وطن أخضر    ستة مليارات ريال حجم الاستثمار في قطاع الرقابة البيئية عام 2030    من الدكاكين إلى التسوق الإلكتروني    الحياة في السودان مؤلمة وصادمة    رئيس المجلس العسكري في تشاد محمد إدريس ديبي إتنو يفوز بالانتخابات الرئاسية    القنابل الأميركية تقتل الفلسطينيين    أولمبياكوس يهزم أستون فيلا ويبلغ نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    أتلانتا يضرب مرسيليا بثلاثية قاسية ويتأهل لنهائي الدوري الأوروبي    ليفركوزن يسقط روما ويتأهل لنهائي الدوري الأوروبي    أمانة الطائف تسجل لملّاك المباني بالطرق المستهدفة لإصدار شهادة "امتثال"    أمير منطقة جازان يلتقي عدداً من ملاك الإبل من مختلف مناطق المملكة ويطّلع على الجهود المبذولة للتعريف بالإبل    شوارع الرياض.. روافد تنموية لنقلات حضارية    عثمان التركي.. الكريم الجواد    رئيس جامعة جازان المكلف ⁧يستقبل مدير عام الإفتاء بالمنطقة    أسماء القصيّر.. رحلة من التميز في العلاج النفسي    كيف نتصرف بإيجابية وقت الأزمة؟    النصر يتغلب على الأخدود بثلاثية ويحكم القبضة على الوصافة    الفتح يتعادل مع الفيحاء بهدفين في دوري روشن    مكان يسمح فيه باقتراف كل الجرائم    بلدية صبيا تنفذ مبادرة لرصد التشوهات البصرية    قُمري شلّ ولدنا    حقوق الإنسان في القاموس الأمريكي    تجنب قضايا المقاولات    بدر الشعر العربي لن ينطفئ    رسالة من أستاذي الشريف فؤاد عنقاوي    شركة ملاهي توقّع اتفاقية تعاون مع روشن العقارية ضمن المعرض السعودي للترفيه والتسلية    دلعيه عشان يدلعك !    وزير النقل: 500 ريال قيمة التذكرة بين الرياض وجدة.. ولا نتدخل في أسعار «الدولية»    للرأي مكانة    تدشين مشروعات تنموية بالمجمعة    ضبط درجات الحرارة في المسجد الحرام وفق آليات عمل متطورة صيفاً وشتاءً    "تاسي" ينهي تداولات الأسبوع على تراجع 1.4%    "الأرصاد" يتوقع صيفاً شديد الحرارة وأمطاراً غزيرة    الملك وولي العهد يعزيان رئيس الإمارات في وفاة هزاع بن سلطان بن زايد آل نهيان    مستشار أمير منطقة مكة يرأس الأجتماع الدوري لمحافظي المنطقة    الأمير محمد بن ناصر يكرم 20 متميزًا ومتميزة من تعليم جازان في مبادرة "منافس"2023م    تحت رعاية أمير تبوك يطلق شارة البدء لِ رالي تبوك تويوتا ٢٠٢٤    أمير الرياض يرعى حفل تخريج الدفعة ال 15 من طلاب جامعة المجمعة    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من تركيا متجهة إلى المملكة    جوازات مطار المدينة المنورة تستقبل أولى رحلات ضيوف الرحمن القادمين من تركيا لأداء مناسك حج 1445ه    دله البركة توقع عقد إنشاء شركة مع يوروبا بارك لتنمية قطاع الترفيه في المملكة    الجمعية السعودية لطب الأسرة تطلق ندوة "نحو حج صحي وآمن"    نائب أمير عسير يتوّج فريق الدفاع المدني بكأس بطولة أجاوييد 2    مفتي عام المملكة يستقبل نائب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تطلق بوابة القبول الإلكترونية للعام الجامعي القادم    المملكة تدين الاعتداء السافر من قبل مستوطنين إسرائيليين على مقر وكالة (الأونروا) في القدس المحتلة    توقع بهطول أمطار رعدية    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ويتأهل إلى نهائي "الأبطال"    منها الطبيب والإعلامي والمعلم .. وظائف تحميك من الخرف !    القيادة تعزي رئيس البرازيل    فهيم يحتفل بزواج عبدالله    سعود بن جلوي يرعى حفل تخريج 470 من طلبة البكالوريوس والماجستير من كلية جدة العالمية الأهلية    يسرق من حساب خطيبته لشراء خاتم الزفاف    روح المدينة    خلال المعرض الدولي للاختراعات في جنيف.. الطالب عبدالعزيزالحربي يحصد ذهبية تبريد بطاريات الليثيوم    دجاجة «مدللة» تعيش حياة المرفهين    " الحمض" يكشف جريمة قتل بعد 6 عقود    لقاح لفيروسات" كورونا" غير المكتشفة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تركيا جادة في تجنيس اللاجئين السوريين؟
نشر في الحياة يوم 06 - 07 - 2016

لم يحلم السوريون، قبل الثورة، بأن يحصلوا على الجنسية التركية أو أي جنسية أخرى، سوى قلة قليلة منهم، لكن، بعد أن هُجّر وتشرد الملايين منهم، وجابوا مختلف أصقاع الأرض، بات الحصول على جنسية أخرى حلماً يراود معظمهم.
