دفعت الظروف وتكاليف الحياة، الكثير من المتقاعدين إلى البحث عن عمل، على رغم بلوغهم سن التقاعد. وتتزايد العودة إلى الوظيفة بين موظفي القطاع الحكومي ممن تصل رواتبهم بعد التقاعد إلى 4 آلاف ريال. فيما يتقاضى 20 في المئة من المتقاعدين رواتب لا تتجاوز ألفي ريال، بحسب إحصاء أعدته «جمعية المتقاعدين». فيما قدرت المؤسسة العامة للتقاعد، عدد المتقاعدين بنحو 570 ألف متقاعد. واضطر الكثير من المتقاعدين إلى البحث عن عمل، ولو براتب «ضئيل» للتغلب على «تكاليف الحياة»، بعد أن واجهوا مشكلات عدة في تلبية حاجات أسرهم ومتطلباتها، إذ لم يعد الراتب التقاعدي يساعد على تلبيتها. ويعمل المتقاعدون لدى جهات عمل لا تلحقهم بنظام «التأمينات الاجتماعية»، ما يتيح لهم الحصول على رواتبهم التقاعدية، إضافة إلى الرواتب التي يحصلون عليها من جهات عملهم الجديدة. وأكد عدد من المتقاعدين ل «الحياة»، أن البحث عن عمل لم يكن ضمن خططهم المستقبلية بعد التقاعد. وتقاعد ناصر حسن، الذي كان أحد موظفي القطاع الخاص، بعد أن أكمل السن القانونية ببلوغه ال60، إلا أنه بعد مرور 6 أشهر على تقاعده، شعر بضرورة البحث عن عمل مجدداً، وعزا ذلك إلى سببين رئيسين هما: «الفراغ الكبير» الذي بدأ يشعر به، حيث اكتشف أنه لا يمكنه التعايش مع حياة التقاعد، وبخاصة أنه اعتاد العمل لأكثر من 35 عاماً. فيما أصبحت ساعات اليوم «طويلة»، بخلاف ما كان عليه أثناء عمله في السابق، إضافة إلى «الكلفة الباهظة»، التي دفعته للبحث مجدداً عن عمل، وبخاصة أن راتبه التقاعدي «لم يعد يغطي متطلبات الحياة بحسب قوله، نظراً لأنه تم استقطاع الكثير من البدلات التي كان يحصل عليها بعد فترة عمله. وقال إبراهيم البراهيم، وهو موظف متقاعد من القطاع الحكومي: «لم أكن أتوقع أن تتغير حياتي 180 درجة بهذا الشكل بعد التقاعد، لأني كنت أعتقد أني بعد التقاعد سأرتاح من عناء العمل والتعب طوال 30 عاماً، هي مدة خدمتي في القطاع الحكومي، لكن ظروف الحياة وغلاء المعيشة والفراغ دفعني للبحث عن عمل في الشركات التي توظف المتقاعدين، على رغم رواتبها قليلة لا تتجاوز 3 آلاف ريال، وليس لديها أي مميزات صحية، إلا أن الوضع الراهن أجبرني على البحث عن وظيفة، للتغلب على هذه الظروف الصعبة». و وجد محمد ناصر (متقاعد من القطاع العسكري) ضالته في شركات الحراسات الأمنية التي وفرت له وظيفة براتب 3 آلاف ريال. وذكر أنه لم يجد وظيفة أخرى تناسبه، مشيراً إلى أن هذه الوظيفة ساعدته في «التغلب على صعوبات الحياة التي واجهتها منذ أن تقاعدت من العمل». بيد أن هذه الوظيفة أسهمت في شكل كبير في تغيير حياته بشكل كبير، وبخاصة الفراغ الذي بدأ يعانيه. وأشارت شريحة كبيرة من المتقاعدين من القطاعات الحكومية المدنية والعسكرية، إلى المشكلات التي يواجهونها في حال طلب قرض من المصارف، أو شراء سيارة جديدة من وكالات السيارات، وكذلك استئجار شقة أو منزل، إذ إنه يواجههم عائق «الراتب التقاعدي»، الذي ترفضه جميع هذه الجهات بحجة أنه «لا يمكن الاستقطاع الشهري منه، بحسب اللوائح وأنظمة مؤسسة النقد السعودي». بدورها، أوضحت عضو جمعية المتقاعدين حنان الدهام، في تصريح ل»الحياة»، أن «نسبة كبيرة من المتقاعدين يبدؤون في رحلة البحث عن عمل بعد سن التقاعد، وبخاصة المتقاعدون من القطاع الحكومي، نظراً لتدني رواتبهم، وكذلك وقت الفراغ الكبير الذي قد يخلق مشكلات أسرية، تسببت في كثير من الأحيان في الانفصال»، مشيرة إلى أن الكثير منهم يتقاضون «رواتب متدنية في أي شركة يلتحقون بها، ولكنها تساعدهم على سد حاجاتهم ومتطلباتهم الأسرية». وكشفت الدهام، عن أن إحدى الشركات الخاصة في منطقة الرياض، اتصلت بها خلال الفترة الماضية، وأخبرتها أنها تبحث عن 1500 موظف متقاعد لشغل وظائف مختلفة في الشركة، لافتة إلى أنه «لا يوجد في النظام ما يمنع من توظيف المتقاعد، وأن هذا أحد المحاور التي تعمل عليها الجمعية حالياً، من خلال إيجاد وظائف للمتقاعدين، لتحسين دخلهم الشهري»، مؤكدة أن الكثير من المتقاعدين من القطاع الحكومي «يواجهون صعوبات عدة بعد التقاعد، لذلك يتجه الكثير منهم للبحث عن عمل أخر، يسد حاجتهم، ويقتل وقت فراغهم» على حد قولها.