اختتام بطولة جازان الشاطئية لرياضة الإنقاذ والسلامة المائية    انطلاق مؤتمر الشبكات الذكية الاثنين    كورال المركز الوطني للفنون المسرحية في الصين تقدم عروضا في مركز إثراء بالسعودية    ختام أكبر هاكاثون في العالم "أبشر طويق"    مقتل شخصين وإصابة ثمانية جراء إطلاق النار في جامعة براون في أمريكا    دعت لتبني سلوكيات التنزه.. البيئة: 3 آلاف ريال غرامة مخالفة التخييم دون تصريح    لحظة تأمُّل    وسط انتقادات واشنطن لقرار أممي.. مؤتمر دولي لبحث إنشاء «قوة غزة»    جيش الاحتلال يستهدف القيادي في حماس رائد سعد    1092 توفوا في غزة نتيجة تأخر الإجلاء الطبي ونقص الإمدادات    حققت قفزة نوعية بمعدل 9 نقاط خلال عامين.. السعودية بالمرتبة ال10 بمؤشر التغطية الصحية الشاملة    المنتخب الوطني يواصل تحضيراته لمواجهة الأردن    برعاية خادم الحرمين.. أمير الرياض يحضر ختام العرض الدولي الثامن لجمال الخيل العربية الأصيلة    تنظيم الإعلام الرياضي وعقوبات على المتجاوزين ومثيري التعصب.. بعد الموافقة عليه.. تفاصيل مشروع نظام الرياضة الجديد    ضبط 19.5 ألف مخالف    أمطار على معظم المناطق حتى نهاية الأسبوع    1145 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ    45 اتفاقية ومذكرة لصندوق التنمية الوطني.. 6 مليارات ريال تمكيناً لشراكات القطاع الخاص    يسرا اللوزي تستعد بمسلسلين لرمضان    أمسية شعرية وطنية في «جدة للكتاب»    فسح وتصنيف 40 محتوى سينمائياً    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    المملكة توزع 1000 سلة غذائية في ولاية البحر الأحمر بالسودان    القبض على شخصين لترويجهما القات    ضبط 19576 مخالفاً للإقامة والعمل وأمن الحدود    تقرير بريطاني يفتح الباب لرحيل صلاح نحو الدوري السعودي    كوزمين: هدفنا النهائي    ورحلت رفيقة دربي أُم تركي    دراسة: كلما زاد إقناع الذكاء الاصطناعي قلت دقته    أمير الشرقية يرعى تكريم الفائزين بجائزة الأحساء للتميز.. غداً    «جائزة الإعلام» تطلق مسار «التميّز»    الأخضر يتجهز لمواجهة الأردن بفترة «حرة»    تحسين الفئات الوظيفية ل3808 من منتسبي المساجد    «الأمر بالمعروف» تفعّل معرض «ولاء» بالطائف    مهاجم نادي الفيحاء يخضع لعملية جراحية ناجحة بمجمع الدكتور سليمان الحبيب الطبي في العليا    مستشفيات الدكتور سليمان الحبيب بالخبر والمحمدية والفيحاء والحمراء والصحافة تحصل على شهادة الاعتماد الدولية JCI    السوق السعودية يغلق الأسبوع على مكاسب محدودة    71.5% من الأنشطة العقارية بالرياض    2.31 تريليون دولار قيمة الإقراض بالبنوك الخليجية    حقن التخسيس تدخل عالم القطط    النوم الجيد مفتاح النشاط اليومي    رب اجعل هذا البلد آمنا    «هوبال» يحصد جائزة «فاصلة» لأفضل فيلم سعودي    العزاب يغالطون أنفسهم    ترمب: هجوم تدمر حدث في منطقة خارج سيطرة الحكومة السورية    السعودية تواصل إيواء النازحين في جنوب غزة    غزة بين آثار الحرب والطقس القاسي مع استمرار