وفي تركيا، يعيش حوالى 2.7 مليون سوري، يطلق عليهم اسم «لاجئين» مجازاً، لأن قوانين تركيا لا تسمح بتصنيفهم كلاجئين، وفق الاتفاقية التي وقعتها مع الأمم المتحدة عام 1951، حيث استحدثت الحكومة التركية قانون «الحماية الموقتة»، التي تتضمن الإقامة غير المحدودة والحماية من الإعادة القسرية، وتوفير خدمات الاستقبال، ومعالجة الاحتياجات الأساسية الفورية. وحتى اليوم، يتم تقديم المساعدات للسوريين في شكل منتظم داخل المخيمات. أما بالنسبة لمن هم خارج المخيمات، فتقدم المساعدة على أُسس خاصة، باستثناء الحصول على الرعاية الصحية والطبية العامة، والتي فتحت أمام جميع السوريين في تركيا. ويشمل نظام الحماية الموقتة جميع اللاجئين، بمن فيهم أولئك الذين لا يملكون وثائق تعريف شخصية (هوية، جواز سفر). كما يشمل أيضاً الفلسطينيين الأشخاص من دون جنسية القادمين من سورية.
ويعاني القسم الأعظم من السوريين في تركيا، سواء اللاجئين داخل المخيمات أم الذين يمارسون أعمالاً خارجها، من تبعات الهجرة القسرية، ومن صعوبات معيشية، تتصل بالعمل والإقامة والاندماج، على رغم أن أوضاعهم في تركيا أفضل بكثير من أوضاع أمثالهم في البلدان العربية، خصوصاً لبنان والأردن ومصر.
وجاء تصريح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خلال مأدبة إفطار أقيمت في الثاني من تموز (يوليو) الجاري، بولاية كليس الحدودية مع سورية، بمشاركة أسر شهداء أتراك وعائلات سورية لاجئة، كي يثير آمالاً وأشجاناً لدى غالبية السوريين في تركيا، خصوصاً أن «وزارة الداخلية اتخذت خطوات جديدة من شأنها تسهيل منح الجنسية التركية للسوريين الراغبين بها».
وأثارت التصريحات ردود فعل متباينة في الشارع التركي، حيث أطلق مغردون أتراك، هاشتاغ: «لا نريد السوريين في بلدنا»، على تويتر، فيما غرد آخرون هاشتاغ: «من يقول لا نريد السوريين من الطائفيين، فلنرسلهم إلى الأسد، وليبقى السوريون هنا، ونربح الإنسانية».
وحديث تجنيس السوريين في تركيا، ليس جديداً، بل يعود إلى أكثر من ثلاث سنوات، وشكل مادة للتجاذب السياسي ما بين الحكومة وأحزاب المعارضة، فيما غاب الملف عن أروقة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، على رغم أنه كان يطمح، ويطالب، في يوم ما بأن يكون الممثل الشرعي الوحيد للسوريين.
