هي رحلة زمن، محاولة فخمة لإعادة الماضي إلى الحاضر في صورة تليق بالتاريخ وهيبته، هكذا تعود الزوار على «الجنادرية» وهكذا تحاول هذه الفعالية دائماً أن تحضر حاكية عمق تاريخ البلاد والمنطقة في صورة، لكن زحام التاريخ يسلب كل وقت الزائر من دون أن يشبع فضوله كاملاً في «الجنادرية»، فيرحل على أمل بعودة تعوض ما فات. وعلى رغم تنوع الثقافات ومكوناتها التراثية، إلا أن مهرجان الجنادرية الذي انطلق عام 1985 دعماً للتراث والثقافة، استطاع أن يحدد إطاراً موحداً لمناطق السعودية كافة، إلى جوار الدول المستضافة، يتمثل بإبراز الموروث، وإحياء الوجه التاريخي الأصيل الذي يظهر هوية كل منطقة، ويكشف ملامحها في أجواء يسطرها الماضي، بتفاصيله الدقيقة، ونكهته التي مازالت عالقة في أذهان زوار المهرجان، وهم يعودون إليه مجدداً هذا العام في دورته ال30. وعلى أرض مهرجان الجنادرية، تتزاحم أفواج المركبات بكثرة، وخصوصاً في عطل نهاية الأسبوع، أسر سعودية وأسر مقيمة في البلاد، تتشابه أهدافهم في البحث عن أسرار التاريخ العربي، ومعالم أزمنة بنت كل ما نعرفه اليوم. أم محمد معلمة تزور المهرجان كل عام مع أبنائها عبر أيام متتالية، تؤكد هذا العام أنها وعلى رغم كل ذلك لم تعرف الملل، وتضيف: «معظم أجنحة المهرجان تثير إعجابي بكل ما تحويه من حرف يدوية، وأكلات شّعبية، ومنسوجات، وأشغال يدوية، وغيرها من أدوات التّراث»، تتابع: «عندما أرى المعروضات يغزوني الحنين، وتفيض الذكريات لتثير دهشة في نفسي، خلال تأملي في كل ما حولي أعقد مقارنة بين حياة أجدادنا في الماضي ببساطتها على رغم مصاعبها، وحياتنا العصرية السهلة بمظاهرها المزيفة، ووسائل التقنية التي حرمتنا الاستمتاع بما حولنا في ظل إيقاعها العصري السريع». أسر من جنسيات عربية مختلفة تجد في هذه الفعالية فرصة للتعرف على ثقافة دولة يسكنون فيها، وهو ما تؤكده أم سورية تصحب بناتها في زيارة إلى «الجنادرية»، التي يتعرفون عليها للمرة الأولى، إذ ترى أن فعالية من هذا النوع لا يقتصر دورها على استمتاع العائلة بالمناظر والأجواء بقدر ما توافر فرصة ثقافية مهمة لكل من يسكن السعودية.