مستشفى د. سليمان فقيه بجدة يحصد اعتماد 14 مركز تميّز طبي من SRC    دورة "مهارات العمل التطوعي" تُثري الحضور في مركز التنمية الاجتماعية بحائل    ارتفاع مؤشرات الأسواق الآسيوية بعد ارتفاع "وول ستريت"    تقنيات الذكاء الاصطناعي ترصد الزلازل بالمملكة    هجوم أوكراني بطائرات مسيرة يشعل حرائق في روستوف    أغسطس.. شهر المناعة العالمي لحماية الأجيال    ريم الجوفي تقدم ورشة التمييز بين المعلومة والمعرفة في عالم رقمي    أمير القصيم يزور محافظة المذنب ويؤكد تطورها التنموي وتنوع الفرص الاستثمارية    الشؤون الإسلامية تواصل تنفيذ برنامجها التدريبي المتخصص لمنسوبي المساجد والمراقبين في جازان    إطلاق نظام الملف الطبي الإلكتروني الموحد "أركس إير"    الدعم السريع منح مخيم لاجئين إلى مرتزقة    إيران تحذر من عواقب تفعيل آلية الزناد    3 سيناريوهات إسرائيلية أخطرها الاجتياح الشامل لقطاع غزة    بعد تصاعد التوترات بين قسد وقوات حكومية.. واشنطن تدعو للحوار في منبج والسويداء    ضمن كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. Team Falcons يمنح السعودية أول ألقابها    ابن نافل أتعب من بعده.. وإساءات نجيب    يقام في سبتمبر المقبل.. النصر والأهلي يواجهان القادسية والعلا في كأس السوبر للسيدات    مكالمات الاحتيال المستمرة    البريد يصدر طابعًا تذكاريًا لأمير مكة تقديرًا لإسهاماته في تعزيز التنمية الثقافية والاجتماعية    أم تخفي طفلتها بحقيبة سفر تحت حافلة    تغيير التخصص الجامعي وآثاره السلبية والإيجابية    حفلات زفاف بفرنسا تستقبل الضيوف بمقابل    مشيداً بخطط الاستثمار والنهج الاستباقي.. صندوق النقد يؤكد قوة السعودية في مواجهة التحديات الاقتصادية    بعد الانكسار    خطوة يومية!    «إثراء» يختتم البرنامج الصيفي ب 5 أفلام قصيرة    المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025 ينطلق غدًا في الرياض    موجز    الدقيسي    أصدقاء البيئة تستثمر طاقات الطلاب بمبادرة بيئية لحماية غابات المانغروف    خلافات تعرقل جلسة برلمان ليبيا في بنغازي    رحب بالجهود الأمريكية للتسوية في أوكرانيا.. الكرملين يحذر من التصعيد النووي    تنفيذ مبادرة "غرس الشتلات" في منتزه قرضة بفيفا    "سلمان للإغاثة" يختتم المشروع الطبي التطوعي للجراحة العامة في محافظة عدن    السعودية تحقق أول ألقابها في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    الدرعية تحتفي ب"ترحال".. قصة وطن تُروى على المسرح    الحراثة التقليدية    إصدار معماري يوثق تطور المسجد النبوي عبر العصور    كلنا مع الأخضر    ولي العهد ورئيس الوزراء الكويتي يستعرضان العلاقات التاريخية وأوجه التعاون    سفير سريلانكا: المملكة تؤدي دورًا عظيمًا في تعزيز قيم التسامح وخدمة الإسلام عالميًا    ارتفاع مشاهدات المسلسلات السعودية    51.9 مليار ريال زيادة سنوية بإيرادات قطاع التشييد والعقارات    الاتفاق يواصل تحضيراته للموسم الجديد .. والفرنسي"ديمبيلي" يبدأ رحلة العودة    روائح غريبة تنذر بورم دماغي    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي أحد المسارحة    أمير الشرقية: تسخير التقنية وتجويد الخدمات يعكسان توجه الدولة لرفع كفاءة العمل الحكومي    أمير تبوك يبارك حصول مجمع مباسم الطبي على شهادة "سباهي"    أبها تحتضن غداً أنشطة