لم يستطع الإعلان في بعض الصحف أن يطور نفسه ولم يجد من يطوره، وإذا كان قسم الإعلان في الوسيلة الإعلامية مستقلاً عن التحرير فإن المرجعية واحدة. بقي الإعلان تحت رحمة المندوب أو المعلن، يكتبه كيفما شاء، وكلما كان الإعلان صغيراً اضطر صاحبه لحشر أبرز طعم للقارئ، غير عابئ بالآثار الجانبية، والوسيلة صحيفة ورقية أو الكترونية تنشر من دون تدقيق في المضامين. أبرز صديق من رجال الحقوق نماذج من إعلانات في الصحف «للتنازل خادمات»، «للتنازل سائقين من المريخ وطباخة من زحل»، أشار الرجل بامتعاض إلى هذه الأساليب في نقل الخدمات والإعلان عنها، وكيف يمكن لمن أراد أن يضعها في دائرة الاتجار في البشر، ولذلك تبعات معروفة. والرجل معه كل الحق، الفشل في تصحيح أسلوب إعلاني قديم عفى عليه الزمن يقع على عاتق إدارة التحرير، ان جلب الإعلان مهم وطريقة عرضه أكثر أهمية. أساليب العرض واحتمالات فهمها بشكل خاطئ، واستغلال بساطة قارئ والتغرير به... حقيقة واقعة. الطريف أن الصحيفة - أي صحيفة - تجمع مع مثل هذه الإعلانات آراء كتاب وكاتبات وافتتاحيات ينشر فيها غالباً ما يعارض هذا التوجه وربما ينتقده وإن بصورة غير مباشرة، هذه الازدواجية متوفرة في صحافتنا، وزاد الطين بلة تنامي هذه الإعلانات في المواقع الالكترونية للصحف، ومن المعلوم ان الكاتب والكاتبة لا دور لهم سوى في حيز مساحة المقال...إذا سلم من الرقيب!. يضاف إلى إعلانات الاتجار بالبشر، أخرى لا تشير إلى مصدرها سوى برقم فاكس أو بريد الكتروني، إعلانات كثيرة تطلب معلومات شخصية ممن يتقدم لها، امكن هذا من التغرير بالكثير. ألا تستطيع الصحف أن تغير هذا الواقع أم إن ذلك يستلزم أمراً من وزارة الإعلام. الحقيقة أن الأخيرة عجزت عن فعل شيء بخصوص صدقية الإعلانات ونظافتها من كل ما يشير إلى إهانة أو تعد، ربما هي لم تهتم أو اكتفت بالتعاميم. ولو صدر تقرير يتهم المجتمع بالاتجار بالبشر لقامت قيامة صحف وبدأت بافتتاحيات تستهل بالتأكيد على أن الإسلام والشريعة لا تسمح بها، وهذا صحيح، لكن ماذا عن ممارسات إعلانية مثل تلك. يمثل هذا النموذج ازدواجية تعيشها صحافتنا، من الواجب عليها وهي واجهة البلاد – كما يقولون - أن تبدأ في تصحيحها. الإعلان سيأتي لكن بصورة أنصع وأكثر... تحضراً. www.asuwayed.com