الجبير: المملكة من أكبر المستثمرين في الطاقة النظيفة ولديها مشاريع ضخمة تستهدف الحد من آثار التغير المناخي    أول حالة إسعافية تُنقل من مهبط برج الساعة عبر الإسعاف الجوي لحاج أفريقي    «منبر جدة» مفتاح لحل الأزمة السودانية    منتخب البرتغال يصل إلى ألمانيا استعداداً لمشاركته في يورو 2024    مارتينيس: البرتغال جاهزة    قائد الأسود الثلاثة: هدفنا كتابة التاريخ    توقيع اتفاقية التمويل الثانية لمشروع تطوير منظومة الربط الكهربائي الخليجي والربط بشبكة جنوب العراق    جمعية قدرة لرعاية الأشخاص المعاقين بالرس تحجج 11 معاقاً ومعاقه    وزير الإعلام يقيم مأدبة عشاء للوفود الإعلامية المشاركة في "ملتقى إعلام الحج"    خطط مرورية لنقل الحجاج لمشعر منى    استعدادات أمانة الطائف لاستقبال عيد الأضحى    أمانة الطائف تنفذ (1500) مهمة لتهيئة مصليات العيد والجوامع    العليمي: المنحة السعودية تمكن الدولة من الوفاء بالتزاماتها الحتمية    لم يكن الأفضل !    الأخضر السعودي تحت 20 عاماً في مجموعة متوازنة بتصفيات كأس آسيا    الإتحاد يواجه إشبيلية الإسباني ودياً    مكة المكرمة تسجّل اليوم أحمالاً كهربائية الأعلى في تاريخها ب 5361 ميجاوات    جاهزية مقرات ضيوف خادم الحرمين الشريفين في المشاعر المقدسة بخدمات نوعية    أول حالة إسعافية تنقل من مهبط برج الساعة عبر الإسعاف الجوي لحاج أفريقي    زيادة حدة التوتر على الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية    رئيس الأركان يتفقد قطاعات وزارة الدفاع المشاركة في الحج    شركات الطيران تواجه نقصاً في وقود الطائرات في المطارات اليابانية    تحذير الحجاج من التعرض للحرارة بالمشاعر المقدسة    بريد القراء    وزير الصحة يزور مستشفى قوى الأمن بمكة المكرمة    وزير الحرس الوطني يقف على استعدادات القوات المشاركة بموسم الحج    الربيعة يستعرض جهود مركز الملك سلمان للإغاثة في غزة    جامعة الملك فيصل ضمن أفضل 100 جامعة عالمياً في التايمز للتنمية المستدامة    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان رئيس ملاوي في وفاة نائبه ومرافقيه    مجموعة السبع: اتفاق لدعم أوكرانيا بأصول روسية مجمدة    أرامكو توقع اتفاقية مبدئية لشراء الغاز من منشأة أمريكية    اسطول متنقل للحجاج المرضى    المملكة ترحب بالمستثمرين الدوليين بقطاع السياحة    "الداخلية" تصدر قرارات إدارية بحق (26) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج لنقلهم (124) مخالفًا    مجلس الأمن يصوّت على وقف حصار ‬الفاشر    صحفيو مكة يشيدون بمضامين ملتقى إعلام الحج    البسامي يتفقد جاهزية قوات أمن الحج    «حفل بذكرى زفاف أقصر زوجين    الأرصاد: لا يستبعد تكون السحب الرعدية الممطرة المصحوبة برياح نشطة على الرياض والشرقية    مدينة النور.. تنبض بالحياة طوال الموسم    «قوات أمن الحج»: تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي حفاظاً على سلامة الحجاج    كيف أُحبِطُ مَنْ حولي ؟    «المهدرجة».. الطريق إلى أزمات القلب وسكتات الدماغ    منتجات فريدة للإبل    الزميلة ولاء تنال الماجستير بتقدير ممتاز    اللواء الزهراني يحتفل بزواج إبنه الدكتور عبدالله    ولي العهد يعزي ولي عهد الكويت في ضحايا حريق المنقف    ولي العهد يعتذر عن المشاركة في قمة ال G7 لإرتباطه بالإشراف على أعمال الحج    العقيد الطلحي يتفقد مركز(911)    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته.. وصول الطائرة السعودية ال 53 لإغاثة الشعب الفلسطيني    25 فعالية لمركز "إثراء" في عيد الأضحى    دورة تأهيلية لجامعي البيانات لموسم حج 1445ه    فريق طبي ينجح في إزالة ورم من رحم مواطنة في مستشفى الولادة والأطفال بالدمام    المملكة تعزي في ضحايا حريق «المنقف» في الكويت    تجمع الشرقية الصحي يشارك في مبادرة "خدمتكم شرف "    «إش ذي الهيافة»    الرئيس الأوكراني يصل جدة وفي استقباله نائب أمير مكة    تابع سير العمل في مركز قيادة الدفاع المدني.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتفقد مشاريع التطوير في المشاعر المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السويد: الإرهاب حين يختلط بالجريمتين الفردية والمنظمة
نشر في الحياة يوم 23 - 08 - 2017

يخرج شاب نحيف من سيارةٍ سوداء ويطلق النار ليسرق متجراً للهواتف المحمولة ويغادر مسرعاً. قد يصعب تفسير أن هذا ليس مشهداً من فيلمٍ هوليوودي بموازنة عالية، بل حادثة روتينية في واحد من أكثر بلدان العالم استقراراً. يكاد لا يمر يوم من دون أن تشهد ضواحي مدن السويد، المكتظة بالمهاجرين، حوادث سطو مسلح ازدادت وتيرتها مع تدفق أكثر من ربع مليون لاجئ في الأعوام الماضية وتجمعهم في تلك الضواحي. ولأن التطرف يجد في بيئة «الغيتو» الشروط المناسبة للتكاثر، يتحول الأمر، لاحقاً، إلى نوعٍ من الزواج الكاثوليكي بين نوازع الإجرام والإرهاب.
