✒الإنسان دائماً يحب أن يعيش في محيط الأسرة وبين الأهل والأصدقاء والأقارب، لكن ظروف الحياة قد تضطره إلى أن يعيش فترة من الزمن خارج الوطن بعيداً عن الأهل والأحبة بسبب البحث عن العمل ومصدراً للرزق نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الكثير من الأسر في المجتمع العربي. ولا يخفي الكثير من المغتربين سراً بأن الغربة حلت لكثير من مشكلاتهم المالية وتحسين وضع أسرهم المعيشي للأفضل، لكن الغربة لم تخلُ من متاعب نفسية أو اجتماعية أو صحية عاشوها أو مازال يعانون منها في بلد الغربة، غير أن هناك العديد من المتاعب تتلقاها الزوجة في تعويض غياب الزوج، وربما تحصل فجوة كبيرة بين الأب وأبنائه الذين يرونه شهر أو شهرين كل عام أو عامين .. أنقل لكم قصة مغترب يمني ترك زوجته وطفلته قبل سنوات لأجل توفير لقمة العيش بعد أن ضاق به الحال في بلده بعد الحرب، وكانت له طفلة اسمها نوف وكانت مريضة بحمى الضنك، وعندما أخبرتها أمها أن والدها سيعود من الغربة بعد غياب دام طويلاً، ضحكت، بل وطارت فرحاً بعودة والدة من الغربة، ثم طلبت الطفلة نوف من أمها أن تنقّشها بالحناء استقبالاً لأبيها عند وعدته .. وباتت الطفلة المسكينة وهي تحلم بعودة والدها من الغربة، لكن حرارة الطفلة المرتفعة ومرضها جعلها تنام والبسمة مرسومة على فمها، ونامت الطفلة وهي تحلم بتلك الهدايا التي سيجلبها والدها وكيف سيكون اللقاء بأبيها بعد سنوات مضت .. نامت الطفلة لكن لم تصحو لأن الموت كان أقرب وأسرع، فقد فتك بها حمى الضنك قبل أن تحتضن والدها وقبل أن تفرح بهديتها، وقبل أن ترى نقشة الحناء في يديها، ماتت الطفلة ومسكين والدها الذي اغترب من أجل توفير حياة سعيدة لأسرته، لكن الموت حال بينهما .. ترويقة: الغربة لا تحصل إلا عندما تضيق بالإنسان ظروف العيش بأن لا يجد عملاً في وطنه وتضيق به رحابة الزمان والمكان عن توفير لقمة الخبز اليابسة لأسرته يصبح الرحيل المر والخيار المتاح لتبية احتياج الأسرة من مستلزمات الحياة وضرورياتها هو الاغتراب .. ومضة: الغربة لها ثمن.. فالغربة ألمٌ وعذابٌ، أرقٌ واكتِئابٌ، حُزنٌ وبكاءٌ، تعبٌ وشقاء!! هذا هو حال المغترب عن أهله ووطنه وأحبابه، باختصار من غير أن أُرهق تفكيركم هي حالة لا يعرفها إلا من ذاق مرارة الاغتراب ..