غير أن تصريح أردوغان حول تسهيل منح الجنسية التركية للسوريين الراغبين بها، اقترن بتأكيده أن الموقف التركي «لن يتغير تجاه الملف السوري، ولا يمكن القبول بحكمٍ ظالم يمارس إرهاب الدولة، وتجاوزت ممارساته الإرهابية ممارسات تنظيمات حزب الاتحاد الديموقراطي السوري «ب ي د»، وحزب العمال الكردستاني «ي ب ك»، وتنظيم الدولة «داعش».
منح الجنسية للسوريين في تركيا، «يمكن أن يفهم كإجراء لتسهيل حياة السوريين المشردين والتخفيف من عذاباتهم»، وفق ما تقول نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض، سميرة مسالمة، التي شكرت الحكومة التركية على ذلك، لكنها ترى أن هذا «لا يعني تخلي السوريين عن هويتهم ومواطنتهم السورية، التي نعتز بها وثار المواطنون على النظام من أجلها»، بل هي «مجرد إجراء لمن يرغب، ولا تعفي تركيا من استمرار التعاون والضغط مع المجتمع الدولي للوصول إلى حل سياسي، وتشكيل هيئة حكم انتقالي تمكن البلاد من تحقيق ما عزم عليه السوريون، من بناء دولتهم المدنية الديموقراطية، التي تتساوى فيها حقوق المواطنين جميعاً». في حين اعتبر عضو الائتلاف، سمير نشار، أن «المصالحة والتطبيع مع كل من إسرائيل وروسيا الاتحادية، تركت ظلالاً، وأسئلة حول ما بعد الاستدارة، وإلى أين ستصل، لذلك جدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تأكيده أن الأسد هو الإرهابي الأول وعليه الرحيل»، لكن الاستدارة التركية نحو روسيا، تنقلها إلى مستوى جديد، وتقتضي تغييراً في الخطاب التركي، لكن الأمر لن يصل إلى حدّ اتخاذ تركيا مواقف من النظام السوري مناقضة لموقفها المعروف». واعتبر أن تسهيل منح الجنسية للسوريين الراغبين بها، «يزيل الهواجس لدى السوريين»، وإن تحقق فهو «سيخلق توازناً في المناطق الحدودية مع كل من الأكراد والعلويين، ويشكل موقفاً إيجابياً من تركيا، كونه يعيد، ويشكل، نواة صلبة في الحدود والمناطق المتجاورة، السورية التركية، ولن ينسى السوريون الجميل، حتى ولو عادوا إلى سورية»، الأمر الذي «يشكل ضمانة لتركيا، فضلاً عن أن منح الجنسية، هو رسالة غير مباشرة، تفيد بأن الاستدارة التركية ليست على حساب السوريين، إنما هي تصحيح مسار».
وتقتضي القوانين التركية أن من يريد الحصول على الجنسية، يتوجب عليه الإقامة خمس سنوات متتالية من دون انقطاع في تركيا، في شكل شرعي، وأن لا تكون إقامته بغرض الدراسة، وأن لا يزيد مجموع فترات خروجه خارج الحدود التركية أكثر من سته أشهر، وبالتالي فإن غالبية السوريين العظمى، المقيمين في تركيا، لا يحق لهم الحصول على الجنسية، ذلك أن نوعية إقامتهم لا تؤهلهم لذلك حيث تشترط القوانين حصولهم على إقامة عمل. ويستثنى من ذلك المتزوجات من مواطن تركي أو المتزوج من مواطنة تركية، حيث يحق لهما التقدُّم للحصول على الجنسية بعد مرور 3 سنوات، شريطة إثبات وجود ترابط أسري، وأن هدف الزواج ليس فقط للحصول على الجنسية، يضاف إلى ذلك الأشخاص ذوو الأصول العثمانية، ويملكون ما يثبت أصولهم.
