أظهر التحليل الاقتصادي لمجموعة QNB أن معدل التضخم في مؤشر أسعار المستهلك (CPI) في قطر شهد انخفاضاً خلال الأشهر الأخيرة، إذ كان أحدث معدل يتم تسجيله للتضخم 1.4 في المئة في شهر حزيران (يونيو) الماضي، أي بانخفاض من الذروة 3.8 في المئة التي بلغها في شهر آب (أغسطس) 2014. وقال التحليل الأسبوعي الصادر اليوم إن هذا التراجع شمل جميع مكونات مؤشر أسعار المستهلك، غير أن انخفاض أسعار المواد الغذائية كان له الدور الأبرز في الاتجاه التنازلي الأخير. وأعاد التراجع في معدل تضخم أسعار المواد الغذائية على المستوى المحلي إلى الانخفاض المستمر في أسعار الغذاء العالمية منذ عام 2012، متوقعاً لهذا الانخفاض في أسعار المواد الغذائية العالمية أن يصل إلى أدنى مستوى له في عام 2015 بسبب ارتفاع النمو العالمي وانتعاش أسعار النفط. وتوقع نتيجة لذلك، أن ترتفع أسعار المواد الغذائية في قطر بشكل طفيف في عام 2015 وأن ترتفع بقوة خلال العامين القادمين بحوالي 2.0 إلى 2.6 في المئة. وأضاف أن أسعار المواد الغذائية العالمية شهدت اتجاهاً نزولياً منذ الذروة التي وصلتها في صيف عام 2012. وانخفض مؤشر البنك الدولي لأسعار المواد الغذائية، الذي تم تصميمه على مقاس الدول الناشئة، بنسبة 27.6 في المئة منذ أغسطس 2012 الذي بلغت فيه هذه الأسعار أعلى مستوى لها. ورأى أن ثلاثة عوامل أسهمت في هذا التراجع، وأولها تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي الذي تراجع إلى معدل سنوي بلغ 3,4 في المئة منذ عام 2012، بانخفاض من معدل 5.4 في المئة في عام 2010 و4.2 في المئة في عام 2011. فيما يكمن العامل الثاني في تراكم المخزون من المواد الغذائية الذي فاق الطلب، إذ إن نسبة المخزون إلى الاستهلاك لا تزال آخذة في الارتفاع بالنسبة للقمح والذرة، وعلى رغم أن هذه النسبة تشهد انخفاضاً بالنسبة للرز فإنها تظل أعلى بكثير من المستويات المنخفضة للسنتين 2006 و2007، كما أن الظروف الجوية المواتية أسهمت في ارتفاع العرض بصورة إيجابية. أما العامل الثالث فمرتبط بالانخفاض الأخير في أسعار النفط الذي ساعد في خفض أسعار المواد الغذائية بالنظر إلى اعتماد القطاع الزراعي على الطاقة بشكل كبير. وتوقع التحليل الاقتصادي لمجموعة QNB أن تستمر هذه العوامل الثلاثة في لعب دور مهم في ما يتعلق بأسعار المواد الغذائية الدولية مستقبلاً، إذ يتوقع للنمو العالمي أن يرتفع إلى حوالى 3.8 في المئة خلال العامين 2016-2017، وفقاً لأحدث تقييم لصندوق النقد الدولي. كما يُتوقع لأسعار النفط أن تصل إلى أدنى مستوى لها في عام 2015 قبل أن تنتعش في وقت لاحق مع بدء تأثر المعروض بتقلص الاستثمار في النفط الصخري في الولاياتالمتحدة. وبناء على ذلك، يتوقع البنك الدولي أن تنخفض أسعار الغذاء العالمية بنسبة 9,8 في المئة في عام 2015 قبل أن ترتفع ارتفاعاً طفيفاً (0.8 في المئة) خلال 2016-2017. ويتوقع مع المخزون الحالي الكبير من المواد الغذائية أن يأتي الارتفاع الأولي في الأسعار معتدلاً. وأكد التحليل أن لأسعار المواد الغذائية الدولية آثارها في دولة قطر التي تستورد معظم حاجاتها الغذائية من الخارج، وهو ما يعني أن العنصر الغذائي من مؤشر أسعار المستهلك في قطر، الذي يشكّل 12.6 في المئة من سلة المؤشر، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمؤشر أسعار الغذاء للبنك الدولي. وتوقع في حال استمرت العلاقة التاريخية بين الأسعار المحلية والدولية، أن ترتفع أسعار المواد الغذائية المحلية ارتفاعاً طفيفاً فقط في عام 2015 (0.2 في المئة) قبل أن ترتفع أكثر في عام 2016 (2.1 في المئة) و2017 (2.6 في المئة). واعتبر أن أسعار المواد الغذائية في قطر ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأسعار العالمية، إلا أن هناك عواملاً تحول دون ظهور تأثير الأسعار العالمية بالكامل في الاقتصاد المحلي، وتشمل هذه العوامل النقل والتصنيع وتكاليف البيع بالتجزئة وكذلك السياسات الداخلية التي تحد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية. وفيما لفت إلى إدراج هذه العوامل في توقعاته لمستقبل الأسعار، رأى التحليل أن هذه التوقعات في شأن أسعار المواد الغذائية في قطر قد تكون عرضة لمفاجآت يتمثل أبرزها في الطقس الذي يعتبر أكبر مصدر لعدم اليقين، ويمكنه أن يؤدي إلى انحراف كبير عن توقعات البنك الدولي لأسعار الغذاء العالمية.