آل حيدر: الخليج سيقدم كل شيء أمام النصر في الكأس    أجواء "غائمة" على معظم مناطق المملكة    إلزام موظفي الحكومة بالزي الوطني    "واحة الإعلام".. ابتكار لتغطية المناسبات الكبرى    تحت رعاية خادم الحرمين.. البنك الإسلامي للتنمية يحتفل باليوبيل الذهبي    الرياض.. عاصمة الدبلوماسية العالمية    بمشاركة جهات رسمية واجتماعية.. حملات تشجير وتنظيف الشواطيء    492 ألف برميل وفورات كفاءة الطاقة    «زراعة القصيم» تطلق أسبوع البيئة الخامس «تعرف بيئتك».. اليوم    الرياض.. عاصمة القمم ومَجْمَع الدبلوماسية العالمية    «هندوراس»: إعفاء المواطنين السعوديين من تأشيرة الدخول    "عصابات طائرة " تهاجم البريطانيين    كائن فضائي بمنزل أسرة أمريكية    أمير الرياض يؤدي الصلاة على منصور بن بدر بن سعود    القيادة تهنئ رؤساء تنزانيا وجنوب أفريقيا وسيراليون وتوغو    وزير الدفاع يرعى تخريج الدفعة (82) حربية    إحالة الشكاوى الكيدية لأصحاب المركبات المتضررة للقضاء    القتل ل «الظفيري».. خان الوطن واستباح الدم والعرض    طابة .. قرية تاريخية على فوهة بركان    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية.. استمرار الجسر الإغاثي السعودي إلى غزة    وفاة الأمير منصور بن بدر بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود    أرباح شركات التأمين تقفز %1211 في 2023    وزير الإعلام ووزير العمل الأرمني يبحثان أوجه التعاون في المجالات الإعلامية    فريق طبي سعودي يتفوق عالمياً في مسار السرطان    برعاية الملك.. وزير التعليم يفتتح مؤتمر «دور الجامعات في تعزيز الانتماء والتعايش»    العرض الإخباري التلفزيوني    وادي الفن    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    مؤتمر دولي للطب المخبري في جدة    أخصائيان يكشفان ل«عكاظ».. عادات تؤدي لاضطراب النوم    4 مخاطر لاستعمال الأكياس البلاستيكية    وصمة عار حضارية    استقلال دولة فلسطين.. وعضويتها بالأمم المتحدة !    أمير الرياض يوجه بسرعة رفع نتائج الإجراءات حيال حالات التسمم الغذائي    الأرصاد تنذر مخالفي النظام ولوائحه    التشهير بالمتحرشين والمتحرشات    زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    (911) يتلقى 30 مليون مكالمة عام 2023    تجربة سعودية نوعية    الأخضر 18 يخسر مواجهة تركيا بركلات الترجيح    الهلال.. ماذا بعد آسيا؟    تتويج طائرة الهلال في جدة اليوم.. وهبوط الهداية والوحدة    في الشباك    انطلاق بطولة الروبوت العربية    حكم و«فار» بين الشك والريبة !    الاتحاد يعاود تدريباته استعداداً لمواجهة الهلال في نصف النهائي بكأس الملك    وزير الصناعة الإيطالي: إيطاليا تعتزم استثمار نحو 10 مليارات يورو في الرقائق الإلكترونية    64% شراء السلع والمنتجات عبر الإنترنت    السجن لمسعف في قضية موت رجل أسود في الولايات المتحدة    ألمانيا: «استراتيجية صامتة» للبحث عن طفل توحدي مفقود    واشنطن: إرجاء قرار حظر سجائر المنثول    المسلسل    إطلاق برنامج للإرشاد السياحي البيئي بمحميتين ملكيتين    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد الجلبي: إجتثاث البعث فكرتي وتطبيقها أنقذ البلاد من مذبحة واسعة إصرار واشنطن على إعلان الإحتلال وحل الجيش زادا أوضاع العراق
