لا يزيد عمر مصطلح «تكنولوجيا» على 104 أعوام، فقبل عام 1910 لم يكن العالم يعرف تلك الكلمة، لكنها اليوم تشكل ثقلاً في حياة الجميع في شكل مباشر أو غير مباشر. وطرحت التكنولوجيا سؤالاً على وزن «أيهما جاء أولاً البيضة أم الدجاجة؟» مضمونه: أيهما يصنع الآخر التقنية، أم المستخدم؟ رئيس شركة أريكسون مدير مبيعاتها في الشرق الأوسط تونج يورولماز يصر على أن الاثنين يصنع بعضهما بعضاً في الوقت ذاته. ويتأثر العالم كله بالتكنولوجيا التي توفرها شبكة الإنترنت عبر الهواتف المحمولة، ولا يمكن لأحد أن يوقف ذلك التأثر، بحسب يورولماز. وفي الشرق الأوسط تبدو الأمور تسير في شكل أسرع، في ضوء عدد من العوامل يأتي في مقدمها أن أكثر من 50 في المئة من سكان المنطقة البالغ تعدادهم 700 مليون نسمة لا يزالون دون ال35 من العمر، وهو ما يعلق عليه يورولماز بالقول: «الفئة الكبرى هنا هي من الشباب، شباب يبحث عن التغيير والتجديد، وبطرق تواكب التكنولوجيا المتوافرة أو تسبقها أحياناً، لذلك تتطور المنطقة بسرعة مذهلة». وتتغير في السعودية التي تشكل واحداً من أبرز أسواق التكنولوجيا في العالم طبيعة المستخدمين بشكل لافت، اليوم وبعد أن كان الأميركيون على مدى أعوام الأكثر استخداماً لموقع «يوتيوب» باتوا يستخدمون الموقع الشهير بالمعدل ذاته، ليتقاسموا الصدارة، وفق ما يؤكده رئيس أريكسون في الشرق الأوسط، ويضيف: «استخدام البيانات في المنطقة تطور بشكل سريع جداً، والأكثر سرعة في السعودية، لك أن تتخيل أن السعوديين يستخدمون عبر مشغل واحد لشبكات الهواتف المحمولة كمية بيانات أعلى من تلك التي يستخدمها كل سكان تركيا وعبر كل مشغليها مجتمعين، وهو رقم مذهل». لكن لاعباً رئيساً يقف بالتأكيد خلف تغيير المنطقة وتطور علاقتها بالتكنولوجيا، يقر يورولماز بذلك حينما يركز على أهمية دور مواقع التواصل الاجتماعي في ثورة استخدام البيانات: «انظر إلى الأحداث السياسية في مصر أو تركيا. كلها جاءت مبنية على مواقع مثل فيسبوك وتويتر، تغير العالم بسرعة ما كنا لنعرفها، العالم كله مهووس بالتواصل، نحن نخلق لأنفسنا عالماً جديداً من خلاله سنكون أكثر اتصالاً بعضنا ببعض». ولا تقلق يورولماز تهديدات مثل التي سمعناها في تركيا أو مصر حول حظر خدمات الإنترنت أو وقف الشبكات عن تقديم الخدمات. ويعلق قائلاً: «سيجد الإنترنت على الدوام نقطة يصل منها إلى المستخدمين، نحن لا نحكم التكنولوجيا، تطورها يفوق قدرتنا على التعاطي معها أو حصرها، لا يمكن لأحد اليوم أن يحجب المعلومة فتلك ستعرف طريقها للوصول». ويتابع: «بالنسبة للعالم اليوم تفوق قيمة المعلومات في تويتر ما تقدمه قنوات مثل «الجزيرة» أو «العربية»، في الماضي كانت القنوات الإخبارية تحكم ما نعرفه عن العالم، الأمر ما عاد كذلك اليوم أنت ستبحث عن المعلومة التي تريدها وستحصل عليها بالطريقة التي تشاء بعيداً عن التدخلات أو التحويرات». وعن رأيه في أن الشباب السعودي يستهلك الجزء الأكبر من استخدامه الإنترنت في متابعة تويتر، يقول يورولماز: «كل الشبكات متصلة، ما من أحد يستخدم تويتر فقط. من هناك أنتقل لمتابعة مقطع فيديو على يوتيوب، أنتقل أيضاً إلى موقع صحيفتكم لأقرأ الأخبار التي تضيفون روابطها وعناونينها على تويتر، في نهاية الأمر تويتر جزء من معادلة الاستخدام، لكننا نستخدم كل شيء من دون توقف». يبقى المقلق ربما بالنسبة للمستخدم اليومي في السعودية هو قدرة الشبكات على تحمل الضغط: هل ستنهار شبكاتنا يوماً نتيجة للضغط العالي؟ يجيب مدير أريكسون الشرق الأوسط: «من المستحيل أن يحدث ذلك، الشبكات في بلادكم تتطور بناء على تطوركم، يعرف المشغلون أنهم إذا ما أرادوا الحفاظ على أرباحهم أو تحقيق المزيد منها عليهم تطوير الخدمات التي يقدمونها لذلك تتطور التقنيات المستخدمة لتقديم الخدمة يوماً بعد يوم ومعها تتطور تجربة استخدامكم»، ويضيف: «الشركات السعودية تحقق أرباحاً جيدة وهي اليوم قادرة على تطوير البنى التحتية، ما لا تعرفونه هو أن الشبكات في بلادكم أفضل من تلك الموجودة في أوروبا، لا أحد يملك تقنياً تفوق التكنولوجيا المستخدمة في السعودية سوى على حد علمي أميركا ومن بعدها اليابان وكوريا، ستبقون دائماً قادرين على التواصل بأفضل صورة بفضل قوة السوق لديكم». وبما أن حقيقة هوسنا بالتكنولوجيا وقدرتنا على التعاطي معها باتت حقيقة مثبتة، يعود يورولماز ليطرح «أهم العوامل التي يفترض أن يركز عليها المهتمون بتطوير الشرق الأوسط»: «يعرف العالم اليوم كمية البيانات التي يستخدمها سكان الشرق الأوسط، لكن المهم كيفية الاستفادة من تلك البيانات، على المستخدمين اليوم والمهتمين بتطوير دولهم أن يبحثوا عن طرق مفيدة لاستثمار ذلك الاستخدام، فمن المحزن أن تذهب كل الطاقات لاستخدام عابر لا يقدم فائدة تطويرية، ننتظر أن نرى في المستقبل برامج قادرة على تطوير المستخدمين في المنطقة، كما نشاهد اليوم مواقع عالمية مثل فيسبوك وتويتر نتمنى أن نرى في المستقبل مواقع سعودية وعربية ناجحة تثري المستخدم، وتمنح ساعات استخدامه قيمة اجتماعية وفكرية أكبر».