تسعى سوق المال التونسية إلى اجتذاب 20 في المئة من الإستثمار المحلي الخاص، وتعمل على استكمال تسجيل 8 شركات جديدة قبل نهاية السنة الحالية، من بينها شركات تأمين ومصارف تجارية محلية. واعتبر المدير العام للسوق محمد بشيو، أنها استطاعت الصمود إجمالاً في وجه تداعيات أزمة الاقتصاد العالمية على الاقتصاد المحلي خلال العامين الماضيين، بل حافظت على نسق نمو متصاعد للتعاملات، مساوٍ للمتوسط الذي حققته في السنوات الخمس الماضية. ووفقاً لخطة أعلنتها الحكومة العام الماضي يُتوقع تسجيل 30 منشأة عمومية في السوق المالية على مدى السنوات الأربع المقبلة. وتنتقل مكاتب السوق إلى مبنى جديد في ضاحية البحيرة من أجل إنشاء أقسام جديدة من بينها قسم تجاري يرمي إلى حفز التوفير طويل الأمد وتأمين مصادر التمويل اللازمة للاستثمار الخاص وتشجيع المؤسسات الإقتصادية المحلية على التسجيل في السوق لإعطاء دفعة للاستثمار. وأعلن بشيو في لقاء مع الصحافيين أمس أن السوق ستفتح قسماً جديداً خاصاً باعتماد مؤسسات أجنبية غير مقيمة في لائحتها. وأظهرت إحصاءات رسمية أن سوق تونس المالية حققت أواخر السنة الماضية أرفع مؤشر لها منذ عشر سنوات، إذ وصل إلى 48 في المئة، فيما ظلت أسواق مالية في المنطقة تعاني من الركود. تراجع المساهمات الأجنبية وأكد متعاملون ل «الحياة» إن المساهمات الأجنبية في الشركات المسجلة في السوق تراجعت في القطاعات كلها باستثناء قطاع المواد الأساسية. وعزوا التراجع إلى أزمة صناديق الاستثمار في العالم. وقُدرت الحصص التي اشتراها أجانب خلال الشهور الثمانية الأولى من السنة الحالية ب104 ملايين دينار (280 مليون دولار)، في مقابل 255 مليوناً (215 مليون دولار)، في الفترة ذاتها من العام الماضي. واستقرت المساهمة الأجنبية في رسملة السوق في حدود 20 في المئة في مقابل 21.92 نهاية 2009. وأظهرت إحصاءات السوق أن الأجانب يملكون مساهمات بنسبة 37 في المئة في قطاع مواد الاستهلاك و30 في المئة في قطاع المواد الأساسية و30 في القطاع المالي وأقل من 10 في المئة في القطاعات الأخرى. وأكدت الإحصاءات تسجيل تراجع في مساهمات الأجانب في الشركات المسجلة في البورصة، بخاصة في قطاعي الصناعة والاتصالات بأكثر من 10 نقاط. وتقهقرت المساهمات في القطاع الصناعي من 26,5 في المئة في 2008 إلى 6,4 في المئة في 2009 ومن 21,1 إلى 7 في المئة في قطاع الاتصالات أواخر 2009. ست شركات وأظهرت الإحصاءات أن 6 شركات فقط من أصل 52 مسجلة تجاوزت مساهمة الأجانب في رأس مالها 50 في المئة، يتقدمها مصرف «البنك العربي لتونس» التابع لمجموعة «البنك العربي» (64.6 في المئة) و «إرليكيد» تونس التابعة للمجموعة الفرنسية (59,3) و «البنك التجاري» التابع لمجموعة «بنك الوفاء» المغربية (54,6) ومصرفان تابعان لمجموعتين فرنسيتين وشركة صناعية. وعزا الخبير المالي طاهر الميلي تراجع مساهمات الأجانب في أسهم الشركات المسجلة في بورصة تونس، إلى تأثر صناديق الاستثمار العالمية بأزمات أسواق المال بخاصةٍ أزمة الدين اليونانية. وأشار إلى أن مصارف محلية تسرعت بالإعلان عن فوائدها الصافية خوفاً من تراجع قيمة أسهمها في سوق الأوراق المالية، التي عرفت منذ ظهور أزمة المال العالم مراوحة نسبية. واعتبر أن تداعيات الأزمة لعبت دوراً مهماً في تراجع المساهمات الأجنبية، بخاصة بعدما تحولت من اقتصادية الى مالية. وأكد أن الإنعكاسات السلبية للأزمة شملت أيضاً مؤسسات تونسية تصدّر نحو أوروبا، لركود السوق الاستهلاكية وتراجع سعر العملة الأوروبية وتدني مستوى النمو في تلك البلدان. يُذكر أن تونس امتنعت من الخروج إلى السوق المالية العالمية خلال عامي 2008 و2009، بناء على توجيهات من المصرف المركزي، واقتصرت الحكومة على تعبئة الموارد الضرورية لموازنة الدولة، وفي شكل استثنائي على السوق المحلية، ما جعل بورصة تونس في منأى عن الهزات التي أثرت في غالبية بورصات العالم.