الضربات العسكرية    زبرجد فيلم روائي يجذب زوار معرض جدة للكتاب    الملك يرعى الحفل الختامي للعرض الثامن لجمال الخيل العربية الأصيلة    فريق قوة عطاء التطوعي يحتفي باليوم العالمي للتطوّع ويكرّم أعضاءه    ورشة عمل في فندق كراون بلازا تحت إشراف جمعية القلب السعودية ضمن حملة 55 قلبك بخير    سماء المنطقة العربية تشهد زخة قوية من الشهب هذه الليلة    رئيس دولة إريتريا يصل إلى جدة    نائب أمير الرياض يعزي أبناء علي بن عبدالرحمن البرغش في وفاة والدهم    غرفة إسكندراني تعج بالمحبين    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا انهيار مبنيين متجاورين في مدينة فاس    طيور مائية    ولي العهد يفتتح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية ويتمان المجهولة تكشف وجهه السردي الهزيل
نشر في الحياة يوم 17 - 03 - 2017

لم يرغب الشاعر الأميركي الكبير والت ويتمان قط في نفض الغبار عن أولى كتاباته الأدبية التي وصفها ب «القطع الصبيانية والخام». وعلى رغم كل المحاولات، أصرّ على إبقائها مخفية تحت أسماء مستعارة «لتسقط في غياهب النسيان سريعاً»، على حدّ قوله. وعندما حثته دار للنشر على إعادة جمعها من الصحف ونشرها، كان جوابه واضحاً حينها: «على الأرجح أنني سأطلق النار على الشخص الذي يفكر في ذلك».
زاكري توربين، قد يكون هذا الشخص، هو «المهووس» إلى حد كبير بكتابات ويتمان على اختلافها. لم يفكر فقط، بل فعلها. الشاب الثلاثيني، خريج جامعة هيوستن الأميركية، لم يتمالك عن البحث لأشهر طويلة عن رواية سرية للشاعر الكبير، مع أنه لا يعرف عنها سوى أسماء بعض أبطالها. كان توربين وجد قصاصةً بخط ويتمان فيها رؤوس أقلام وأسماء لرواية نشرت في إحدى صحف نيويورك في القرن التاسع عشر. غاص في مكتبة الكونغرس، مدققاً في أرشيف صحف نيويورك، بحث مطولاً إلى أن عثر عليها وقام بنشرها إلكترونياً لتكون بمتناول الجميع.
خالف توربين، الفخور بأنه اكتشف كنزاً أدبياً بقي مدفوناً لأكثر من 165 عاماً، رغبة ويتمان، لكنه يعتقد أنه قام بالخيار الصحيح، ليتعرف العالم أكثر إلى تطور كتابات ويتمان؛ أحد أهم شعراء الولايات المتحدة وأكثرهم تأثيراً. وهو يؤكد أنه لم يكن ليحتمل فكرة أن يحتفظ برواية لقيمة أدبية بحجم والت ويتمان من دون اطلاع العالم كله عليها.
تتألف رواية «حياة جاك أنغل ومغامراته» من 36 ألف كلمة، كانت نشرت عام 1852 في إحدى صحف نيويورك على ست حلقات. كتبها ويتمان قبل ثلاث سنوات فقط من إصداره قصيدته الملحمية «أوراق العشب» التي تحولت إلى أيقونة في الشعر الأميركي، وحققت له شهرة عالمية بعد ترجمتها إلى لغات عدة، منها العربية واحدثها ترجة الشاعر المصري رفعت سلام.
وبالفعل، لمس النقاد خيوطاً تربط بين هذه الرواية السرية التي كُشف النقاب عنها، وبين القصيدة الشهيرة، واعتبر كثيرون أن الرواية التي لم تحقق دوياً أدبياً في حينه، ولا حتى حين جرى نشرها أخيراً، هي نافذة على الخطوات الإبداعية الأولى لويتمان، وتحوله من صحافي واقعي إلى شاعر فلسفي.
