«حتى الآن لا أفهم سلوك الإدارة الأميركية... التقيت موفدي الرئيس دونالد ترامب 20 مرة، ودائماً أكدوا لي أنهم يؤمنون وملتزمون حل الدولتين ووقف البناء في المستوطنات... ألححتُ عليهم أن يقولوا ذلك على الملأ أو أن يكون هذا الموقف مطلبهم من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، لكنهم يرتدعون... قالوا لي إنهم سيدرسون الأمر، ولم يعودوا إليّ بعد». هذا ما نقله وفد من حركة «ميرتس» اليسارية عن الرئيس محمود عباس (أبو مازن) خلال لقاء في مقر الرئاسة في رام الله أول من أمس، مشيراً الى أن عباس سيعيد طرح هذا المطلب خلال لقائه الخميس المقبل الوفد الأميركي برئاسة مستشار الرئيس جاريد كوشنر الذي يزور المنطقة. وضم وفد «ميرتس» زعيمة الحركة النائب زهافه غالؤون وزميلها النائب العربي عيساوي فريج والأمين العام للحركة موسي راز وآخرين. وقال فريج ل «الحياة» إن الرئيس الفلسطيني لم يخفِ خيبة أمله من سلوك الإدارة الأميركية، معتبراً أن ما يحصل داخل الإدارة فوضى، وأنه لا يعوّل على تغيير في سياسة نتانياهو ولا يراهن عليه، و «عليه تبقّى أمامه أن يتواصل من خلالنا مع المجتمع الإسرائيلي لحمله على الضغط على حكومته لقبول حل الدولتين». وكشف فريج أن الرئيس الفلسطيني قد يوجه كلمة بهذه الروح الى المجتمع الإسرائيلي الشهر المقبل خلال الأعياد اليهودية. ولمّح إلى خيبة أمل الفلسطينيين من «اختفاء» ما يسمى ب «معسكر السلام» في إسرائيل الذي يقوده حزب «العمل» أو تحالف «المعسكر الصهيوني»، وتفاديه التواصل مع عباس والسلطة الفلسطينية، «تماماً كما يختفي في كل مرة تندلع أزمة ثقة بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية». وربط ذلك «الاختفاء» بأحداث المسجد الأقصى الشهر الماضي و «تماهي المعسكر الصهيوني مع الأجواء العامة في إسرائيل ضد السلطة الفلسطينية واتهامها بالتحريض في هذه المسألة». وأضاف: «نحن في ميرتس نحرص كل الحرص على تأمين التواصل بين السلطة الفلسطينية والمجتمع الإسرائيلي. نحن شعرة معاوية، ونعمل من منطلق أيديولوجي واضح وقناعة تامة ما في وسعنا من أجل إقناع الرأي العام في إسرائيل بوجوب إنهاء الاحتلال وحل الدولتين». واختتم بتأكيد أن «ميرتس» ترى وجوب منح الدعم للرئيس الفلسطيني حيال ما يواجهه من ظروف داخلية وموقف الإدارة الأميركية وسياسة نتانياهو. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن أحد أعضاء الوفد قوله إن الوفد تناول في لقائه عباس قرار الأخير الشهر الماضي وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وأنه قال للوفد إن السلطة توجهت أخيراً إلى إسرائيل واقترحت محاولة العودة إلى نوع من التنسيق، «لكن إسرائيل لم ترد حتى الآن على الاقتراح ما حال دون تقدم في اتجاه إصلاح ذات البين في العلاقات الأمنية». وأضافت الصحيفة أن عباس أبلغ الوفد أنه رغم وقف التنسيق، فإنه أصدر تعليماته للأجهزة الأمنية الفلسطينية بتعزيز مراقبة «عناصر فلسطينية» يمكن أن تقوم بعمليات تفجير في الأقصى، «وذلك لمنع حصول اشتعال جديد يحوّل الصراع إلى ديني»، مضيفاً أن أجهزة الأمن الفلسطينية تُطْلع الإدارة الأميركية على كل الإجراءات التي تقوم بها في نطاق محاربة الإرهاب، وأن «أجهزة الأمن الإسرائيلية تؤكد دائماً أن أبو مازن شريك، بعكس ما يروج له رئيس الحكومة الإسرائيلية... إننا نعمل مع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في شكل أفضل من عملنا مع الحكومة». وفي وقت لاحق، نفى فريج أن يكون عباس صرح بأنه طلب إعادة التنسيق الأمني مع إسرائيل، وأوضح أن الرئيس قال إنه بعد عملية الأقصى تقوم السلطة بالترتيبات الأمنية في المنطقة في شكل مستقل وبصورة ناجحة. وأردفت الصحيفة أن زعيمة «ميرتس» طالبت عباس بإضعاف قوة حركة «حماس»، لكن «من دون المس بالمواطنين في القطاع، وأنها أعربت عن قلقها من تدهور الوضع الإنساني في القطاع ومعارضتها معاقبة سكان القطاع من خلال قطع الكهرباء عنهم، «وهذه ليست خطوة صحيحة وهي ليست شرعية في هذا الوقت». ورد عباس بالقول إنه «طالما لم تحل حماس الحكومة المستقلة التي أقامها في القطاع، فإن السلطة الفلسطينية ستواصل تقليص الأموال التي تنقلها الى القطاع، «إذ نرى في سلوك الحركة محاولة منها للفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وهذا يعني إعلان نزع ثقة سياسي بالقيادة الفلسطينية أكثر من كونه خطوة أخلاقية أو سياسية». وأوضحت غالؤون في مقابلة اذاعية صباح أمس أن عباس بدا على غير عادته وغير ديبلوماسي ومباشر في أقواله وتعبيره. وأضافت أن اللقاء «كان جيداً والأجواء كانت إيجابية، إلا أن الرئيس كان قلقاً، وشعرت بأنه مختلف»، معربة عن تفهمها له لأن السياسة التي ينتهجها نتانياهو وطبيعة الإدارة الأميركية الجديدة وعلاقاتها مع إسرائيل، إلى جانب الأزمات التي تمر بها إدارة ترامب والتوتر مع كوريا الشمالية تجعل عدم الوضوح سيد الموقف. وركزت الصحف العبرية أمس على لقاء غالؤون باعتبارها الشخصية السياسية الأولى التي تقابل عباس بعد أحداث الأقصى ووقف التنسيق الأمني والخطوات التي اتخذها ضد «حماس» من جهة، ولأن اللقاء يأتي قبل زيارة الوفد الأميركي للمنطقة في محاولة لإعادة إطلاق عملية المفاوضات وإحياء عملية السلام بين الفلسطينين والإسرائيليين. وقالت غالؤون خلال اللقاء: «نحضر إليكم اليوم لأننا نؤمن بوجود قيادة فلسطينية معتدلة، ولا يوجد فرق بين آرائنا كشركاء للسلام، إذ إننا نؤمن بضرورة إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967».