هم مجموعة شخصيات أميركية وأوروبية وأفريقية. هما وديع الصافي وصباح. هم قدّموا لهما «شهادة الامتياز العالمي» التي يمنحها المجلس الذي يجمع المجموعة لشخصيات عالمية حققت إنجازات مهمة أو ذات أثر تاريخي في المجتمع الذي تنتمي إليه. لم يكن الاحتفال كبيراً وحاشِداً كما ينبغي في مناسبات مماثلة. بالكاد مرَّ الخبر في بعض الإعلام، نقول «بعض» لأن أكثر الإعلام لا يشير بمساحة جيِّدة الى تكريمات بهذا المستوى. خبر كهذا لا يمكن أن يحتلّ الموقع الذي قد يحتله خبر حصول نجمة شابة أو نجم شاب على ... درع إعجاب من مؤسسة مغمورة أو شهيرة لا فرق، إذا كانت الدرع مدعومة. أما خبر نيل وديع الصافي وصباح «شهادة الامتياز العالمي» فيستطيع الانتظار، أو ربما لا يستحق الاهتمام أصلاً! لعلَّ اسم الشهادة يلفت الانتباه: «شهادة الامتياز العالمي»، ولعل مانحي الشهادة يكملون لفت الانتباه: «شخصيات عالمية من قارات مختلفة، هي أميركا وأوروبا وأفريقيا». ومع أنه مستغرب جداً أن تكون الشهادة من نصيب فنانين عربيين هما الصافي وصباح، ولا يكون في اللجنة أي عربي، على ما يبدو، فإنَّ المعنى الذي يطرحه اسم الشهادة: «الامتياز العالمي» يدلّ بوضوح، وباختصار شديد ومكثف، على المستوى العالمي الذي أدركه وديع الصافي وصباح في فنِّهما، وغنائهما، وتجربة كل منهما النابضة بالحياة والاستمرارية والإبداع. وعلى أن العالم، على اختلاف لغاته وحضاراته، بات يُقدِّر ما فعلاه في نطاق التاريخ الفنِّي للبنان والعالم العربي. تكريمات كثيرة «يتعرَّض» لها وديع الصافي وصباح خلال السنوات الأخيرة، بعضها جيد ومتميّز، وبعضها قد يكون لرفع العتب. المنطق يقول إن كل تكريم لهذين الفنانين الكبيرين، إذا لم يكن مناسباً من حيث القيمة المعنوية ينبغي أن لا يكون من أساسه! ويمكن قول أكثر من ذلك، وبطريقة لا تحتمل اللَّبْس أو التمويه: إن تكريم وديع الصافي وصباح الحقيقي لا يتمّ إلاّ بالاحتضان المادي والمعنوي. وليس هذا الكلام لاستدرار العطف أو «الحسنات» المالية من أحد، بل هو «جزء» مما يتوجّب على لبنان الدولة والشعب والمؤسسات تجاههما: الاحتضان المادي والمعنوي... إذ لا يجوز أن يعيش الصافي، أو تعيش صباح في أوضاع مادية ناقصة، أو في أحوال صحية سيئة نتيجة الأوضاع المادية الناقصة. وليس هدف هذا الكلام أيضاً أن «يدبّ» الصوت على هذا أو ذاك من الأشخاص والمؤسسات، كما أنه قد لا يكون كلاماً مُحبَّذاً عند الصافي أو عند صباح نفسيهما، فهما حتى الآن عزيزان، كلٌّ في مكانه ومع أحبّته، ونرجو ألاّ يحتاجا أيَّ مساعدة من هذا القبيل. لكن التكريم المادي الذي تستطيع تقديمه جهات مقتدرة قد يكون «منعشاً» في هذه المرحلة من حياة هذين الفنانين، اللذين لم يحدث طوال حياتهما الفنية المديدة أن أطلقا شكوى أو تأففاً من ضيق مادي، خصوصاً في المراحل التي كانا فيها في عزِّ العمل والنشاط والإنتاج. أما حالياً، وبمرور سنوات من «الراحة»، فإن التكريم المادي يصبح لزاماً لدى من له عين وعقل و... مال، والأهم الأهم أن تتم هذه الأمور من دون «استعراض» إعلامي، بل بصمتِ الكِبار. النفس العزيزة في وديع الصافي وصباح، وعنفوان الفنانَيْن صاحبَيِ التاريخ، يجعلان وجهيهما ضاحكين، وكلماتهما شاكرة تجاه أي التفاتة حبٍّ تجاههما، في المعنوي أولاً وأخيراً. «شهادة الامتياز العالمي» هي كذلك. لو أن نوبل للغناء موجودة لكنّا نمنا على حرير أن وديع الصافي وصباح بين مستحقيها. لو أن...