إن الواجب على المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن، تحمل المسؤولية القانونية والإنسانية والأخلاقية في مسألة إعادة إعمار قطاع غزة، وذلك بإجبار إسرائيل على تحمل التبعات المادية والمالية حتى يصبح القطاع قابلاً للحياة الإنسانية كما كان قبل تدميره من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية.. في 15 أكتوبر 2025م، نَشر الموقع الرسمي للأمم المتحدة تقييماً للحالة التي وصلت لها الأوضاع في قطاع غزة، وللمبالغ التقديرية المطلوبة لإعادة بناء ما دمرته الاعتداءات الإسرائيلية على مدى العامين الماضيين مُنذُ 7 أكتوبر 2023م، وقد تضمن هذا التقييم، الآتي: "قال مسؤول أممي إن إعادة إعمار قطاع غزة ستتطلب نحو 70 مليار دولار، وفقًا لتقييم الاحتياجات العاجلة الذي أجرته الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، وإن هذا يعني أن هناك حاجة إلى 20 مليار دولار لهذا الغرض في السنوات الثلاث المقبلة. وسلط جاكو سيلييرس الممثل الخاص للمدير العام لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي لبرنامج مساعدة الشعب الفلسطيني الضوء على تحدي إزالة الكم الهائل من الأنقاض والركام في القطاع. وأوضح لوكالات الأممالمتحدة في جنيف، أن حجم الدمار في غزة هائل، مضيفًا: من المروع حقًا أن نرى الدمار بأعيننا؛ أن نرى عائلات تحفر بين الأنقاض بحثًا عن ممتلكاتها، وأن نرى أطفالًا صغارًا يبحثون عن الماء والطعام، بينما من المفترض أن يكونوا في المدارس". نعم، إنه دمار شامل وكارثة إنسانية عظيمة تلك التي حدثت في قطاع غزة، والتي دعت رئيس الولاياتالمتحدة الأميركية دونالد ترمب لأن يضع مسألة إعادة الأعمار ضمن خطته للسَّلام التي نشرت بنودها وسائل الاعلام العالمية، ومنها CNN، في 30 ستبمبر 2025م، حيث أشارت في البند ثانياً بالآتي: "سيتم إعادة تطوير غزة لصالح سكان غزة الذين عانوا ما يكفي"، وأشارت في البند سابعاً بالآتي: "إعادة تأهيل البنية التحتية (المياه والكهرباء والصرف الصحي)، وإعادة تأهيل المستشفيات والمخابز، وإدخال المعدات اللازمة لإزالة الأنقاض وفتح الطرق، وأشارت في البند تاسعاً بالآتي: "وستضع هذه الهيئة الإطار وتتولى تمويل إعادة تطوير غزة"، وأشارت في البند عاشراً بالآتي: "سيتم وضع خطة ترمب للتنمية الاقتصادية لإعادة بناء غزة وتنشيطها"، وأشارت في البند التاسع عشر بالآتي: "مع تقدم إعادة إعمار غزة". وإذا كانت هذه الإشارات المُتكررة لإعادة إعمار قطاع غزة مسألة غاية في الأهمية حتى دفعت الأممالمتحدة لأن تضعها في تقييمها لأوضاع قطاع غزة، ودفعت رئيس الولاياتالمتحدة لأن يضعها في خطته للسَّلام التي اعتمدت بالتوقيع عليها في "قمة شرم الشيخ للسلام" في 13 أكتوبر 2025م، إلا أن هاتان الجهتان الدولتيان لم توضحا الجهة التي يجب عليها تحمل مسؤولية إعادة إعمار قطاع غزة على الرغم من معرفتهما، ومعرفة المجتمع الدولي، بالطرف المُتسبب بالدمار الشامل والكارثة الإنسانية القائمة في قطاع غزة والمتمثل بقوات الاحتلال الإسرائيلية. نعم، إن الواجب القانوني، والإنساني، والأخلاقي، يفرض على جميع أطراف المجتمع الدولي تحميل إسرائيل جميع التبعات السياسية والاقتصادية والمادية والمالية وغيرها من تبعات، وتحميلها المسؤولية الكاملة أمام الرأي العام الدولي، بسبب استخدامها غير المشروع لقواتها المسلحة تجاه المنشئات المدنية والسكان المدنيين في قطاع غزة، وإجبارها على تحمل كافة التكاليف المادية والمالية المطلوبة لإعادة إعمار قطاع غزة كونها المتسبب الرئيس والمسوؤل الوحيد عن التدمير الشامل والكارثة الإنسانية التي حدثت في قطاع غزة. وفي الختام من الأهمية القول، إن الواجب على المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن، تحمل المسؤولية القانونية والإنسانية والأخلاقية في مسألة إعادة إعمار قطاع غزة، وذلك بإجبار إسرائيل على تحمل التبعات المادية والمالية حتى يصبح القطاع قابلاً للحياة الإنسانية كما كان قبل تدميره من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية بعد 7 أكتوبر 2023م. نعم، إن عدم تحميل إسرائيل تبعات ممارساتها الإرهابية والإجرامية التي تسببت بالكارثة الإنسانية والتدمير الشامل في قطاع غزة، وعدم إجبارها على إعادة إعمار قطاع غزة، يُذكرنا بعصور الاستعمار الغربي عندما تُجبَر الشعوب المسلوبة والمظلومة على دفع تكاليف تنمية وبناء جيوش ومُجتمعات المُستعمرين، مع حرصهم على إبقاء المُجتمعات المُحتلة أكثر فقراً وأقل تنميةً.