ارتبط جيلا الثمانينات والتسعينات باسم «فلاش» كأول مجموعة قصصية مصورة ذات طابع عربي خالص، بعدما كان رائجاً ترجمة القصص الأجنبية لشخصيات ديزني الشهيرة، ويعود الفضل في ذلك إلى الكاتب والرسام خالد الصفتي، علماً أن قصصه المصورة ما زالت تصدر في حلقات جديدة، ما يعني ثباتها في تحدٍ آخر أمام الوسائل التكنولوجية الحديثة. وكشف الكاتب مشروعاً ينفّذ حالياً لتحويل شخصيات الكتاب إلى مسلسل تلفزيوني ليضم شخصيات فلاش بما يساهم في استعادة رونقها بين الأجيال الحالية، ومن المتوقع ترجمتها إلى لغات عدة وتقديمها إلى الغرب كعمل مصري من الألف إلى الياء. حمل «فلاش»، وهو كتاب في حجم كف اليد، أكثر من 75 شخصية تتضافر لتصنع قصصاً قصيرة ذات طابع ساخر بداية من العام 1990، وهو يُعدّ تجربة فريدة في منطقة الشرق الأوسط كونه يمثل حالة ثقافية متفردة تصلح للصغار والكبار، واستطاع الصمود جنباً إلى جنب مع كتب الأطفال المعرّبة المعتمدة على شخصيات كارتونية أجنبية شهيرة، لكنها ظلت على رغم ذلك تفتقد الطابع المصري. واللافت في تلك الكتب التنوع الكبير في الشخصيات، فعلى رغم عددها الضخم، خرجت كل واحدة منها تحمل طابعاً مختلفاً، استوحى مؤلف «فلاش» تفاصيلها من المجتمع المصري بكل ما فيه من تناقضات. يقول الكاتب عن بداية «فلاش»: «كانت البداية من مجلة النصر الصادرة عن الشؤون المعنوية في القوات المسلحة، حين كتبت مجموعة من المقالات الساخرة معتمدة على شخصية ابتكرتها آنذاك «مواطن مطحون»، وهي أبرز شخصيات فلاش في ما بعد»، مشيراً إلى أن إحدى دور النشر أعجبتها مقالاته وتبنت إصدار «فلاش». وعن اختياره الاسم يوضح أن «فلاش يعبر عن القصص الصغيرة التي تشبه الوميض الخاطف المبهر، وحاولت جاهداً السير على خطى شعار غلاف الكتاب، فتعلق به الصغار والكبار، لأنه حمل بين سطور قصصه الساخرة انتقادات سياسية للحكومة وأخرى اجتماعية أثرت في وجدان متابعيه». وعلى مدار 17 سنة، تربعت سلسلة «فلاش» على قمة الحركة الثقافية الترفيهية في مصر فجمعت بين صفحاتها الكوميكس (قصص مصورة) وألعاب الذكاء والتسلية إلى جانب المعلومات الثقافية. وعبر الصفتي عن تعجبه من عدم اهتمام الدولة بالتجربة التي حققها بما يحقق انتشاراً أوسع لها وقال: «لم ألق التقدير سوى من القارئ الذي ما زال يحمل داخله نوستالجيا لكتابه المفضل، ويبحث عنه عبر المواقع الإلكترونية التي تقدم نسخ pdf لأعداد قديمة». ولفت إلى أن هدفه هو أن تشهد قصصه انتشاراً على المستوى العربي وليس المحلي فقط، فيما تشهد المجلة تراجعاً في المبيعات أعاده إلى أنه «عام 2007 توقفت المؤسسة العربية الحديثة عن إصدار أعداد جديدة من فلاش بسبب انخفاض مبيعاتها وسط الحالة العامة لتراجع القراءة في مصر، مقابل اللهاث وراء التكنولوجيا الحديثة. ما حدث في مجتمعاتنا لم يحدث في الدول المطلقة للتكنولوجيا، فالمجتمعات الغربية وضعت التكنولوجيا في إطارها الصحيح ولم تبتعد من القراءة، والشاهد على ذلك انضمام مؤلفة سلسلة روايات هاري بورتر إلى قائمة أغنياء العالم». وتابع: «الكتاب لم يخسر ولكن المجتمع هو الخاسر الأكبر للقيم والمبادئ المستمَدّة من القراءة وتنمية الذهن، والنتيجة هي انحدار الثقافة». وأشار إلى أنه قبل أربع سنوات اتخذ قرار العودة لإصدار «فلاش» لكن بصورة محدودة لم تتجاوز 4 أعداد سنوياً توضع عبر بوابة معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي يقام في كانون الثاني (يناير) من كل سنة.