ناقشت دارة الملك عبدالعزيز دور الوثيقة التاريخية في صياغة الوعي التاريخي الوطني، وذلك ضمن جهودها المستمرة؛ لتعزيز الثقافة الوثائقية، وأهميتها في بناء المعرفة، وصياغة الذاكرة الوطنية. جاء ذلك خلال جلسة حوارية عقدتها الدارة مساء أمس (السبت) عبر الاتصال المرئي، بعنوان:"الوثيقة التاريخية: القراءة، والتوظيف، والإمكانات"، ضمن فعاليات مبادرة "وثائق الدارة"، قدم خلالها أستاذ التاريخ الحديث المختص في مجال الوثائق الدكتور عبداللطيف بن محمد الحميد، بإدارة أستاذ الأدب والنقد الدكتور محمد بن عبدالعزيز الفيصل، رؤى علمية ومعرفية حول مكانة الوثيقة التاريخية، ومنهجيات التعامل معها. وتناولت الجلسة أهمية تحديد مفهوم الوثيقة التاريخية، وموقعها ضمن سياق الحقب الزمنية، ومكانتها بين بقية المصادر المعرفية، مع استعراض نماذج من أبرز الأرشيفات العالمية، التي تُعنى بالحفظ والإتاحة. وتطرقت إلى منهجيات قراءة الوثيقة، من حيث فهم النص، وتحليل أسلوبه، وتحقيق الحياد عند التعامل معه، وطرح الأسئلة المناسبة التي تُعين على كشف دلالاته؛ كالزمن الذي كُتب فيه والمكان، بالإضافة إلى التعمق في دراسة المفردات، وتراكيب الجمل؛ لفهم أبعاد السياق الأصلي الذي كُتبت فيه. وتناولت الجلسة أساليب توظيف الوثيقة التاريخية في البحث العلمي، واستعادة أحداث الماضي، والتأكيد على دور الوثائق في توجيه الباحثين إلى مسارات دقيقة من المعرفة، ودعم عمليات التملك، وتوثيق الاتفاقيات، فضلاً عن دورها الحيوي في ترسيخ الهوية الوطنية، وصيانة الذاكرة المحلية للمجتمعات. وتطرق الحديث، إلى الوثائق التاريخية، وقدرتها على الإفصاح عن تفاصيل غير مطروقة من قبل، ما يفتح آفاقًا جديدة في فهم الوقائع وتحليلها بطريقة أكثر عمقًا. واختُتمت الجلسة بالحديث عن جهود دارة الملك عبدالعزيز في جمع الوثائق من مختلف الجهات داخل المملكة وخارجها، والعمل على إتاحتها عبر الوسائط الحديثة، بما يكرّس رسالتها في خدمة البحث التاريخي، ويعزز من حضور الوثيقة كأداة أصيلة في بناء المعرفة الوطنية. تأتي هذه الجلسة امتدادًا للأنشطة العلمية التي تنظمها"الدارة" ضمن المبادرة المعرفية والمجتمعية الموسومة ب"وثائق الدارة"، التي تتيح الوثائق التاريخية ذات القيمة والأثر بعد حفظها، وفهرستها، ورقمنتها، عبر بوابة بحثية وخدمات رقمية متكاملة؛ لتمكين الباحثين والمهتمين من الوصول إلى مصادر موثوقة، تُعزز الوعي بالتاريخ الوطني، وتدعم البحث العلمي.