برنامج "حكايا الشباب" بمشاركة عددٍ من الأكاديميين والرياضيين    911 يستقبل 93 ألف مكالمة في يوم واحد    12 نجمة إنجاز سلامة مرورية للشرقية    وكيل إمارة جازان يرأس اجتماع الاستعدادات للاحتفال باليوم الوطني ال 95    ندوة تاريخية تكشف أسرار تحصينات المدينة المنورة    لا تدع أخلاق الناس السيئة تفسد أخلاقك    إحباط 1547 صنفاً محظوراً    جبال المدينة.. أسرار الأرض    «هلال مكة» يفعل مسارات الجلطات القلبية والسكتات الدماغية    من حدود الحزم.. أمير جازان يجسد التلاحم بالإنجاز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الانفجار السكاني» في مصر في مواجهة التمسك بحياة «الهامش»
نشر في الحياة يوم 04 - 11 - 2010

تخطت مصر مرحلة حملات التوعية التي تخاطب «حسانين» و «محمدين» الشقيقين اللذين قدما نموذجين لزوج قرر وزوجته تنظيم أسرتيهما والاكتفاء بطفلين، فعاشا في رغد، في حين أصر الثاني على منافسة الأرانب في قدرتها على التكاثر، ففقد صحته وماله... ودخلت في مرحلة أكثر تعقيداً مع تفاقم عدد السكان وعدم وجود مؤشرات توحي بالنجاح في الحملات المستمرة من أجل تنظيم الاسرة.
«لماذا نبدو وكأننا المشكلة الوحيدة في نظر الحكومة؟»، سؤال تطرحه فتحية (52 سنة) بعد أن تلخصّ وضعها ووضع عائلتها على الشكل التالي: «مش عارفة إحنا مضايقنهم في إيه؟ إذا كان على السكن، فنحن نعيش في منطقة ليست على الخريطة أصلاً. وإن كان على التعليم فأشطر عيل لم يتخط حاجز الشهادة الابتدائية. أما العمل فمن يعمل منا بعيد تماماً من أي وظائف حكومية أو حتى خاصة، فنحن نعمل باليومية، يعني لا تأمين ولا رعاية صحية، وحتى لو توفانا الله، فيتم دفننا بالجهود الذاتية!»، معتبرة أن بيتها الصفيحي المتهالك ليس مسجلاً على الأوراق الرسمية، ما يعني أنه ليس موجوداً. وعلاقة أبنائها الستة وأبناء أبنائها ال13 بمنظومة التعليم علاقة سطحية جداً لا تتعدى مرحلة «فك الخط» التي تتيح لصاحبها كتابة اسمه والأرقام من واحد لعشرة. أمراضهم إما تداوى بالطرق الشعبية، أو في أحسن الأحوال من خلال أحد المستوصفات الخيرية التابعة للمساجد والممولة من زكاة أهل الخير.
وتشكو من ذلك الشعور الذي تبثه فيهم الحكومة يومياً لتشعرهم بأنهم «عالة عليها، ووجودنا أمراً غير مرحب به». وتنتقد الدعوات الدائمة من أجل تنظيم الاسرة: «يريدون القضاء علينا. لا يريدوننا أن نتزوج وننجب مثل باقي خلق الله. وإن تزوجنا، يريدون أن نكتفي بعيل أو إثنين. هو حتى العيال نعمة ربنا الوحيدة علينا يريدون التدخل فيها». الطريقة «المقنعة» التي تتساءل فيها فتحية، تلقي الضوء على البيئة المحيطة التي توحي بأن التكاثر البيولوجي هو المتعة والنعمة ومصدر الأمان الوحيد المتاح للشريحة المنتمية اليها فتحية من دون كلفة... متهمة الحكومة بأنها «تستكثره عليهم وتصر على التدخل فيه».
النظرة المعادية لتنظيم الاسرة، التي تسعى فتحية إلى محاربتها وإن من خلال آرائها، تنحسر مع الوقوف على رأي بناتها اللواتي يعبّرن عن وجهات نظر مختلفة، بعضها يعكس حلماً ضائعاً، في التعليم والخروج من دوامة الفقر ومن ثم توريثه، والبعض الآخر يؤيد طواعية أو اضطراراً بسبب الضيق، شعار «أسرة صغيرة مستقبل أفضل». صحيح أن هذا ال «أفضل» نسبي، إلا أنه يظل أفضل من عشّة صفيح على صخرة آيلة للسقوط في منطقة سقطت سهواً من على الخريطة، وبالتالي من حسابات المسؤولين.