تشبه الرواية إلى حد كبير كتابات تشارلز ديكنز، بحيث تعتمد أسلوب الغموض والإثارة. هي قصة كلاسيكية من قصص نيويورك في ذلك الوقت، تتحدث عن حياة سكان المدن ومغامراتهم، وتتمحور حول شاب يتيم فقير يصيبه ثراء في ما بعد، ويحاول مساعدة فتاة يتيمة في الحصول على ميراثها من محاميها المحتال. ليس في الرواية ما يلفت سوى أن كاتبها هو ويتمان، الشاعر الفذ الذي ترك خلفه دواوين شعرية بارزة. لذلك، أثارت الرواية نقاشات كثيرة حول تطور أسلوب ويتمان الأدبي وتنقله بين أنماط أدبية مختلفة قبل أن يقرر البقاء في عالم الشعر.
إضافة إلى تنقحيه الدائم لكتاباته، عرف عن ويتمان أنه «قابل للتطور»، بمعنى أنه لا يتمسك بالأفكار والمواقف بعناد عبثي، بل يترك أبواب فكره مفتوحة أمام أفكار جديدة قد تقنعه. والحال أن ذلك لا يظهر فقط في كتاباته وتنقلاته بين النثر والشعر، بل أيضاً في مواقفه السياسية التي كان يجاهر فيها، بكونه صحافياً مهتماً في الشأن العام وقضايا المجتمع.
في بداياته، كان ويتمان يرفض فكرة تحرير الرقيق، لكنه سرعان ما تبنى موقفاً معاكساً وأصبح من أبرز دعاة تحريرهم. حتى أنه لُقب بشاعر الديمقراطية والتسامح وعدم التفرقة بين الأديان. وخلال الحرب الأهلية، بين الحكومة الفيدرالية و الولايات الجنوبية التي استمرت في تجارة الرقّ، تطوع للعمل كممرض في مستشفى، يعالج جرحى الطرفين، وترجم تجربته مع الحرب في ديوان «مذكرات حرب»، الذي أظهر انسانيته وتعاطفه مع أخيه الانسان.
قبل أن يختار الشعر، تنقل ويتمان بين التدريس والصحافة والوظائف الحكومية، ومارس شغفه الأول في إصدار الصحف والمجلات المحلية أو المشاركة فيها. وفي وقت لاحق، نشر قصصاً كثيرة على حلقات في الصحف، لكنّ ذلك لم يمنعه من صقل موهبته الشعرية مع مرور الوقت، فتحول من شاعر تقليدي، يكتب الشعر المقفى والوعظي إلى شاعر يكتب بطريقة غير مسبوقة، حيث تخلّى عن الوزن والقافية، واختار سطوراً طويلة ضمن قصائده، كما هو الحال في قصيدة «أغنية نفسي» التي حققت نقلة نوعية في الشعر الأميركي، ليس فقط لجهة الأسلوب النثري المعتمد بل أيضاً لجهة تدفق الخيالات والثيمات الجديدة المطروحة والابتعاد من أسلوب الوعظ.
أصدر ويتمان كتابه الأشهر «أوراق العشب» وحقق شهرة واسعة. وظهر الكتاب في صورته الأولى عام 1855، لكنّ ويتمان دأب على تعديله والتغيير في قصائده، لتظهر صورته النهائية في العام 1891، أي قبل عام واحد فقط من رحيله. وقد جابه الديوان حملات عدة، من جهات سياسية نافذة، ووصف بالأدب الاباحي، بل طُلب من ويتمان إجراء تعديلات في قصائد عدة فيه، منها «امرأة تنتظرني» و «الجسد المثير»، لكنه رفض بحزم فتخلى عنه ناشره، إلا أنه تمكن من العثور على ناشر آخر وحققت الطبعات التالية مبيعات خيالية بسبب الإقبال على الكتاب المرفوض سياسياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.