لديها، عوضاً عن القول بالمشاركة في حكمها. غير أنه تبقى هناك علامات استفهام عريضة من المبكر إيجاد إجابات شافية عنها، تنبع من ملامح البرنامج السياسي للإخوان، وكيفية فصل الجانب السياسي عن الدعوي فيه، ثم الطريقة التي سوف يمضي الحزب على هديها في تعاطيه مع التجاذبات والمعطيات الإقليمية والدولية. أضف الى ذلك، وهذا الأهم، شكل الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية التي يتطلعون اليها، وفي بلد له خصائص ثقافية وحضارية خاصة، ويعيش فيه ملايين من المسيحيين العرب.
ثم يبقى موقفهم من المعاهدات الدولية، فرغم احترامهم لأي تعهدات وقعتها الأنظمة السابقة، فهم لم ينكروا رفضهم بعضها، ككامب ديفيد، وإنْ لم يعنِ الرفضُ حتميةَ إعلان الحرب على إسرائيل، بل ربما السعي لاحقاً الى إلغاء تلك المعاهدات عن طريق البرلمانات الجديدة.
وفي الحديث عن الرقم الصعب للإخوان، يجد المراقب ذاته أمام إشكالية تعاطيهم مع الولايات المتحدة، والعكس. وقد ترددت أحاديث كثيرة أثناء الأزمة الأخيرة عن اتصالات سرية بين الطرفين، وإن أنكرت الجماعة ذلك بالمطلق، ثم جاءت تصريحات وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لتفتح الباب أمام مشاركة أوسع للإخوان في حكم مصر، مشاركة تصل الى حد الاستحواذ الفعلي على السلطة ولو بشروط، الأمر الذي اعتبر مغازلة مبكرة من واشنطن للإخوان. وهو أمر غير غريب على البراغماتية السياسية الاميركية، التي تعلمت الدرس الإيراني الذي كلفها غالياً من قبل.
والشاهد ان خروج الإخوان الى النور بات، ولا شك، يشكل بُعداً أكثر من محلي تنشغل به الأوساط الإقليمية، وفي مقدمها إسرائيل، التي انتابتها مخاوف شديدة، فقد كتبت صحيفة «إسرائيل اليوم» في أيام الثورة الأولى: «ان الشباب ينتفضون والإخوان يحصدون»، وإن الثورة «ثورة الشباب بسراويل الجينز والقمصان القصيرة الكم، لكن ينبغي ان نذكِّر أنه في اللحظة التي يسيرون فيها في شوارع القاهرة والإسكندرية يختبئ خلف ظهورهم زعماء الإخوان المسلمين». وقد بان جلياً ان أكثر ما يقضّ مضاجع تل أبيب اليوم هو ظهور «إيران جديدة» عند بوابتها الجنوبية، ولم تفلح تطمينات أو تصريحات الإخوان النافية لأن تكون مصر مقبلة على نموذج إيراني في تهدئة تلك المخاوف، سيما وأنهم جماعة سنية أشعرية، تختلف جذرياً عن نموذج آيات الله والملالي الشيعة في إيران.
وعلى الجانب الأميركي، نجد تعليقات النائبة الجمهورية إيلينا روس ليتينن، التي أطلقتها في الكونغرس، مبدية قلقها من ان يقوم «متطرفون إسلاميون» بتحويل احد أهم حلفاء الولايات المتحدة، مصر، الى خصم يوفر مأوى لجماعات متشددة ومصممة على إلحاق الضرر بالولايات المتحدة وإلغاء معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، بل تمضي في طروحاتها الى أكثر من ذلك، فتشير الى انه «يتعين علينا أيضاً ان نحث على رفضٍ لا لَبْسَ فيه لأي مشاركة للإخوان المسلمين ولمتطرفين آخرين ربما يسعون لاستغلال واختطاف تلك الأحداث للحصول على السلطة وقمع الشعب المصري وإلحاق ضرر كبير بالعلاقة بين مصر وأميركا والدول الحرة الأخرى».
الرقم الصعب للإخوان في حقيقة الأمر أمام لحظة فارقه، يجابه فيها آثاراً متكلسة في النفوس والعقول بسبب الحرب النفسية التي شُنت على الإخوان من الداخل والخارج، ولا نذيع سراً إن قلنا إنّ أطيافاً عريضة تخشى فكرة «السيناريو الكابوسي» لحكمهم كما روج له البعض. غير أن نجاح الجماعة في تبديد هذا الكابوس المزعج سيُعَدّ قيمة مضافة لشرعيتهم المستمَدة من الشارع والتي ستترسخ أكثر وأكثر، أما الإخفاق فسيعرّض رصيدهم السياسي والدعوي معاً لمأزق بالغ الخطورة.
كيف سيَعْبُر الإخوان هذا المخاض؟ سؤال معلَّقَةٌ إجابته في رحم قادمات الأيام، لكن يبقى التذكير في كل الأحوال بما قاله الفيلسوف ايراسموس ذات مرة «استحضر النور يذهب الظلام من تلقاء نفسه».
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.