وسط استمرار المعارك العنيفة بين الجيش والدعم السريع في السودان، قتل أكثر من 20 مدنيًا على الأقل وأصيب العشرات، أمس (الثلاثاء)، بسبب عمليات القصف المتبادل التي طالت أحياءً في أم درمان القديمة غربي العاصمة السودانية الخرطوم؛ وفقًا لما أعلنته السلطات الصحية. وقال متطوعون يعملون في مستشفى "النو"، وهو أحد المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل بأم درمان: إن أعداد الجرحى تتزايد بشكل كبير في ظل شح كامل بالمستلزمات الطبية. ومع إكمال الحرب شهرها الرابع، احتدت شدة القتال بين الطرفين اللذين يتبادلان الاتهامات بشأن المسؤولية عن القصف المستمر، الذي طال عددًا من الأحياء السكنية في مدينة أم درمان، ما أدى إلى تزايد موجات النزوح الجماعي لسكان الأحياء المتضررة. ومنذ بداية القتال في الخامس عشر من أبريل الماضي، اضطر أكثر من مليوني شخص من سكان العاصمة الخرطوم إلى مغادرة منازلهم، في ظل ظروف إنسانية وأمنية بالغة التعقيد. وبحسب أحدث تقرير للأمم المتحدة، فقد أدى القتال إلى مقتل أكثر من 4500 شخص حتى الآن. وأجبر نحو 3.9 مليون من سكان الخرطوم وولايات دارفور إلى النزوح داخليًا أو عبور الحدود إلى بلدان أخرى. وتجددت المخاوف من انتشار الأوبئة في البلاد؛ إذ حذّرت منظمة إغاثية، أمس، من خطر تفشّي الأمراض؛ نتيجة تحلّل جثث القتلى في شوارع الخرطوم التي مزّقتها الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأفاد بيان صادر عن منظمة" انقذوا الأطفال" التي يقع مقرّها في لندن، أن آلاف الجثث تتحلّل في شوارع الخرطوم، مشيرة إلى عدم سعة المشارح لحفظ الجثث من ناحية، وتأثير انقطاع الكهرباء المستمر على نظم التبريد. كما نبهت إلى أن ذلك قد يعرّض العائلات والأطفال لخطر متزايد من الأمراض. ونقلت المنظمة عن نقابة الأطباء السودانية قولها: " لم يتبق أي طاقم طبي في المشارح، تاركين الجثث مكشوفة على حالتها". ويعاني السودانيون من أوضاع إنسانية صعبة، وموجة نزوح كبيرة للمواطنين من الأحياء السكنية في الخرطوم، مع اتساع رقعة الاشتباكات، وتنقل جهود الحل بين العواصم. وأفاد شهود عيان بأن الاشتباكات العنيفة التي اندلعت أمس جنوبي العاصمة الخرطوم، أجبرت المدنيين على الهروب من منازلهم. وطبقًا لهؤلاء، فإن أحياء "جبرة" و"الصحافة" و"الشجرة"، و"مايو" و"الأزهري" "وسوبا" جنوبي العاصمة، شهدت اشتباكات مسلحة وقصفًا مدفعيًا؛ ما أدى إلى تدمير منازل، الأمر الذي أجبر المدنيين على الهروب، على وقع تحليق مكثف للطيران الحربي، والقصف المدفعي. كما شهدت مدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم، اشتباكات عنيفة خاصة في أحياء "كافوري"، "والكدرو" و"الحلفايا"؛ ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الإنسانية، وتضرر منازل المواطنين إثر القصف العشوائي.