«تضارب المصالح»، أو تحديد العبء يختلف تحديده بين الحكومة وسكان هذه المنطقة، ويؤكد هؤلاء أنهم لا يمثلون عبئاً على الحكومة، بل العكس هو الصحيح، على الأقل فيما يختص بالعبء النفسي.
ولكن مسألة زيادة السكان، والتي تشير احصاءات تموز (يوليو) من العام الحالي إلى بلوغ عددهم ال 78,8 مليون نسمة، لم تعد مجرد اختلاف في وجهات النظر بين أنصار العائلات كبيرة العدد من جهة، والحكومة التي باتت ترزح تحت وطأة ما يصفه البعض ب «فورمولا وان الأرانب» (أي السباق السريع في الانجاب). وبعد سنوات طويلة من جهود حكومية عاتية لتطويق الزيادة السكانية الرهيبة في مصر لم تسفر عن نتائج تُذكر، اعتبرت وزيرة الأسرة والسكان السفيرة مشيرة خطاب «الزيادة السكانية عنفاً يمس الجميع رجالاً ونساءً، بالغين وأطفالاً، وإن كان يهدد النساء أكثر من غيرهم».
«كثرة الإنجاب عنف ضد المرأة وتهميش لها يحرمها من تنمية قدراتها، ويزيد من تعرضها للخطر، ويسلبها حق المشاركة في إدارة حياتها»، بهذه الكلمات عبرت خطاب عن رؤيتها للواقع المصري في كلمة القتها في مناسبة إطلاق تقرير الأمم المتحدة عن السكان.
وكلمات خطاب قد تبدو طلاسم بالنسبة لفتحية ونظيراتها، إلاّ أنها تعبّر بكل صراحة عمّا يختلج نفوس بناتها اللواتي يسعين للحصول على خدمات تنظيم الأسرة... ولو بعد انجاب بعضهن الطفل الرابع. ما ينبئ بحظ أوفر في التعليم لبعض أولادهن، ولو بقي بعيداً من المستوى المرجو.
وعلى رغم أن الوزارة «الوليدة» (عام ونصف العام على استحداثها)، وزارة الأسرة والسكان، تخصص 90 في المئة من جهودها ومواردها المالية والبشرية والتنظيمية لحل المعضلة السكانية، وتحديداً بالسيطرة على «الانفجار السكاني»، تقول خطاب ان الوزارة تعمل على إصلاح البنية التحتية المطلوبة للتعامل مع المشكلة السكانية، مثل تدقيق قاعدة البيانات، ورصد نقاط الضعف في تقديم خدمات تنظيم الأسرة، وإعادة النظر في محتوى الرسالة الإعلامية. من جهة أخرى، هناك اتجاه واضح نحو التركيز على الاتصال المباشر مع النساء في سن الإنجاب وأسرهن، إضافة إلى الاهتمام بالرجل شأنه شأن المرأة في ما يختص بتلك البرامج. وتقول خطاب: «نعمل في القرى من منزل لمنزل من خلال سفرائنا في الكفور والنجوع صديقات وأصدقاء الأسرة والرائدات الريفيات».
وتسعى الوزارة إلى تطبيق «خطة قومية جديدة» وتستهدف تسع محافظات مصرية: الفيوم، بني سويف، المنيا، أسيوط، سوهاج، أسوان، الأقصر، قنا و6 أكتوبر، حيث تتمركز المعدلات الأعلى في الزيادة السكانية والمصحوبة بتدني مؤشرات التنمية. ومن المعروف أن 40 في المئة من الزيادة السكانية في مصر مصدرها محافظات الصعيد حيث يعيش 25 في المئة من مجموع السكان. والهدف القومي في قضية الزيادة السكانية هو الوصول بمعدلات الخصوبة من ثلاثة أطفال لكل سيدة إلى 2.1 طفل.
وإلى أن يتم ذلك، ستظل فتحية على قناعة بأنها وأفراد «قبيلتها» لا يشكلون عبئاً على الحكومة، لأنهم يعيشون على هامش الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.