يواجه مسار السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني (PKK) عثرات متزايدة، رغم الجهود البرلمانية الرامية لإيجاد حل سياسي وقانوني، ينهي نزاعاً مسلحاً استمر لأكثر من أربعة عقود منذ اندلاع القتال عام 1984. وأثار منع نساء كرديات من إلقاء كلمات بلغتهن الأم داخل البرلمان موجة استياء بين النواب الأكراد، حيث اعتبروا الخطوة إشارة سلبية، توحي بعدم جدية أنقرة في المضي نحو تسوية تتجاوز المقاربة الأمنية. وكانت تلك النساء، المعروفات باسم "أمهات السبت" اللواتي يتظاهرن منذ ثمانينيات القرن الماضي للمطالبة بكشف مصير أبنائهن المعتقلين، قد مُنعن من الحديث بالكردية خلال جلسة برلمانية الأسبوع الماضي. وأوضحت مصادر أن الخلافات لا تقتصر على هذا الجانب، بل تمتد إلى ملف زيارات وفود كردية لمؤسس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، المعتقل في جزيرة إيمرالي؛ إذ تتهم شخصيات كردية وزارة العدل التركية بالمماطلة في تنظيم هذه اللقاءات، رغم أن أوجلان سلّم أخيراً رسالة جديدة إلى وفد زاره، لم تُكشف تفاصيلها بالكامل بعد. وتعمل اللجنة البرلمانية المكونة من 51 عضواً، بينهم خمسة نواب من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب المؤيد للأكراد، على صياغة توصيات بشأن الحل الدستوري والسياسي للقضية الكردية، مع موعد نهائي قبل أكتوبر المقبل. ومن المنتظر أن يناقش البرلمان التركي عقب العطلة الصيفية تعديلات دستورية تتعلق بالاعتراف الرسمي باللغة الكردية وضمان الحقوق الدستورية للأكراد، لكن عمل اللجنة يواجه اعتراضات عدة؛ فالحزب الكردي يرفض حصر مهامها في ملف نزع سلاح حزب العمال الكردستاني، وهو ما تطالب به الحكومة التركية. ويشير قياديون في الحزب إلى أن عملية السلام يجب أن تشمل اعترافاً أوسع بالحقوق السياسية والثقافية للأكراد، إضافة إلى إشراك أوجلان بشكل مباشر في قيادة المفاوضات، وتحسين ظروف سجنه؛ بما يسمح له بالتواصل مع البرلمان والرأي العام. وكانت اللجنة قد شُكّلت في أغسطس الماضي عقب نداء وُصف ب"التاريخي" أطلقه أوجلان في فبراير تحت عنوان "من أجل السلام والمجتمع الديمقراطي"، دعا فيه إلى حل الحزب ونزع سلاحه. وقد شهد يوليو الماضي إحراق عشرات المقاتلين الأكراد؛ بينهم قيادات بارزة، أسلحتهم في مراسم رمزية قرب مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق.