بعد ساعات على إعلان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو تنحّيه عن زعامة الحزب ورئاسة الحكومة، حدّد الرئيس رجب طيب أردوغان ملامح المرحلة السياسية المقبلة في البلاد. إذ استعجل تنظيم استفتاء على دستور جديد يحوّل النظام رئاسياً بصلاحيات واسعة، مُستشهداً بخلافه مع داود أوغلو بسبب «وجود نظام برأسين». وأكد مقرّبون من أردوغان أن اختياره رئيس الوزراء المقبل سيكون حذراً، مشيرين إلى أنه سيشترط على الأخير التنازل طوعاً عن كل صلاحياته، وأن يعمل موظفاً تنفيذياً يطبّق التعليمات المباشرة للرئيس، ويُقرّ تعييناته الوظيفية ويقبل ترؤسه اجتماعات الحكومة دورياً. ويعني ذلك أن أردوغان سيفرض النظام الرئاسي عملياً، على رغم أن الدستور ينصّ على أن نظام الحكم في تركيا برلماني، وأن رئيس الوزراء هو صاحب الصلاحيات الحقيقية. وفي إطار تسوية مسائل دستورية قد تتعارض مع هذا السيناريو، حض الرئيس المعارضة على التعاون معه لتعديل الدستور، أو لطرح التعديل على استفتاء شعبي، مشدداً على أن «دستوراً جديداً ونظاماً رئاسياً يشكّلان ضرورة ملحّة، لا أجندة شخصية لأردوغان». ودعا إلى عرض المشروع على استفتاء «في أقرب وقت»، وزاد: «لا عودة إلى وراء من النقطة التي بلغناها، وعلى الجميع قبول ذلك. لكي نكون أقوياء، علينا أن نطرح بسرعة نظاماً رئاسياً يشكّل ضمانة للاستقرار والثقة، لنيل موافقة الشعب» عليه. واعتبر الرئيس التركي أن تدخله في شؤون حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، على رغم انفصاله عنه رسمياً، هو «أمر طبيعي» بعد تنحّي داود أوغلو. وسأل: «بعضهم منزعج من متابعتي عن كثب التطورات المتعلقة بالحزب، ما الذي يمكن أن يكون أمراً طبيعياً أكثر من ذلك؟». وأوردت صحف تركية مقرّبة من رئيس الحكومة أن الرئيس أصرّ على تنحّيه، على رغم تقديم داود أوغلو أكثر من بديل لأسلوب تعاونهما. ويتعارض ذلك مع تأكيد أردوغان أن داود أوغلو اتخذ قرار التنحي. وفي سياق آخر، هدّد أردوغان الاتحاد الأوروبي بإلغاء اتفاق لضبط الهجرة إلى دول الاتحاد، أبرمه داود أوغلو، إذ رفض طلبه تعديل قانون تركيا لمكافحة الإرهاب، في مقابل إعفاء مواطنيها من تأشيرات الدخول. وأضاف أن بلاده «تتعرّض لهجمات من تنظيمات إرهابية. يريد الاتحاد الأوروبي منا تعديل قانون الإرهاب، من أجل إلغاء تأشيرات الدخول للأتراك. وهو يسمح لإرهابيين (حزب العمال الكردستاني) بنصب خيم أمام مبنى البرلمان الأوروبي، باسم الديموقراطية. آسف، نقول له شكراً، وسنسير في طريقنا وهو في طريقه. ليُبرم اتفاقاً مع مَن يستطيع أن يوقّعه». في غضون ذلك، نجا رئيس تحرير صحيفة «جمهورييت» المعارضة جان دوندار، من محاولة لاغتياله، أمام قصر العدل في إسطنبول حيث كان ينتظر، مع رئيس مكتب الصحيفة في أنقرة أردم غل، حكماً عليهما لاتهامهما ب «كشف أسرار دولة» وبمحاولة انقلاب، بعدما نشرت الصحيفة معلومات وشريط فيديو عن تسليم جهاز الاستخبارات التركية أسلحة إلى إسلاميين في سورية. وصرخ المهاجم «خائن»، قبل إطلاقه ثلاث رصاصات على ساقَي دوندار، لكنه أصاب صحافياً تلفزيونياً في ساقه. ثم ألقى سلاحه أمام الكاميرات وسلّم نفسه للشرطة. وعلّق دوندار: «لا أعرف المهاجم، لكنني أعرف مَن شجّعه وجعلني هدفاً»، في إشارة إلى أردوغان الذي كان تعهد أن يدفع رئيس تحرير «جمهورييت» ثمن ما فعله.