على رغم تأكيد وزير التعليم العالي السابق الدكتور خالد العنقري أن الجدوى من برامج الانتساب في الجامعات السعودية ليست بالمستوى المطلوب، وإصدار وزير التعليم الحالي الدكتور عزام الدخيّل قراراً بإيقاف القبول على نظام التعليم الموازي أخيراً، إلا أن الأرقام التي أتاحتها الوزارة أمام الراغبين في الالتحاق بالجامعات السعودية مخالفة لهذه التوجهات وتتفوق الأرقام المتاحة للبرنامجين المزمع إلغاؤهما بما يتجاوز ال50 في المئة على نظام التعليم الإلكتروني الأحدث. وأشار إحصاء وزارة التعليم لهذا العام عن قبول 78 في المئة من المتقدمين إلى الجامعات الحكومية ال28، بما يقارب ال230 ألف طالب وطالبة في مرحلة البكالوريوس، من دون توضيح للتخصصات التي تم قبولهم فيها. وكشف الإحصاء الصادر عن وزارة التعليم لأعداد المقبولين في الجامعات السعودية لهذا العام عن قبول 20.535 طالباً وطالبة بنظام الانتساب، و3057 طالب وطالبة بنظام التعليم الموازي جميعهم لمرحلة البكالوريوس، في الوقت الذي لم يتم قبول أي طالب أو طالبة بنظام التعليم الإلكتروني حتى الآن. وبيّن الإحصاء (اطلعت «الحياة» عليه) إتاحة الوزارة ل41.967 مقعداً لنظامي الانتساب والتعليم الموازي لمرحلة البكالوريوس في مقابل 15.480 مقعداً لنظام التعليم الإلكتروني، موضحة أن نسبة المقبولين في نظام التعليم الموازي لمرحلة البكالوريوس تجاوزت 86 في المئة من إجمالي المقاعد المُخصصة، فيما تصل نسبة من تم قبولهم في نظام الانتساب إلى 44 في المئة. من جهته، أوضح الاختصاصي الاقتصادي فضل البوعينين أن ما يصدر عن وزارة التعليم في الغالب غير دقيق، وعبارة عن قرارات متسرعة، مبيّناً أن برامج الانتساب والتعليم الموازي أثبتت جدواها، ومضيفاً: «العلم من أجل العلم يجب أن يكون متاحاً للجميع، إذ إن معظم أبناء الوطن تمنعهم ظروفهم المادية من الالتحاق بمقاعد الدراسة بعد المرحلة الثانوية، ما يضطرهم إلى التوجه للوظيفة، على رغم وجود دافع ورغبة في إكمال تعليمهم، ومثل هذه البرامج تكون خياراً مناسباً لهم». وأكّد في حديثه ل«الحياة» غياب الرؤية الإستراتيجية عن وزارة التعليم، مبيناً أن غالب القرارات التي تصدر عن الوزارة تكون وفق خطة ورؤية الوزراء الذين تعاقبوا على الوزارة، من دون العمل على رؤية إستراتيجية تتبناها الوزارة، ويقتصر دور الوزير على تنفيذها. وأفاد بأن كل وزير يضع خطته وفق تصوره الشخصي وعدد من المستشارين الخاصين به، فيما أثبتت التجارب العالمية أن انتشال التعليم يتطلب خططاً طويلة المدى، تضعها الحكومة مستعينة بالتجارب الناجحة للدول المتقدمة في المجال ولا تتغير بعد تغيير الوزير، إذ إن الوزير يكون مُنفذاً لهذه الخطط، مستشهداً بتجربتي سنغافورةوكوريا الجنوبية في هذا المجال، بوضعها خططاً متكاملة وتطبيقها على مدى عقود من الزمان، إذ احتاجت كوريا الجنوبية إلى عقدين من الزمان لتطوير التعليم. وأكّد البوعينين أن معظم مشاريع التعليم عبارة عن ظاهرة صوتية، مضيفاً: «نسمع أحاديث عن تطوير التعليم، فيما المخرجات لا تزال متدنية حتى الآن». وأشار إلى أن الأرقام الكبيرة التي تعلنها وزارة التعليم عن القبول في الجامعات الحكومية تركز على الكم وليس الكيف، لافتاً إلى أن عدد المقاعد في التخصصات التي يحتاجها سوق العمل لا تزال قليلة، مقارنة بالتخصصات النظرية التي يجدر بالقائمين على القبول إغلاقها أو تقليص مقاعد القبول فيها، والتركيز على التخصصات العلمية والطبية. وحاولت «الحياة» التواصل مع المتحدث الرسمي في وزارة التعليم مبارك العصيمي، بيد أنها لم تتلق أي رد.