وأخيراً، أصدرت الشرطة السويدية تقريرها السنوي الذي يتناول الأحياء الساخنة جنائياً وأمنياً والتي تتميز بتدني الوضع الاجتماعي والاقتصادي حيث يكون للمجرمين نفوذ على المجتمع المحلي. وفي تلك المناطق، غالباً ما يكون التشدد الديني منتشراً، حيث ينشط «المجنِدون»، وسط غياب ثقة السكان «المحايدين» بالسلطات وأجهزة إنفاذ القانون واتهامهم لها باللامبلاة والتمييز، فضلاً عن تخوفهم من انتقام العصابات والمتطرفين. وفي تقريرها الصادر أواخر 2015، بلغ عدد «المناطق الهشة» 53، لتزداد هذا العام إلى 61 قسّمها التقرير إلى ثلاث فئات: الأولى هي «الهشة في شكلٍ خاص» (23 حياً كانت 15 سابقاً)، «الهشة» (32) و«الخطِرة» (6 أحياء). وتشير الدراسة إلى أن المتورطين في العنف وتجارة المخدرات ونقل السلاح باتوا أصغر سناً، ومنهم أطفال لم يتجاوزوا العقد الأول من عمرهم، بينما تبلغ نسبة البطالة في تلك المناطق بين 50 و53 في المئة وتعج بحوالى خمسة آلاف مجرم و200 شبكة إجرامية. وتظهر الإحصائيات أن حوالى 40 في المئة من القصّر في المناطق «الهشة في شكلٍ خاص» يرسبون في المرحلة الابتدائية. لكن الأخطر، هو ما لاحظه التقرير لجهة ارتفاع منسوب التوتر في تلك الأحياء بين المهاجرين المتعاطفين مع التنظيمات الإرهابية من جهة ومكونات دينية وعرقية أخرى مثل الشيعة والمسيحيين والأكراد.
وفي ضاحية روزنغورد في مدينة مالمو (جنوب)، التي توصف بأنها «مولنبيك السويد» نسبةً إلى ضاحية العاصمة البلجيكية بروكسيل التي توصف بأنها حاضنة التشدد ونموذج لفشل سياسة الاندماج، ارتفعت نسبة الذين يشكلون خطراً محتملاً من إجمالي السكان من 0.8 في المئة في 2011 إلى 4.3 في المئة في 2015، وهو العام الذي شهد توافد حوالى 163 ألف لاجئ إلى المملكة الاسكندنافية. ويعتبر السوري أسامة كريم، 24 عاماً، مثالاً جلياً ل «اندماج» الإجرام والإرهاب. فالشاب الذي ولد في السويد ونشأ في روزنغورد بدأ رحلة انحرافه بالإتجار بالمخدرات، قبل أن ينتهي به الأمر معتقلاً لدى السلطات البلجيكية إثر تورطه في هجمات باريس وبروكسيل. وفشل أسامة في تفجير نفسه بمحطة مترو العاصمة البلجيكية، حيث يبدو أنه تسلل وسط اللاجئين ليعود إلى أوروبا من سورية العام 2015. وكذلك، فإن الأوزبيكي منفذ هجوم استوكهولم الإرهابي في نيسان (أبريل) الماضي كان مدمناً على المخدرات ولا يعرف كيف يصلي، قبل أن يجد نفسه يقود شاحنة لدهس المارة بدوافع عقائدية.