نشر في الحياة يوم 23 - 03 - 2009

كانت المعارضة العراقية تأمل غداة سقوط نظام صدام حسين في تشكيل حكومة عراقية موقتة لكن هذا الخيار سقط في واشنطن التي فضّلت إعلان الاحتلال والإدارة المباشرة. ويعتبر أحمد الجلبي ان هذا الخيار الأميركي عقد الوضع في العراق، خصوصاً أنه ترافق مع تنافس وتشاحن بين الجهات الأميركية المعنية بالعراق. ويؤكد الجلبي انه كان وراء فكرة اجتثاث البعث، معتبراً انها أنقذت العراق من مذبحة واسعة كان يمكن ان تستهدف البعثيين. ويضيف انه عارض قرار حل الجيش العراقي، ولم يفهم حتى الساعة مبررات هذا القرار. وهنا نص الحلقة الثالثة: عندما وصل الحاكم المدني الاميركي بول بريمر الى بغداد، كان أول قرار اتخذه إعلان حل حزب البعث وفصل جميع البعثيين من مناصبهم الحكومية. بأي صفة أخذ هذا القرار؟ - بصفته رئيس سلطة الائتلاف الموقتة وبدأ ممارسة صلاحياته بإعلان هذا القرار رقم 1. هذا حصل بين 13 و16 أيار، أما مجلس الحكم فشكل في 13 تموز. أصابني قلق من هذا الأمر: حل حزب البعث ومصادرة أملاكه وفصل كل البعثيين من الحكومة، أي ان البعثي مهما كانت رتبته متدنية كان مشمولاً بقرار الفصل. ذهبت الى بريمر وسألته عن هذا القرار، اذ اننا نحن وراء فكرة اجتثاث البعث، لكن هذا القرار غير مقبول، نحن نعرف ان عراقيين كثيرين اضطروا ان يصبحوا بعثيين لأسباب معيشية. كنا نريد ان لا يطال القرار سوى المسؤولين في الحزب، وردّ بريمر ان لا فائدة من النقاش، لأن هذا القرار اتخذ في واشنطن وعليه أن ينفذ. أما القرار الثاني الذي اتخذه فهو حل الجيش العراقي وكل أجهزة الأمن والمخابرات والأمن العام ووزارة الإعلام. هل حصل هذا فور وصوله؟ - فور وصوله، ومن دون أن يسأل أحداً على الإطلاق اتخذ القرار بمفرده ولم يستشرنا، وكما قلت لك كنا ضد حل الجيش، وكنا نريد المحافظة عليه والاحتفاظ بوحداته وبالعناصر الوطنية التي لم تتلوث بنظام صدام. هل تأثر بريمر برأيك بال «سي آي أي»؟ - حتى الآن لم أفهم كيف اتخذ هذا القرار في واشنطن. ممن كان بريمر يتلقى تعليماته؟ - الحقيقة انه كان تابعاً للرئيس بوش، وأعتقد أن راتبه كان من وزارة الدفاع. بريمر كان يطمح ان يصبح وزيراً للخارجية وكانوا يسمونه جيري بريمر، لكن اسمه هو بول بريمر، وهو عمل عشر سنوات مدير إدارة في شركة لكيسنجر، وكان يتصرف كأنه نائب الملك في العراق، ويحاول أن يقدم نفسه على انه ممثل الرئيس بوش، فأصدر قرار حل الجيش من دون ان يسألنا وكان هذا القرار مخالفاً لرأينا. من كان من المعارضة ضد هذا القرار؟ - كلنا، لم يؤيده أحد. بما في ذلك قادة الأكراد؟ - لم يطلب أحد هذا الأمر ولم يؤيده. نحن كنا نريد حكومة موقتة وكنا نجري اتصالات جانبية مع القيادات العسكرية وضباط. وأنا اجتمعت مع ضباط وقادة شرطة ودخلنا في تفاصيل ضبط الوضع في بغداد في تلك الفترة. هذا القرار اتخذه بريمر بمفرده بعدما أبلغ قيادات المعارضة العراقية ان لا أمل لديها في تأسيس حكومة موقتة. هل أبلغهم بريمر ام انهم اختلفوا في ما بينهم؟ - لا، لم يحصل خلاف على ذلك، ولم يحصل أي بحث جدي في هذا الموضوع. ولا تنسَ ان قادة المعارضة لم يكونوا كلهم في بغداد. أنا وصلت يوم 15 نيسان مع الدكتور عادل عبدالمهدي وهو الآن نائب رئيس الجمهورية وكان يمثل السيد عبدالعزيز الحكيم. يعني «فيلق بدر»؟ - لا، كان يمثل السيد عبدالعزيز الحكيم، و «المجلس الأعلى»، ثم بدأ قادة المعارضة بالوصول تباعاً الى بغداد، بحيث اكتمل حضورهم في أواخر الشهر الرابع، وجاء بريمر في 13 أيار، يعني أن الفترة الزمنية التي كانت متاحة للبحث في المواضيع كانت قصيرة جداً، وكان خليل زاد أبلغنا في 2 أيار انه سيذهب الى أميركا ويعود لتشكيل حكومة موقتة. هل لديك شك في ان إسرائيل وراء قرار بريمر بتدمير العراق؟ - لا أملك أي دليل على ذلك. لأنه قرار يصعب تفسيره. - لا أملك دليلاً على أن اسرائيل وراء هذا القرار، لكن الجيش العراقي في 9 نيسان كان مجرد اسم، لأن الجنود والضباط ذهبوا الى منازلهم والمعسكرات نُهبت بكاملها. واذا كنت تريد المحافظة على الجيش اين تجمع عناصره؟ تبقي عليه أين تضعهم؟ معسكر الرشيد في بغداد ومعسكرات قيادات الفيالق في مناطق مختلفة، كلها نهبت. نهبت؟ - حتى الحجر نُهب، الفخار، الطابوق، لم يبق شيء. ألا تتحمل شخصياً مسؤولية فكرة اجتثاث البعث؟ - نعم، فكرة اجتثاث البعث كانت لسببين: أولاً لأنه تحول من حزب سياسي الى أداة قمع، كالحزب النازي، وأصبح لدى من ينتسب إليه مزايا مضاعفة في الوظائف الحكومية مقارنة بزملائه من خارج الحزب. وأصبح من واجبات البعثيين التجسس على إخوانهم المواطنين. ويتحمل حزب البعث المسؤولية عن حكم صدام لأنه اصبح أداة بيده وتحول من حزب سياسي عقائدي له قيم عالية الى هيئة سياسية إدارية تجسسية تنفذ رغبات صدام. ثانياً، يتحمل حزب البعث مسؤولية طحن ثلاثة أجيال في العراق. معلم في مدرسة يتقاضى راتب 50 ألف دينار اذا كان عضواً في الحزب في حين ان المعلم بنفس الدرجة يتقاضى 5 آلاف دينار اذا لم يكن عضواً، وأعتقد أن بقاء حزب البعث خطر على الوضع الجديد، كما كنا نرغب في منع حالات الانتقام العشوائية من البعثيين كأفراد، وأردنا أن نحميهم، وأنا أدعي أننا نجحنا في ذلك، لأن اجتثاث البعث جعل عمليات الانتقام محدودة، وهناك معلومات دقيقة عن حالات حصلت لكنها محدودة، اذ لم يحصل انتقام من البعثيين في حجم مذابح وقتل كما كان متخوفاً منه، وأعتقد أننا نجحنا في هذا. يعني اخذوا فكرتك عن اجتثاث البعث، لكن طبقها الأميركي على طريقته؟ - لا، نحن لم نترك الأمر على هذا الشكل، بعد تشكيل مجلس الحكم، ظللنا نلح على بريمر، حتى اقتنع ان الموقف أكبر منه، واصبحت أول هيئة بيد العراقيين هي هيئة اجتثاث البعث. أسسنا الهيئة الوطنية العليا وانتخبت رئيساً لها، وكان جميع القادة السياسيين تقريباً اعضاء فيها، لكن انا تحملت المسؤولية وكنت أعرف ان ردود فعل كثيرة ستصدر وكذلك سوء فهم، وأصبحتُ هدف البعثيين. أول قرار اتخذته الهيئة نص على اعادة كل بعثي دون مستوى عضو فرقة الى وظيفته، يعني أعدنا مئات الآلاف الى وظائفهم، ولم يتعرض لهم أحد. أما عدد الذين شملهم الاجتثاث فكان مليوناً و200 ألف بعثي، أما الذين تم اجتثاثهم فعددهم 38 ألفاً، وهم برتبة عضو فرقة وما فوق، وصولاً الى عضو قيادة قطرية، وبين هؤلاء 32 ألف عضو فرقة و6 آلاف عضو شعبة وما فوق، واعطينا اعضاء الفرقة الحق في طلب الاستثناء من هذا الاجتثاث، لكن بشروط، وعرضنا عليهم طلب التقاعد على ان يحصلوا على راتب التقاعد من دون قيد أو شرط. من اصل 32 ألفاً قدم 16 ألفاً طلب الاستثناء، وافقنا على ما يزيد على 15 ألفاً و500 شخص وأعيدوا الى وظائفهم، بينهم مدرسون وأساتذة جامعيون وموظفون في الدولة. وفي الجيش ايضاً؟ - نعم، قادة الفرق خضعوا للاجتثاث، وكذلك قادة العمليات في بغداد وفي مكتب القائد العام، كلهم طلبوا الاستثناء، وكذلك قادة الشرطة الوطنية. كما أن 2500 شخص قدّموا طلبات تقاعد تمت الموافقة عليها كلها، أما الباقون فلم يقدموا طلبات، فأين هم؟ هؤلاء أعضاء الشُعب الذين طرحنا منحهم حق التقاعد. عدا مرتكبي الجرائم؟ - هذا الأمر لا دخل لنا به. هيئة الاجتثاث لا يحق لها الاعتقال ولا الفصل أو الحجز. كنا نبلغ الإدارة المعنية ان شخصاً ما خاضع لاجتثاث البعث ونطلب اتخاذ الإجراءات المطلوبة بحسب القانون. وهناك وزراء لم ينفذوا. مرة كتب لنا وكيل وزارة الداخلية ان عنده 3 آلاف شخص خاضعين للاجتثاث وما زالوا في الوظيفة. نحن لم نكن نفصل الناس إنما كنا جهة كاشفة فقط. كانت للهيئة سلطة معنوية عالية. استغل أميركيون الوضع وبدأوا تحميل مسؤولية الفشل الإداري لهيئة الاجتثاث، فبدأوا يهاجمونها، ويضغطون على الحكومة العراقية والمجلس النيابي لتغيير قانون الاجتثاث. وبعد ضغوط اميركية كبيرة اصدر المجلس النيابي في شهر شباط 2008 قانون المساءلة والعدالة الذي استبدل هذه الهيئة بهيئة اجتثاث البعث، لكن نصوص القانون الجديد كانت أشد وطأة على البعثيين، اذ ينص على أن كل من كان في الأجهزة الأمنية مع صدام يحال الى التقاعد، وهناك ما لا يقل عن عشرة آلاف شخص في أجهزة الأمن العراقية الحالية يجب إحالتهم الى التقاعد بموجب هذا القانون. يمكنك القول إن اجتثاث البعث فكرتك وأنت راض عن تطبيقها لأنها جنّبت البعثيين عمليات ثأر جماعية ضدهم؟ - كما أنها فككت سيطرة البعث على المجتمع. لكنك تقول إن لا علاقة لك بفكرة حل الجيش العراقي؟ - نعم، فقد كنت ضد هذه الفكرة وطالبتُ بإجراءات عملية لإبقاء الجيش والحفاظ على معسكراته. هل أيد احد من القوى السياسية فكرة حل الجيش؟ - لا. إذاً كانت هذه فكرة أميركية؟ - نعم، واتخذها بريمر من دون ان يستشير احداً. هل تستطيع القول ان جزءاً من المشكلة في العراق تكمن في ان الأميركيين أسقطوا نظام صدام ولم يكن لديهم تصور لما سيحدث بعد ذلك؟ - الأميركيون كانت لديهم تصورات مختلفة، الأول كان تشكيل حكومة عراقية موقتة. هذا التصور فشل في واشنطن. والثاني هو الاحتلال والحكم المباشر، وهذا نجح في واشنطن. هل كان هناك تنافس دائم بين ال «سي آي أي» ووزارة الدفاع؟ - نعم، دائماً. وبين الخارجية والدفاع؟ - نعم. هل كانت ال «سي آي أي» أقرب الى الخارجية؟ - نعم، في عهد كولن باول. هل تسبب هذا التنافس بالفشل الأميركي؟ - نعم، هذا واضح عندي. هذا التنافس بين الأميركيين وعدم قدرة الرئيس بوش على حل النزاع داخل إدارته تسببا في تذبذب السياسة الأميركية وتخبطها في العراق وتشجيع أعمال العنف وسوء الإدارة والفساد. تعرض العراق لعملية نهب غير مسبوقة، أليس كذلك؟ - ماذا يعني ذلك؟ هناك فساد؟ - طبعاً، العراق تعرض لعمليات فساد. يعني الذين نهبوا العراق هم من المفسدين العراقيين بالتعاون مع بعض الأجانب، لكن قسماً من الأميركيين كانوا فاسدين ايضاً. إنما تسامح الآخرون مع هذا الفساد. ألست مستفيداً من هذه المسألة؟ - أبداً. هل يمكن ان أسأل سؤالاً مباشراً، بما أنك رجل ال «سي آي أي»، ألست شريكاً في الفساد؟ - أبداً، أنا أول من نبّه الى الفساد في مجلس الحكم، بحسب المحاضر وأول من تحدى بريمر. قلت له: ايها السفير بريمر انت الوحيد بتوقيعك المنفرد تتصرف بأموال صندوق التنمية الذي فيه كل اموال العراق فانتبه الى ما تفعله وما توقعه، وكان يغضب مني. ألم تتقاضَ أموالاً أميركية؟ - من قبل، فنحن كنا تعاونّا مع الأميركيين بحسب قرارات الكونغرس. أتكلم عما بعد سقوط صدام، ألم تستفيدوا في المؤتمر الوطني من الصفقات والوزارات؟ - أبداً، غير صحيح. أنا كنت تحت مجهر كل الأطراف ولم يستطيعوا أن يجدوا شيئاً. سأتحدث بالتفصيل عن هذا الموضوع. وصلنا الى العراق، ولم يشترك اعضاء المؤتمر الوطني في أي عمل مع الأميركيين. بعضهم قام بأعمال مخالفة للقانون، لكن قضايا بسيطة، أما في المشاركة في عقود الأميركيين أو عقود الحكومة العراقية فالمؤتمر ابتعد عن هذا الموضوع، فالاميركيون استهدفونا في المراحل الأولى وأبعدونا عن كل شيء، وعن كل السياسيين العراقيين الذين أتوا لاحقاً، وقد أكون الوحيد الذي باع من أملاك أهله وأقاربه وليس من أملاك صدام والدولة. من يشغل أملاك صدام؟ - حدّث ولا حرج في بغداد، عن املاك صدام وأملاك الدولة، الكلّ، دعنا لا نحدد، نحن لسنا دلالي أراضٍ لكن حتى مقراتنا أخذت منا بالقوة، كان لدينا مقر في البيت الصيني ومقر المخابرات. هل اخذها الجيش الأميركي؟ - نعم، وبتوجيه من الحكومة العراقية بعد نهاية الاحتلال، مقراتنا التي كنا نشغلها في الجادرية أخذتها الحكومة ولم يعد لدينا مقرات. هل تريد أن تقول إنك وحزب المؤتمر لستما شريكين في الفساد؟ - نعم، ونحن أول من كشف الفساد. أنا في نهاية عام 2004 وبداية عام 2005 اكتشفت أن أموالاً عراقية تنقل من مطار بغداد الى بيروت بمئات الملايين. أجريت مقابلة عبر محطة «العربية» مع إيلي ناكوزي وقال لي أن وزير الدفاع يتهمكم أنتم و «الائتلاف» بالصفويين، قلت له: اطلب من السيد وزير الدفاع أن ينتبه الى أموال الوزارة التي تنقل بالطائرات نقداً الى بيروت وعمّان. من كان وزير الدفاع؟ - حازم الشعلان، ولم ينتبه ناكوزي الى ما قلته. وجاءت استراحة الإعلان فتم إبلاغه أن
