نفى مسؤول في حركة «حماس» ما تردد عن أن الوسيط الألماني في صفقة تبادل الأسرى بين الحركة وإسرائيل فورهارد كونوراد زار غزة خلال اليومين الماضيين، وقال ل «الحياة» إن الوسيط الألماني زار غزة قبل أكثر من أسبوعين بعد انقطاع اشهر. ولفت إلى أن قيادات الحركة فوجئت بطلب من الوسيط الألماني للقدوم إلى غزة وعقد لقاءات معها، مشيراً إلى أن الوسيط «تحرك بطلب من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو الذي يريد الإيحاء بأن هناك حراكاً وتقدماً تم إنجازه، لكن في الحقيقة لم يقدم الوسيط الألماني أي اقتراحات جديدة. وأوضح المسؤول: «نتانياهو يستخدم هذا الملف في ضوء تعثر ملف المفاوضات، ونحن لا نريد أن نعطيه هذه الفرصة»، مشككاً في حقيقة نيات الحكومة الإسرائيلية، سواء في عهد نتانياهو أو في عهد سلفه ايهود أولمرت»، وقال: «في كل مرة يتم إنجاز تقدم ما خلال مفاوضات تبادل الأسرى، يتراجع الإسرائيليون الذين وضعوا في السابق فيتو على 149 اسماً، ثم اعترضوا على إطلاق 50 أسيراً». وتابع: «في الجولة الأخيرة للمفاوضات، كنا حققنا تقدماً وعلى وشك إنجاز الصفقة، لكن الإسرائيليين كما عهدناهم، تراجعوا وأصروا على رفض إطلاق 15 أسيراً حددوهم بالاسم، وهم من أصحاب المحكوميات العالية (المؤبدات) الذين تصفهم إسرائيل بأن أياديهم ملطخة بالدماء اليهودية». وقال: «أخبرونا أن هذه الأسماء غير خاضعة للتفاوض أساساً»، رافضين حتى طرح مجرد إطلاقهم لإبعادهم إلى غزة أو الى أي مكان آخر. وذكر المسؤول أسماء بعضهم، وعلى رأسهم القياديين العسكريين في الحركة عبدالله البرغوثي وعباس السيد وإبراهيم حامد وحسن سلامة، وكذلك القيادي البارز في حركة «فتح» مروان البرغوثي والأمين العام ل «الجبهة الشعبية» أحمد سعدات وأحلام التميمي، لافتاً إلى أن القيادي البارز في «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس» أحمد الجعبري الذي له كلمته في هذه الصفقة قال إن «أي صفقة لا تتضمن إطلاق هذه الأسماء لا لزوم لها لأن أصحاب هذه الأسماء محكومياتهم عالية ولا يوجد أمل في إطلاقهم إلا عبر صفقة تبادل أسرى مثل هذه». وكشف أن الوسيط الألماني زار القيادي في «حماس» الشيخ حسن يوسف في سجن إسرائيلي «لأن لحماس في السجون كلمتها مثلما حماس في الداخل وفي الخارج، لكنهم جميعاً متمسكون بموقف موحد إزاء إبرام هذه الصفقة». في غضون ذلك، قال عضو المكتب السياسي في «حماس» القيادي خليل الحية ل «الحياة» إن الوسيط الألماني لم يحمل مقترحات جديدة، رافضاً الخوض في تفاصيل زيارته غزة، موضحاً: «تناول هذه الزيارة طالما لم يتم تحقيق تقدم ولا تحمل في طياتها الكثير، أمر سينعكس سلباً على الصعيد الإنساني والاجتماعي وسيترك آثاراً سلبية على السجناء الأسرى وعلى عوائلهم». وعلى صعيد المصالحة الوطنية، قال: «آمل في إنهاء الانقسام وأن تنجح جهود المصالحة، وحماس بجميع أطيافها تسعى من أجل إنجاز هذا المشروع الوطني ليتوج باسترداد اللحمة الفلسطينية»، رافضاً ما يتردد عن أن الجناح العسكري في الحركة متشدد إزاء المصالحة، وقال: «ما لا يعلمه الكثيرون أن الجناح العسكري في حماس هو الأكثر مرونة وأنه يتطلع إلى إنهاء الانقسام في أقرب وقت». تحفظات «فتح» على الورقة المصرية في السياق ذاته، قال عضو في اللجنة المركزية لحركة «فتح» طلب عدم ذكر اسمه، إن «الاشكالية في معالجة الملف الأمني هي في كيفية تطبيقه على الأرض». وأضاف أن الأجندة المقترحة للبحث في جلسة الحوار المقبلة «يُفترض أن تبحث في قضايا تتعلق بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وهل سيتم حلها أم إعادة بنائها فقط، وهل سيتضمن ذلك غزة والضفة معاً (...) بالإضافة إلى التهدئة ومسألة السلاح ومن يحق له حيازته». وكشف أن «فتح» ستتناول تحفظاتها على الورقة المصرية، وقال: «نحن أيضاً لنا تحفظاتنا وليس فقط حماس، لكننا تجاوزناها إعلاء للمصالحة العليا ووقعنا من أجل إنجاز المصالحة (...) لكن ما دام تم إجراء حوار في شأن تحفظات حماس، نحن نريد أيضاً أن نبحث في النقاط التي نتحفظ حولها»، مشيراً إلى قضيتي استيعاب الكوادر الأمنية في الملف الأمني والهيئة القيادية في ملف منظمة التحرير. وقال ل «الحياة» إن الحركة أبلغت قيادة «حماس» باستعدادها لاستئناف الحوار وعقد الجلسة الثانية، على أن تكون في أي مكان تختاره «حماس» باستثناء دمشق. وقال القيادي: «أبلغناهم بأنه إذا قررت قيادة حماس عقد جلسة الحوار خارج دمشق، فسنحضرها»، لكنه لفت إلى أن «حماس» لم تتجاوب مع هذا المطلب، وقال: «يبدو أنهم مصرون على أن يكون مكان عقد الحوار في دمشق ... فهم يعتبرون أن طلب فتح تغيير المكان على خلفية الخلاف الذي جرى بين كل من الرئيس محمود عباس والرئيس بشار الأسد في قمة سرت، أمور شكلية». وأعرب عن تشاؤمه وسط هذه الأجواء من احتمال النجاح في عقد جلسة الحوار المقبلة، وقال: «إن تم الإعلان عن التأجيل، فإن ذلك سيحبط الشارع الفلسطيني الذي يتطلع إلى المصالحة». واستغرب مطالبة الرئيس الفلسطيني بتغيير مكان عقد الحوار، وقال: «من متى والعلاقات جيدة بين أبو مازن والأسد؟ (...) منذ فترة غير قصيرة والأجواء غير صافية بينهما، لذلك فالمبرر وراء طلب تغيير مكان الحوار ليس كافياً، خصوصاً في هذه الظروف الحرجة التي تتعرض لها الساحة الفلسطينية من أزمة وانسداد في العملية السياسية». وأعرب عن أمله في أن تتخذ السلطة «خطوات لبناء ثقة على الأرض، مثل وقف الاعتقالات وعدم القيام بردود فعل على ما تقوم به حماس تجاه كوادر فتح من تضييق في غزة». وقال: «يجب أن يقوم طرف ما بمبادرة تعكس حسن النيات والرغبة في المصالحة».