وتتركز البؤر الساخنة في ضواحي المدن الثلاث الكبرى: استوكهولم، غوتنبورغ ومالمو. وتستأثر العاصمة، مدينةً ومحافظةً، بنصيب الأسد، حيث تندرج ضمن الفئات الثلاث للتصنيف المذكور في التقرير 25 منطقة (أحياناً بأكثر من حيٍ). وتليها غوتنبورغ 9 مناطق، ومن ثم مالمو 4. أي أن في المحافظات الثلاث لوحدها 38 منطقةً مقابل 23 في بقية المدن ومنها على وجه التحديد: بوروس وهلسنبورغ وكلتاهما تقعان جنوب البلاد حيث تتركز غالبية السكان. وبحسبة بسيطة، ارتفع عدد قتلى عمليات إطلاق النار في مالمو إلى 11 في 2016 مقابل ثلاثة فقط في 2015. وفي غوتنبورغ، لقي ستة حتفهم في الشهور التسعة الأخيرة فحسب. وفي إحدى المرات، حاول «المحايدون» التحرك، فنطموا في روزنغورد قبل أعوام تظاهرة لم تتكرر تألفت من بضع عشرات احتجاجاً على استهداف أجهزة الدولة والممتلكات العامة وأعمال الشغب. وفي ضاحية إنغريد، التي يتبع لها حي يالبو المذكور في تقرير الشرطة إياه، خرج قبل شهرين أكثر من ألف شخص في مسيرة ضد العنف نددت بمقتل مدرس بالرصاص خارج مدرسته على خلفية تشجيعه الطالبات على المشاركة في النشاطات الرياضية. ومن ضمن التفاصيل اليومية في تلك الأحياء: الصدامات الدامية بين الشرطة والسكان، حرق السيارات وتخريب المحلات التجارية والاعتداء على الصحافيين الذين يحاولون دخولها لإجراء تقارير، السطو المسلح والفلتان الأمني المحض من دون سببٍ واضحٍ كاستهداف سيارات الإطفاء ومنع الموظفين الحكوميين من أداء عملهم.
وطبقاً لجهاز الأمن الخارجي «سيبو»، ارتفع عدد المتطرفين الإسلاميين من 200 في 2010 إلى «بضعة آلاف» حالياً. وتتسلم الشرطة قرابة ستة آلاف بلاغ استخباراتي سري شهرياً في شأن هجماتٍ متوقعة، مقارنةً بألفين فقط في 2012. وتؤكد الحكومة السويدية بدورها أنها تتعامل مع حوالى 140 سويدياً التحقوا بجماعات مسلحة في سورية والعراق وعادوا مجدداً. وهناك أيضاً 300 سويدي وحاصل على إقامة لجوء ممن انضموا إلى التنظيمات الإرهابية في الخارج. ولا تبدو الصورة مختلفة كثيراً، والحال كذلك، عن ضواحي بلجيكا وفرنسا التي باتت معاقل الإرهابيين، حتى بات يطلق على ضواحي المدن السويدية تعبير «no-go zone» أو «المنطقة التي لا يجدر التوجه إليها». وأمام هذه التحديات، تظهر مشكلة عويصة أخرى تتمثل في نقص عدد أفراد الشرطة وشح موازنة الجهاز. وقبل عام، تفجرت فضيحة من العيار الثقيل بعدما كشف مراسل صحيفة في إقليم سكونة، الذي تتبع له مالمو، سهولة شراء قنبلة يدوية. وذكر المراسل حينها أنه اتصل بوسيط مع شخص يبيع القنابل، ولم يستغرق الأمر أكثر من عشر دقائق للحصول على جوابٍ إيجابي.
وأوضح أن الوسيط تعهد بإيصال القنبلة، التي طلب ثمنها 125 يورو ليس إلا، في اليوم نفسه.
قد يكون بالإمكان تلخيص المسألة بصراع الهوية وحقوق المواطنة، على اعتبار أن معظم أبناء الضواحي هم من الجيل الثاني ممن لم يعرفوا وطناً غير السويد. لكن المؤكد أيضاً أن عدم فاعلية المبادرات السياسية والبرامج الاجتماعية والخطط الاقتصادية، على رغم السخاء والتسامح اللذين تشتهر بهما السويد، يزيد الطين بلة. والواضح أنها ستبقى تدور في حلقة مفرغة ولن يكتب لها النجاح من دون تعاون الطرف الآخر وتوافر الإرادة لديه، في وقتٍ تتسع فجوة عدم الثقة بين الجانبين أكثر فأكثر مع مرور الوقت، ما ينذر بازدياد احتمال تصدر الأنباء السيئة الآتية من السويد نشرات الأخبار في المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.