الجلبي ذكر هذا الشيء اسأله عنه. وعندما عدنا الى البث سألني عن الموضوع فأكدت له الأمر، ورأساً طلب حازم الشعلان اعتقالي لتشهيري بوزارة الدفاع، وحصلت ضجة كبيرة، وانتهت حكومتهم وجاءت حكومة جديدة برئاسة ابراهيم الجعفري وأنا صرت نائبه، وطلبت من المصرف المركزي التدقيق في حساب وزارة الدفاع لدى بنك الرافدين - فرع زوريخ، حساب رقم 13 بالدولار. فأرسل المصرف المركزي فريقاً للتفتيش بالاشتراك مع ديوان الرقابة المالية واحضروا تقريراً اعتبره سرياً ومكتوباً باليد ولم يطبع، وفيه أن وزارة الدفاع تعاقدت مع شركة عراقية أسست في 1/1/2004 برأسمال 3 ملايين دينار، ووقعت عقوداً معها بمبلغ بليون و126 مليون دولار ودفعتها نقداً من دون كفالات وهي موزعة على 35 شيكاً جيرت جميعها لحساب شخص واحد. من هو؟ - اسمه (...) . ووضعت في حسابه في أحد المصارف العراقية، وطلب تحويل مبالغ بقيمة 481 مليون دولار الى حسابه الخاص في بنك الإسكان الأردني وأرسل مئة مليون دولار نقداً الى بنك الإسكان الأردني في عمان، وحوّل الى شخص يعمل لديه اسمه (...) مبلغ 480 مليون دولار، وقام هذا الشخص بتحويلها الى حساب الاول. أخرجوا من العراق بليوناً و60 مليون دولار الى حساب الاول في بنك الإسكان في عمان، على أساس ان يشتروا بها معدات للجيش العراقي، ولا نعلم حتى الآن ماذا حصل، وهناك مسألة أسوأ. كيف حصلت وزارة الدفاع على هذه الأموال؟ علماً أن ميزانية الوزارة للعام 2004 لشراء المعدات كانت فقط 295 مليون دولار ومع ذلك حصلوا على أكثر من بليون. كيف تم ذلك؟ أثرت هذا الموضوع، ووضعت تقريراً دقيقاً جداً لا يزال موجوداً عندي، وحقق القضاء العراقي في الموضوع ووجه التهم الى أشخاص ولم يحصل سوى القليل لمتابعة هذا الموضوع، ولا تزال هذه العملية تدور في جهاز الدفاع العراقي. هذه قضية كبيرة. الفساد شمل أموالاً عراقية، مداخيل من النفط، أليس كذلك؟ - طبعاً. وأموالاً أميركية؟ - الأميركيون مسؤولون عن الأموال الأميركية، وهناك شخص مسؤول اسمه ستيوارت بوين، كلفه الكونغرس التحقيق في قضية اموال إعمار العراق. هل ساهمت الشركات الأميركية في هذا الفساد؟ - الشركات الأميركية ساهمت في الفساد مع الحكومة الأميركية. قلما تعاقدت الحكومة العراقية مع شركات أميركية. أميركا تعاقدت مع شركات أميركية وهذه الشركات ضالعة في الفساد وعملية الفساد في وزارة الدفاع هي أكبر عملية فساد في العالم، ولا تزال مفتوحة. وهناك أيضاً فساد في وزارة الكهرباء حيث تم توقيع عقود بما يزيد على بليون دولار لمحطات لم تنتج 10 في المئة مما كان مطلوباً منها. كان يفترض أن تبدأ الانتاج في صيف العام 2004، إلا أنه حتى صيف 2008 لم تنتج. في أي قطاعات كان الفساد مستشرياً؟ - الكهرباء والأعتدة والسلاح، فساد كبير جداً، وأيضاً في قضايا التجهيزات في الوزارات الأخرى، لكن المسائل الكبيرة في الدفاع والكهرباء. بعد خمسة اشهر على مجيء حكومة الجعفري سنة 2005 كتبت مذكرة الى رئيس مجلس الوزراء اقترحت فيها تأسيس لجنة للعقود، لتنظر في كل العقود التي تزيد عن 3 ملايين دولار وفي حسن إجرائها، وحددنا أن طريقة الدفع هي بواسطة الصكوك والاعتمادات المستندية والحوالات المصرفية وليس بالأوراق النقدية. وأنا أدعي انه خلال عمل هذه اللجنة، اجتمعت لفترة سنة 75 مرة ولم تحصل عمليات فساد مهمة خلال تلك الفترة وأنا كنت رئيس هذه اللجنة، وهذا الموضوع موجود وحاول كثر إثارة قضايا لكن هذه هي الحقيقة ولم ينجحوا لأنهم لم يجدوا شيئاً. أي سنة تركت العراق للمرة الأولى؟ - كان عمري 13 سنة، عدت لفترة بسيطة سنة 1966 كان عمري 21 سنة وبقيت أشهراً قليلة ثم عدت للدراسة في الخارج، وبدأنا بالعمل في المعارضة ودخلت العراق مرة أخرى، الى الشمال في عام 1969 لفترة بسيطة، وكذلك عام 1974 لفترة بسيطة، ثم دخلت الى شمال العراق مرة أخرى في عام 1992 وبقيت أربع سنوات ونصف السنة نحارب صدام، ودخلت مرة أخرى عام 1999 لفترة بسيطة وعدت في عام 2003 وأنا اقيم في العراق منذ ذلك الحين. ما هي الدول التي ساهمت مع الأميركيين في إسقاط صدام؟ - إيران ساعدت المعارضة العراقية على إسقاط صدام على رغم تناقضها مع السياسة الاميركية. كان هناك رأي في إيران يقول إنه يجب ألا نسهل مهمة الأميركيين في إسقاط صدام، لكن ايران سهلت عمليا وهناك الدول التي انطلقت منها القوات الاميركية. هل كانت سورية مع إسقاط صدام؟ - سورية كانت ضد إسقاط صدام عن طريق الأميركيين، وكان لديها قلق شديد من تعاون المعارضة العراقية مع أميركا، وكانت لديها تحفظات على دخول الأميركيين الى العراق وإسقاط صدام. الدولة الأولى بين الدول المحيطة بالعراق التي أرسلت وفداً رسمياً الى مجلس الحكم وتعاونت معه هي إيران، والسفير الإيراني موجود في العراق منذ العام 2003. من هي الدول التي دعمت المقاومة العراقية؟ - سورية وإيران دعمتا المعارضة العراقية ضد صدام، لكن معظم الدول العربية كان ضد المعارضة العراقية قبل غزو الكويت لكن بعد الغزو تحسن الموقف قليلاً، ونحن زرنا السعودية كوفد رسمي، وزرنا الكويت لكن مستوى التعاون كان ضئيلاً ما عدا إيران، وعندما دخل الأميركيون على الخط أصبحت للسوريين تحفظات بعد سقوط صدام. «القاعدة» والمتطرفون في العراق بدأوا يتلقون مساعدات من أطراف غير حكومية ومن المحتمل أن يكون هناك غض نظر من الأطراف الحكومية، تم تمويل هؤلاء وتنظيمهم من قبل أشخاص غير عراقيين في البداية. هل ساهمت إيران بتسهيل مرور «القاعدة» الى العراق؟ - لا أعتقد أن هذا الكلام صحيح. يقال إن سعد بن لادن موجود الآن في.... - (مقاطعاً)، أبداً، حلفاء إيران وصلوا الى السلطة في العراق، يعني رئيس الجمهورية صديق لإيران وكذلك رئيس مجلس الوزراء ورئيس المجلس النيابي وكثير من الوزراء لديهم علاقات، لا مصلحة لهم بتقويض الوضع القائم في العراق. يعني هل أمسكت إيران بالقرار العراقي؟ - الى الآن لا، إيران لديها نفوذ كبير في العراق. سبب هذا النفوذ هو سوء تصرف أميركا السياسي في العراق. ألا يوجد خطر بسبب ذلك على عروبة العراق؟ - لا أعتقد أن هناك خطراً على عروبة العراق، الشعب العراقي أكثريته من العرب ويعتزون بعروبتهم، والكلام الذي يقال احياناً ان الشيعة في العراق لهم ولاء لإيران أكثر من ولائهم للعراق، كلام مرفوض. العوائل العراقية والعشائر العراقية تضم سنة وشيعة. وهناك حالة من التعايش الاجتماعي بينهم. لكن حصلت حرب أهلية في العراق؟ - لا، ليست حرباً أهلية، لم تصل الى الحرب الأهلية. تعريف هذه الحرب عندما تكون هناك حكومتان تتنازعات على قطعة الأرض ذاتها وكل يدعي شرعيته عليها، في العراق لم يحصل ذلك. ما حصل هو قتال أهلي على أساس طائفي، والحمد لله انه تمت السيطرة عليه، هذا حصل بتخطيط، هناك رسالة للزرقاوي أرسلها الى الظواهري وضبطت في شهر آذار 2004، ذكر فيها أن أملهم الوحيد في النجاح بالعراق هو الامعان في قتل وإرهاب الشيعة لينتقموا من السنّة فيلجأ السنّة الى «القاعدة» لحمايتهم من الشيعة، ونفذوا هذه السياسة. تقصد تدمير مقر الامامين في سامراء؟ - وقبل ذلك مثلث الموت جنوب بغداد، والنجف وكربلاء كل يوم كان يحصل قتل، الى أن انفجر الموقف، السيد السيستاني قال لي مرات عدة: لا اريد أن ينتقم أحد حتى لو قتلوني واكتشفتم ان من فعل ذلك هو من السنّة. لكن الكيل طفح بعد تفجير المقام في سامراء. دخلت متعاوناً مع الأميركيين الى العراق، ما حكاية البيت الشيعي؟ - دخلت الى العراق وأنا على خلاف مع أميركا حول موضوع الاحتلال، وهذا الموقف معلن، وعندما شكل الاميركيون مجلس الحكم شكلوه على أساس طائفي، ونحن كان هدفنا في مجلس الحكم إنهاء الاحتلال. اعتبرت أن هذا واجبي وتم وضع مشروع قانون أساسي للمرحلة الانتقالية يحمي العملية الديموقراطية وحق العراقيين في الانتخاب، ووجدت داخل مجلس الحكم أن من الصعب جداً تأسيس تكتل موضوعي بين العراقيين لا يكون خاضعاً مباشرة للنفوذ الاميركي، ووجدت انه حتى نتمكن من سن قانون أساسي يحمي الديموقراطية والعملية السياسية والتبادل السلمي للسلطة ويحمي استقلال العراق وسيادته، أن يكون هناك تكتل يخضع لنفوذ وتأثير سلطة معنوية بعيدة عن الاميركيين هي المرجعية الشيعية، ولم أجد غيرها. لذا أسست البيت الشيعي؟ - نعم، أنا طرحت الفكرة واستجابوا لها. من استجاب؟ - كل أطراف مجلس الحكم الشيعة، حتى الحزب الشيوعي حضر الاجتماعات، و «حركة الوفاق» كانت حاضرة أيضاً. أليست لإيران علاقة بهذه الفكرة؟ - أبداً، كانت مسألة عراقية وقسم كبير من أعضاء البيت الشيعي لم يكن على وئام مع إيران. المواقف التي حصلت واتخذها البيت الشيعي أجبرت بريمر على التفكير ملياً بما يجري في العراق. كان هدف الأميركيين في العراق هو أن يضعوا دستوراً تحت الاحتلال ويجرون انتخابات تحت الاحتلال. ذهبت الى السيستاني، فقال لي ان الاميركيين كتبوا دستور اليابان في ستة أيام، فهل سيكتبون دستور العراق؟ قلت له لا يستطيعون ذلك إذا تعاونا. يجب أن تقوم بكتابة دستور العراق جمعية منتخبة، فقال لي إنه يؤيد هذه الفكرة. فعملنا معاً وحققنا السيادة ثم الانتخابات ثم الدستور. * غداً حلقة رابعة

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.