أعرف أنك تمتلك «عراقة» تاريخية كبيرة على مستوى العالم، وأعرف أنك الآن تمر بأزهى عصورك التقنية.أعرف أنك الآن أصبحت تسير بسرعة عالية جداً، حتى أصبحت تسابق «الرصاصة»، وأنك انتقلت إلى مرحلة «الفخامة والرفاهية»، وليس لديّ أدنى شك في أنك أضحيت من أهم وسائل النقل على مستوى العالم.أعلم أنك متطور بشكل مذهل لكل من يعرفك، لكن اعذرني فما تعانيه في بلادي ليس لديّ فيه أي حيلة. أعرف عزيزي القطار أن الاهتمام بك لم يبلغ أوْجه، وأنك لا تنال ما يناله إخوانك وأشقاؤك وأقاربك في أنحاء المعمورة كافة. عزيزي القطار المبجل، أعتذر لك عن البعارين «الحمقاء» التي آذتك ودخلت على خطك الوحيد من الرياض إلى الدمام ولم تتركك في حالك، فهم لم يجدوا حجزاً على متن الخطوط الجوية السعودية. أتمنى أن تفهم يا عزيزي القطار أن الرمال «الزاحفة» جزء من تكوين بلادي، ف «الزحف» جزء من البيئة التي لا أستطيع التحكم به وعليك التكيف معها. عزيزي القطار... أعتذر لك عن سرقة «الحديد» من ابنك الصغير «قطار المشاعر المقدسة»، ولكنها مشكلتك أنت، لأنك لم تشرح له «ظروف البلد»، وطبيعتها، فما زال صغيراً في السن ولم يفهم بعد. عزيزي القطار... أعتذر عن أن ابنك وُلِد في ظروف «غير طبيعية»، وأنه وُلِد «خديجاً»، ولم يدخل «روضة» تليق به وتماثل ما يناله أشقاؤه في أنحاء المعمورة. أعتذر عن أن ابنك لم يتعلم «الكتابة والقراءة» مثلهم، ولم ينل الرعاية الصحية مثلهم، فأضحى هزيلاً تكاد عظامه تخترق جلده. عزيزي القطار... ابنك يحتاج إلى إغاثة «عاجلة»، واتصال بمنظمات حقوق الإنسان واليونسيف لإنقاذه من «المجاعة» التي يعيشها. عزيزي القطار... لا تغضب من تركك وحيداً بلا أنيس ولا ونيس، فبلادنا تحتاج إلى ربط بين المدن، بل وفي داخل المدن، لفك الاختناقات، ولكن فطنة مسؤولين اكتشفت أنه إذا لم تُفْلت من «الحوادث» وأنت وحيد فريد، فكيف إذا أتيتنا بأسرتك كاملة؟ أتمنى أن تفهم وجهة نظرهم، فهم يتحدثون من واقع «مشكلاتك» الكثيرة، فنحن لا يمكن أن نكون مثل دبي أو غيرها من المدن في أوروبا وأميركا، فنحن لم ننجح في السيطرة عليك في خط واحد بين منطقتين، فكيف إذا انتشرت وتوسعت وتوغلت في كل أرجاء السعودية؟! عزيزي القطار... أعرف أن «المترو» هو أحد أبنائك المخلصين الذي لن يستطيع البعير أن ينكّد عليه حياته، لكن بصراحة مطلقة إذا كانت مشكلاتك فوق الأرض بهذه الكثرة، فكيف ستكون إذا قررنا أن تكون «تحت الأرض»؟ عزيزي القطار... إذا لم نستطع محاسبة المسؤولين عن المشكلات الظاهرة «فوق الأرض»، فكيف سنحاسبهم على المدفون «تحت الأرض»؟ على رغم أننا في السعودية - يا عزيزي - نعشق «المدفون» عز العشق. [email protected]