صوت صباح هل يجسّده صوت كارول سماحة؟

منذ أعوام يدور كلام حول تحويل حياة الفنانة صباح الى مسلسل تلفزيوني، أُسوةً بمجموعة من الفنانين الكبار الذين استعاد جمهور التلفزيون العربي وقائع حقيقية من حياتهم الشخصية والفنية. وبعض تلك المسلسلات كانت كلفته الإنتاجية قياسية. ولعلّ معظم الممثلات والممثلين الذين لعبوا أدوار أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وأسمهان وسعاد حسني وسواهم كانوا على جودة في ما قدّموا أدائياً.
لذلك كان من الضروري لمسلسل عن حياة صباح أن يختار ممثلة قادرة على تجسيد شخصية هذه الفنانة الكبيرة في تقلبات ظروفها، ووقائع أيامها الكثيفة في إيحاءاتها، فكانت الفنانة كارول سماحة كممثلة، ولكن كان أيضاً من المفترض اختيار صوت يتواءم مع صوت صباح، فهل صوت سماحة يفيد في هذا الاتجاه؟
طبعاً، لا نناقش هنا صوت صباح، في مقابل صوت كارول سماحة. فلكلّ صوت من الاثنين حجمه وإمكاناته وأسلوبه، ولكل صوت خبرته و «ثقافته» أيضاً. خبرة صوت صباح شرقية أساساً، أما خبرة صوت كارول فغربية من دون إسقاط حضورها في الأداء الشرقي. وفي معنى أوضح، إن صوت صباح ذو منبع فولكلوري بلدي أي «ليريك» بالمعنى التقني لأصول الغناء. أما صوت كارول سماحة فذو منابع «درامية». وهناك اختلاف جدي بين تقنيات هذين النوعين من الأصوات. وإذا كان من نافل القول، أن كارول قادرة على «التمثيل» بما لديها من الموهبة الساطعة في شكل قد يجعل المسلسل ناجحاً كعمل تمثيلي، فان الاختلاف بين طبيعة الصوتين قد يثير نقاشاً لا يتوقعه أحد من القائمين على المسلسل ربما، حول أغاني صباح المعروفة التي ستنشدها كارول وما إذا كان الأداء، أو بالتحديد، نوعيّة صوت كارول وهويته وملامح شخصيته سوف تبقي الأغاني في «مكانها» الأدائي أم ستنقلها الى «مكان» أدائي آخر؟
في مسلسل «أم كلثوم» مثلاً تمت الاستعانة بمغنيات شابات لتغطية المرحلة أو المراحل الأولى من «وقائع» صوت أم كلثوم، قبل أن يتم الاعتماد على صوت أم كلثوم نفسه في مراحل لاحقة... فإذا كان الأمر نفسه سيحصل في مسلسل «صباح» بمعنى أن تتم الاستعانة بأصوات شبيهة بصوتها لتغطية المراحل القديمة، ثم يتم الاعتماد بعد ذلك على صوت صباح نفسه في مراحل لاحقة، من دون أن تؤدي كارول أي أغنية، فإن المسلسل قد يَعْبُر بأمان الى الجمهور العربي، أما إذا كان من المقرّر أن تنشد كارول بعض أغاني صباح فإن المستمع لا بد من أن «ينتبه» بوضوح الى الفوارق، وهذا لن يكون في مصلحة المسلسل، لا بل سوف يؤثر على المشاهد. فما دامت صباح هي «البطل الأساسي في المسلسل»، فمعنى ذلك أن يسمع الجمهور صوتاً مماثلاً لصوتها أو حتى نسخة طبق الأصل، لتأكيد الأصل، أما إذا كان الصوت سيبدو مختلفاً في شكل عميق، وكأنه صوت آخر غير صوت صباح بالكامل، فثمّة خلل ما سيحدث تماماً.
غالب الظنّ أن اختيار كارول سماحة لتلعب بطولة مسلسل عن حياة صباح، حصل بسبب قوة أدائها كممثلة، لا بسبب صوتها، ولا حتى بسبب شكلها. فهل ننسى أن مسلسل «أم كلثوم» جعل بطلته صابرين في الشكل مثل أم كلثوم. وكذلك فعل مسلسل عبد الحليم حافظ مع بطله، ومسلسل «أسمهان» مع بطلته... فكيف سيتم تحويل شكل كارول سماحة الى شكل.. صباح؟ وطبيعة وجه كل منهما، وطبيعة جسم كل منهما، وطبيعة ملامح التعبير لدى كليهما، متناقضة مع الأخرى؟
مخاض عسير جرى من أجل إيجاد بطلة مناسبة لمسلسل يروي حياة صباح، حتى وقع الاختيار على كارول سماحة. والأسئلة تطرح نفسها: ماذا عن الصوت؟ ماذا عن الوجه؟ ماذا عن الشكل؟ والسؤال الأكبر هو: هل سيروي المسلسل «بصدق» حياة صباح التي لا تُصدَّق وهي معروفة كفنانة بأنها لا تخشى شيئاً من الذكريات... أم سيدخل المقص ل «يُقصقص» كما فعل مع المسلسلات الأخرى المشابهة. هنا التحدِّي.