تحت شجرة نخيل وحيدة في حي بيدرا دو سال في ريو دي جانيرو، في المكان نفسه الذي ولدت السامبا رسمياً قبل قرن من الزمن، يجتمع الشباب للاستماع إلى مقطوعات دخلت تاريخ هذا النوع الموسيقي دائماً، إلا أن اجتماعاتهم تختلف هذا الشهر لمصادفته للذكرى المئوية الأولى لهذا الفن. وفي وسط الجموع يجلس سبعة موسيقيين شباب حول طاولة ويعزفون على الكافاكينيو الذي يشبه الغيتار الصغير، والكويكا الأشبه بالطبلة والطبلة العادية، كما كان يفعل العبيد ذوي البشرة الغامقة الآتون من شمال شرق البلاد للعمل على أرصفة ميناء ريو في القرن التاسع عشر بطريقة سرية. ويوضح والمير أن السامبا في هذا الحي تجذرت ثقافة باهيا (شمال شرقي)، وأقيمت الممارسات الثقافية الأولى للعبيد، لذا تعتبر بيدرا دو سال مهداً للسامبا في ريو. وأهملت السلطات البرازيلية الحي الذي ولدت فيه السامبا المعروف باسم بيدرا دو سال في ريو دي جانيرو على مدى سنوات، لكن في العام 2006 قرر هذا الموسيقي إقامة «رودا دي سامبا» (حلقة السامبا) كل مساء اثنين، فاستعادت هذه الموسيقى مهدها في المكان الذي كان العبيد يفرغون فيه أكياس الملح. وفي هذا المكان الشهير والمجاني الذي يزداد إقبال السياح عليه، ولدت في العام 2012 فرقة «موسا بروزا» (فتاة فخورة) لتكون فرقة السامبا الوحيدة المؤلفة من النساء، في عالم لا زال يهيمن عليه العازفون الرجال. وتقول مغنية الفرقة فابيولا ماتشادو البالغة من العمر 35 عاماً أن الجميع كان يشكك في قدراتهم كنساء على العزف، إلا أنهن أثبتن أن لديهن القدرة على العزف مثل الرجال. ومنذ تدوين أغنية «بيلو تيليفيونه» (عبر الهاتف) للمرة الأولى، على أنها من نوع «سامبا» قبل 100 عام، انتقل هذا النسق الموسيقي من الأنغام المتأثرة بالتانغو الأرجنتيني إلى التأثر بطابع أميركي أكثر مع البوسا نوفا أو ما يعرف بأنغام الجاز، مروراً بفورة مدارس السامبا والكرنفال وصولاً إلى سامبا-فانك. وفي إطار هذا النوع الموسيقي الدائم التطور، ظهر جيل جديد من عازفو السامبا، أو «السامبيستا»، في ريو دي جانيرو في نهاية التسعينات بفضل انتعاش حي لابا البوهيمي في وسط المدينة. وجذبت حانات مثل «كاريوكا دي جيما» و «ريو سيناريوم» موجة جديدة من «السامبيستا» الأكثر تمريناً ومهنية لاعتيادهم على «حلقات السامبا» ومن بينهم مويسيس ماركيس وتيريزا كريستينا وماريين دي كاسترو ونيلزه كارفاليو وأبناء فنانين معروفين مثل سيرجينيو بوركوبيو. ويؤكد مويسيس ماركيس البالغ من العمر 37 عاماً في الوقت الذي تحتفل فيه البرازيل في كانون الاول (ديسمبر) الجاري بمئوية السامبا، أن جيله يدرك أن السامبا هي كل شيء. وأنهم لا يترددون في إضافة الغيتار أو البيانو إليها». ويضيف أن ثمة مواضيع عامة لطالما طغت على هذه الموسيقى الحماسية فيما تكيفت كلماتها مع تطورات العصر. ويؤكد المؤرخ أندريه دينيز، أن السامبا حية وقوية ومبدعة، لكنها لم تعد موسيقى الجموع، فجمهورها بات أكثر ثقافة وينتمي إلى الطبقة الوسطى. إلا أن السامبا النسائية والرجالية لا تزال تجمع بين القديم والجديد، فخلال حفلة أخيرة للمؤلف الشهير باولينيو دا فيولا جمعت ابنته بياتريز رابيلو على المسرح والدها البالغ 74 عاماً ومويسيس ماركيس لتقديم أسطوانته الجديدة. وكان بين الحضور اسمان بارزان جداً في أوساط السامبا، هما موناركو المؤلف الموسيقي البالغ 84 عاماً من مدرسة بورتيلا للسامبا، ونلسون سارجينتو البالغ 92 عاماً من مدرسة مانغيرا.