شهدت حملة «لا للفقر» التي أطلقتها أول من أمس، كلية العلوم التابعة لجامعة الدمام، انتقادات لجهود مكافحة الفقر في المملكة، تركزت على «غياب» الدراسات والإحصاءات والأرقام، التي تحدد حجم هذه المشكلة، إضافة إلى «نقص» الجمعيات الخيرية التي يصل عددها إلى 700 جمعية، وكذلك «ضعف» الإقبال على المشاركة في العمل التطوعي. وأبدى مدير «منارات العطاء» في المنطقة الشرقية الشيخ سعد المهنا، خلال إطلاق الحملة، التي تقام تفعيلاً ل«اليوم العالمي لمكافحة الفقر»، أسفه «لعدم توافر إحصاءات دقيقة لخط الفقر»، معتبراً ذلك «مشكلة حقيقية، تتطلب تبني استراتيجيات جديدة، للبدء في علاجها، وذلك عبر دراسات وأطروحات علمية، تنطلق من جامعاتنا». وقال: «لتبدأ تلك الدراسات من جامعة الدمام، لأن القضية تتطلب خطوات جادة، وجهوداً مضاعفة»، مؤكداً «ضرورة أن تتضمن الدراسة الأسباب الحقيقية للفقر، ومعرفة خطه في المملكة». وأضاف «بحثت كثيراً عن خط الفقر، ولم أصل إلى نتيجة»، مؤكداً ان الدراسة «ستخدم القطاعات الخيرية». وأشار إلى أن الأزمة المالية كانت لها «تأثيرات على ارتفاع معدلات الفقر في العالم»، لافتاً إلى أهمية «التمييز بين مفهوم الفقير والمحتاج والمسكين، وذلك عبر إجراء بحوث ودراسات دقيقة، بالتعاون مع مراكز البحوث في الجامعات». وذكر المهنا، خلال محاضرة ألقاها، أن «من أصل ستة بلايين نسمة هم سكان العالم، هناك ثلاثة بلايين فقير، ويجب ان نتخلص من هذه الظاهرة، عبر جهود مُكثفة لمكافحتها، بتكاتف الجمعيات الخيرية، وإخراج حصص الزكاة»، مؤكداً «عدم الاستسلام للفقر. وهناك أسر تهجر بلادها، بسببه. وهذا الأمر أصبح يتنامى في العالم الإسلامي»، محذراً من مغبات الفقر وما ينجم عنه من قبيل «الإحجام عن الزواج وزيادة الجرائم بين شرائح المجتمع المختلفة». وقال: «نحاول التصدي لقلة الإمكانات المادية والبشرية؛ لكننا نحتاج إلى جهود مضاعفة من جانب الجمعيات الخيرية». وأضاف ان «تجربتنا لم تحقق سوى 20 في المئة من النتائج المتوخاة في محاربة الظاهرة. والنسبة المتبقية تتطلب جهوداً متضافرة من الجهات المعنية». بدوره، أشار مدير مبرة الإحسان في الخبر عادل المحيسن، إلى قلة أعداد الجمعيات الخيرية في المملكة، التي وصلت إلى 700 جمعية فقط، معتبراً هذا النقص «عاملاً يحول دون مكافحة الفقر». واستشهد بعدد الجمعيات في إسرائيل، التي «تضم 99 ألف جمعية، ومصر 28 ألفاً، وأميركا وحدها يوجد بها أكثر من مليون جمعية، فيما يوجد 94 مليون عضو مسجلين في هذه الجمعيات، أي بنسبة 30 في المئة. فيما يصل عدد سكان المنطقة الشرقية إلى ثلاثة ملايين نسمة، فقط واحد في المئة منهم مُسجلون كأعضاء في الجمعيات». وأكد المحيسن، أهمية العمل التطوعي، و«ترسيخ هذه الثقافة، ونشرها لتكون ثقافة مجتمعية»، معتبراً تعليم أبناء الأسر الفقيرة وتوظيفهم «الطريق الأقصر لمحاربة الفقر». وقال: «قبل عامين، تمكنا من توظيف 670 شاباً عاطلاً عن العمل في شركات عدة، لم يبق منهم سوى 20 موظفاً»، مشيراً إلى ان توظيف الفقراء قد يكون «مجاملة من جانب البعض؛ لكن العلم هو أساس محاربة الفقر. كما أن التأهيل المعنوي يساعد على استمرار الشاب في عمله. ولا بد من ترسيخ مبدأ أن «العمل عبادة». وقال: «إن مفهوم الفقر يدركه الجميع، فهو ليس عيباً، فبعض رجال الأعمال كانوا فقراء، لا يملكون قوت يومهم». وأوضح أن الصندوق الوطني الخيري أصبح يهتم في «تأهيل الشباب، وإعدادهم بتدريبهم، وتسليحهم بالمهارات، بدلاً من الاكتفاء بتقديم الإعانات». وأشار خلال محاضرته، إلى ضرورة «درس أوضاع الأحياء، ورفع مستواها العلمي، للقضاء على الفقر»، مقترحاً أطروحات علمية بعنوان «دور المرأة في معالجة الفقر»، و«دور العمل التطوعي»، و«دراسة المعوقات في معالجة الفقر»، و«دور الشباب في محاربة تلك الظاهرة»، مؤكداً «تحديد أشكال الوقف الإسلامي، وإخراج الزكاة بصورتها الشرعية، وتقديم الصدقات والإعانات في شكل منظم، ومن دون عشوائية». فيما قالت وكيلة عمادة شؤون الطالبات لكليات البنات الدكتورة حصة العتيبي: «إن هذه المحاضرات تأتي تفاعلاً مع اليوم العالمي لمكافحة الفقر، وهي فرصة لتوضيح كل ما يتعلق في الفقر، ومن يعيشه، بتوضيح تعريفه من الجانب الديني»، مضيفة أن «الفقر منتشر في العالم في شكل كبير، وهو أهم ما يؤرق المجتمعات»، مؤكدة ان اهتمام الكلية في مشكلة الفقر يأتي «لتوضيح معناه الحقيقي للطالبات، والتركيز على الفئة التي تعيشه».