مع اشتداد برودة الطقس في أوكرانيا، تستعد البلاد لشتاء قاسٍ جديد يرافقه شبح انقطاع الكهرباء والمياه، بعد تصاعد الهجمات الروسية المركّزة على البنية التحتية للطاقة. وفي حين يواجه المدنيون خطر البرد والعتمة، تصعّد أوروبا تحركاتها الدبلوماسية والاقتصادية لزيادة الضغط على موسكو، في محاولة لدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نحو تسوية سياسية تُنهي الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات. تحركات مكثفة في حين تتزايد الضربات الروسية، تسعى أوروبا لتكثيف الضغط السياسي والاقتصادي على موسكو. واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وزعماء أوروبيون عدة، الرئيس الروسي بمحاولة كسب الوقت من خلال المماطلة في المفاوضات، مؤكدين رفضهم أي صفقة سلام تتضمن تنازلات إقليمية. وقال بيان مشترك لثمانية زعماء أوروبيين ومسؤولين من الاتحاد الأوروبي إنهم سيواصلون العمل على استخدام الأصول الروسية المجمدة في الخارج لدعم أوكرانيا ماليًا وعسكريًا. كما أكد البيان الالتزام بمبدأ «عدم تغيير الحدود الدولية بالقوة»، مشددًا على أن أي تسوية يجب أن تُعيد السيطرة الأوكرانية على أراضيها. وعلى الرغم من تلميحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى إمكان التوصل إلى اتفاق سلام يعتمد على خطوط التماس الحالية، فإن القادة الأوروبيين يرفضون أي صيغة تؤدي إلى تقسيم أوكرانيا. وقالوا: «بوتين يواصل اختيار العنف والدمار، ويجب أن يتعرض لضغوط متصاعدة حتى يقبل بالسلام». ومن المقرر أن تناقش قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل فرض عقوبات إضافية على روسيا، تشمل صناعات الطاقة والدفاع، بينما ستستضيف لندن نهاية الأسبوع اجتماعًا لتحالف دعم أوكرانيا، المكوّن من 35 دولة. هجمات موسكو أفادت السلطات المحلية بأن الضربات الروسية الأخيرة تسببت في انقطاع الكهرباء والماء والغاز بمناطق واسعة شمال البلاد، ولا سيما في سومي وتشيرنيهيف، حيث لا تتوافر الكهرباء إلا ساعات محدودة في اليوم. ويعتمد السكان على المولدات الصغيرة ومحطات التدفئة المجتمعية، في وقت يتزايد فيه نقص الوقود والموارد. وقال رئيس بلدية شوستكا، ميكولا نوها، إن الجهود المبذولة لإصلاح الشبكة الكهربائية تُقابل بهجمات متكررة تُدمر ما يتم ترميمه، مضيفًا: «نُصلح اليوم ما يُقصف غدًا، ولا يمكننا التنبؤ متى يعود الظلام». وفي المستشفيات، تعمل المولدات بطاقة محدودة لتغذية الأجهزة الطبية الأساسية، وتستهلك يوميًا كميات ضخمة من الوقود تُثقل الميزانية المحلية. وفي جناح غسل الكلى، خيّم الظلام بعد احتراق إحدى الوحدات بسبب انقطاع التيار، ما اضطر الطاقم إلى تقليص أعداد المرضى في كل جلسة علاج. تكتيكات جديدة يؤكد محللون أن موسكو غيّرت تكتيكها هذا العام، إذ باتت تستهدف مناطق محددة بدل الشبكة الوطنية ككل، مركزةً على منشآت الغاز ومحطات التحويل القريبة من الجبهات. ويقول مدير مركز أبحاث الطاقة الأوكراني، أوليكساندر خارتشينكو، إن القوات الروسية «تستغل نقاط الضعف المحلية، وتنفذ ضربات دقيقة بطائرات مسيرة أكثر تطورًا». وفي حين فشلت محاولات العام الماضي في شلّ شبكة الكهرباء، فإن الكثافة العالية للهجمات الحالية جعلت مناطق بأكملها بلا كهرباء ثابتة، خصوصًا في تشيرنيهيف وسومي وبولتافا. وأوضح خارتشينكو أن الروس يرسلون أسرابًا من الطائرات المسيرة تتجاوز قدرات الدفاع الجوي، مضيفًا: «الضربات الأخيرة ضاعفت الضغط ثلاث مرات مقارنة بالعام الماضي». وعلى الرغم من كل ذلك، تواصل فرق الإصلاح الأوكرانية العمل تحت القصف، وتنتقل بين المواقع المتضررة لإعادة التيار جزئيًا. وقال فني الكهرباء بوهدان بيلوس: «نحن نقاتل من أجل الضوء. هذه مهمتنا ولن يتولاها أحد غيرنا». البنية التحتية مع اقتراب موسم الصقيع، تستعد السلطات الأوكرانية لسيناريوهات الأسوأ. ففي تشيرنيهيف، تعمل محطات التحويل بنصف طاقتها بعد ضربات الطائرات المسيرة التي اخترقت التحصينات الرملية. وأكد نائب مدير شركة الطاقة المحلية، سيرهي بيريفيرزا، أن الإصلاحات ستستغرق أسابيع طويلة حتى في حال توقف الغارات، مضيفًا: «العام الحالي هو الأصعب منذ بداية الحرب». من جانب آخر، أشار خارتشينكو إلى أن روسيا أصبحت قادرة على إطلاق مئات الطائرات المسيرة في وقت واحد، ما يمنحها ميزة تكتيكية كبيرة في السيطرة على مواقع الطاقة المحلية، خاصة في المناطق القريبة من خطوط التماس. خطط أوروبا لإرغام بوتين على السلام: استخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل دعم أوكرانيا. فرض عقوبات جديدة على الصناعات الدفاعية والطاقة الروسية. تكثيف الدعم العسكري والاقتصادي لكييف. تعزيز وحدة الموقف الأوروبي ضد التنازلات الإقليمية. تنظيم مؤتمرات دولية لتحالف دعم أوكرانيا لتنسيق الضغوط على موسكو.