دفعت «كارثة» السيول التي اجتاحت أحياء شرق جدة أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، غالبية أهالي حي قويزة لاسيما المستأجرين، إلى الرحيل منه، بحثاً عن السكن في مواقع آمنة في شمال ووسط المحافظة، خصوصاً وأن لديهم حرية انتقاء المواقع التي يعيشون فيها، على عكس من يمتلك داراً تفرض عليه البقاء فيها، حتى ولو كانت المآسي والويلات التي عاشها إبان الفاجعة، منذ نحو ثلاثة أشهر لا تزال عالقة في ذهنه، متصبراً بالإعانات والتعويضات التي ستصرفها له الجهات المختصة. بدوره قال عبدالإله المالكي «إن الكارثة التي اجتاحت حي قويزة محت الأوقات الجميلة التي عشناها في أرجائه طيلة ربع قرن»، مشيراً إلى أنه يعتزم حالياً الرحيل منه إلى الأحياء الآمنة في المحافظة، بعد أن ألحقت السيول أضراراً جسيمة بالدار التي يستأجرها. وذكر أنه ليس ملزماً على البقاء في الحي لاسيما أنه مستأجر فيه، في ظل معاناة غالبية أطفاله من «فوبيا المطر» التي تجتاحهم كلما تلبدت السماء بالغيوم. بدوره، أفاد هادي السعيد أن أشقاءه رحلوا من الحي منذ أن هدأت الأوضاع والتقطوا أنفاسهم من الفاجعة، فيما هو حالياً يبحث عن دار ملائمة نائية عن السيول للعيش فيها، موضحاً أنه عزف عن شراء منزل في تلك المنطقة (قويزة)، موجهاً بوصلته إلى أحياء الوسط أو الشمال ليمتلك منزلاً فيها. فيما أوضح صاحب مكتب العقار محمد الزهراني أن عملية الهجرة من الحي لم تقتصر على قاطنيه، بل تعدى الأمر إلى الراغبين في الانتقال إلى العروس من خارجها، لافتاً إلى أن من تجبرهم الظروف على السكن في حينا يفضلون العيش في الطوابق العلوية، وهو ما أسهم في تدني أسعار شقق الطوابق السفلية لاسيما في « قويزة». أما المقيم الآسيوي حسين علي ففضّل الانتقال إلى حي الشرفية في وسط المحافظة بعد أتلفت السيول أثاث منزله كافة، مشيراً إلى أنه لن يعود للسكن في قويزة حتى مجاناً، متذكراً الأهوال التي عاشها الأهالي يوم الفاجعة. في المقابل، ذكر عبدالرحمن الحربي أنه من الصعوبة عليه الخروج من قويزة، لاسيما وأنه يمتلك منزلاً فيه، ومن الصعب عليه استئجار منزل في أي حي آخر. وقال: «من الصعب عليّ فراق داري بعد سنين عدة، إضافة إلى أن أوضاعي المالية لا تساعدني على استئجار شقة ب 25 ألف ريال سنوياً»، مفيداً أن غالبية المغادرين من الحي هم من المقيمين أو المواطنين المستأجرين فقط. وألمح إلى أن الكثير من سكان الحي ينتظرون التعويضات التي ستمنحها الدولة للمتضررين لإصلاح منازلهم قبل التفكير في المغادرة أو الهجرة من الحي نهائياً بعد بيع منزله الذي يملكه، مبيناً أن الكثيرين لا يرغبون في العودة إلى الحي بعد أن ارتبط ب«الكارثة». ورأى محمد المطيري الذي يقطن في الحي منذ ثلاثة عقود أنه لاضرورة من مغادرة الحي، لافتاً إلى أن منزله في منأى عن السيول.