وفي سياق الجدل داخل الأوساط السياسية التركية، حول تجنيس السوريين في تركيا، كان وزير الداخلية التركي السابق، معمر غولر، قد أكد أن عدد السوريين الذين حصلوا على الجنسية التركية منذ عام 1923 حتى العام 2013، بلغ 5 آلاف و730 شخصاً، معظمهم حصل عليها نتيجة الزواج من مواطنة تركية، لكن أحزاب المعارضة اتخذت موضوع اللاجئين السوريين مادة للتجاذب السياسي مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، ودخلت في جدل مناكفة ونكاية مع الحكومة التركية، حيث حذر نائب حزب الشعب الجمهوري المعارض أردوغان طوبراق في تصريح لصحيفة «سوزجو» من «تغيير ديموغرافي في العديد من الولايات التركية خلال السنوات المقبلة، وذلك بعد أن يتمكن السوريون من الحصول على الجنسية التركية»، واتهم حزب التنمية العدالة الحاكم بالسعي للحصول على أصوات انتخابية جديدة، وذلك من خلال زيادة عدد أصواته الانتخابية بنحو مليون صوت، على الأقل، في انتخابات عام 2019». ووصل خطاب النكاية إلى حدّ أن زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كلجدار أوغلو، كان وعد بإعادة السوريين إلى بلادهم في حال فوزه بانتخابات السابع من حزيران (يونيو) 2015.
في المقابل جادل مثقفون وسياسيون أتراك، وخصوصاً المقربين من أوساط حزب العدالة والتنمية الحاكم، حول ممكنات تجنيس بعض السوريين، فاعتبر الكاتب، أَسَر قرقاش، أن «القسم لأكبر والأهمّ من هؤلاء الناس القادمين إلينا، وخصوصاً السوريين، هم متعلمون ومثقفون، ويوجد بينهم الكثير من يتقن الفرنسية والإنكليزية، والكثير منهم لديه مهنة واحدة على الأقل، ويستطيع هؤلاء العمل هنا، والأهم من ذلك أنهم يستطيعون تأسيس أماكن عمل وفرص استخدام للعمال». وذهب إلى القول إن «من شأن ضمّ مليوني مواطن عربي إلى مواطنينا، أنّ يُؤثّر على مكانة تركيا في الشرق الأوسط في شكل كبير جداً، ويقودها إلى نقطة قوية وثابتة أكثر ممّا هي عليه الآن، وأن يُخفّف الضغط حول التناقص في عدد السكان، وبالتالي فإنّ ضمّ ما يقارب مليوني شخص إلى كثافتنا السكانية، ولغتهم الأم هي اللغة العربية، سيؤثر على النظرة السيئة في مجتمعنا، حول مفهوم المواطنة العنصري، الخارج عن المفهوم العام في هذا العصر، والموجود ضمن المادة 66 في الدستور العام، وتغيير هذا المفهوم مهم جداً، ويضغط اجتماعياً، في شكل إيجابي، على العنصرية والتمييز العنصري».
وانشغلت مراكز بحوث ودراسات وبعض الجامعات، بموضوع الحضور السوري على الأراضي التركية، حيث أوصى تقرير أعدته جامعة «حاجتبه» التركية منذ عامين، الحكومة والشعب «بالاستعداد نفسياً على الأقل على تقبل احتمال أن غالبية اللاجئين السوريين في تركيا سيبقون ولن يعودوا إلى بلادهم».
وأياً كان الأمر، فإنه ليس سهلاً منح ملايين السوريين الجنسية التركية، ربما لن يتعدى الأمر منح البعض من ذوي الكفاءات العلمية والقدرات المميزة، على رغم أن أردوغان اعتبر في أكثر من مناسبة أن «بلاده تنظر إلى السوريين كمهاجرين ونحن الأنصار، وأن الشعب التركي كله لم يتوان عن الوقوف إلى جانب إخوته السوريين خلال محنتهم القائمة»، لذلك أكد نعمان كورتولموش، نائب رئيس الوزراء التركي، أن بلاده «لا تستطيع منح 2.5 مليون لاجئ سوري الجنسية التركية، لكن يمكن للسوريين الحصول على الجنسية، عبر التدرج بإقامات العمل وفقاً القانون».
وعلى رغم أن تصريح أردوغان حرك الآمال لدى بعض السوريين، وهم لا يخفون الترحي بتسهيل الحصول على الجنسية التركية، كي يشعروا بوضع آمن ومستقر، لكنهم لا يخفون أيضاً تساؤلات حول كيفية تنفيذ ذلك، خصوصاً أن معظمهم يرغب بالبقاء في تركيا، في حال توافرت الظروف المناسبة، خصوصاً فرص العمل والاستقرار.
* كاتب سوري مقيم في اسطنبول


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.